شرح فصول ابقراط
شرح فصول أبقراط
ژانرها
[aphorism]
قال * أبقراط (2) : إذا كان النوم في مرض من الأمراض يحدث وجعا فذلك من علامات الموت، وإذا كان * النوم (3) * ينفع (4) فليس ذلك من علامات الموت.
[commentary]
الشرح: ها هنا مباحث عشرة.
البحث الأول
في بيان حقيقة النوم قد علم أن قوى البدن جسمانية لأنها حالة في جوهر * جسماني (5) هو الروح، والروح جوهر لطيف متولد عن لطيف الدم وبخارة. فالقوى المذكورة حالة في الجوهر المذكور ولذلك صارت السدة * الحادثة (6) في مجاري هذا الجوهر مانعة للقوة المذكورة من النقوذ على ما دل عليه الاستقراء الطبي. فإذا انصب هذا الجوهر إلى الحواس الظاهرة واستعملت القوة الحالة فيه لآلات هذه الحواس فهذا الزمان يسمى * زمان (7) اليقظة، وإذا مال إلى الباطن وترك هذا الاستعمال فهذا الزمان يسمي زمان النوم. ولذلك * قال (8) أبو سهل المسيحي في العشرين من كتابه: النوم هو إمساك القوى النفسانية عن أفعالها. ومراده هاهنا بالأفعال أفعال الحواس الظاهرة وإلا فأفعال القوى الطبيعية تقوى في حالة النوم على ما بان وأفعال الحواس الباطنة لم تتعطل، وكذلك أفعال القوة الحيوانية. وقال الشيخ * الرئيس (9) في ثالث * القانون (10) : النوم عبارة عن رجوع الحراره الغريزية إلى الباطن طلبا لإنضاج الغذاء و يتبعها الروح النفسانية لاضطرار الخلاء. وقال ابن أبي صادق في شرحه الكبير لمسائل حنين: النوم هو ترك انفس لاستعمال الحواس طلبا رلإجمام. ومراده بالحواس هاهنا الظاهرة على ما عرفت PageVW1P024B غير أنه يجب أن تعلم أن النوم على ثلاثة أنواع: طبيعي وليس بطبيعي وخارج عن المجرى الطبيعي. فالطبيعي هو الكائن عقيب استعمال الطعام والذي ليس بطبيعي هو الكائن عقيب التعب طلبا للراحة والخارج عن المجرى الطبيعي هو السبات ومثل هذا النوم ليس كلامنا فيه. وأما الأول والثاني فلكل واحد منهما أسباب أربعة:مادي وصوري وفاعلي وغائي. فالمادي هو الرطوبة الغريزية فإنها عند ما تمتنع من التحلل ترخو الإعصاب والعضلات * فتسد (11) مجاري الروح وحينئذ يتعذر على الجوهر الروحي النقوذ * في (12) مجاريه. والصوري فهو وقته ومقداره وشكله. أما وقته فهو بعد استعمال الغذء المرطب. وأما مقدراه فهو إلى حين انهضام الغذاء الكائن في المعدة. وأما شكلة فهو أن يكون أولا على * الجانب (13) الأيمن ثم على الأيسر ثم على * الأيمن (14) . وقد أوضحنا * علة (15) هذا في شرحنا لكليات القانون حيث تكلمنا في حفظ الصحة بالنوم. والفاعل فهو * الطبيعة (16) المدبرة للبدن طلبا لما ذكرنا. والغائي فهو نضج الغذاء والفضلات المحتاج إلى نضجها وراحة * القوى (17) النفسانية.
البحث الثاني:
في كيفية حدوثه. قد علمت أن * في (18) البدن رطوبات PageVW5P055B * تسمى رطوبات (19) غريزية. فهذه الرطوبات إذا حصل السكون وامتنعت من التحلل واجتمعت في الباطن وأرخت آلة ألحس والحركة الإرادية انطبقت أجزاؤها بعضها على بعض وحينئذ يتعذر نفوذها في مجاريها على ما ينبغي . ولذلك صار يحصل الكسل والعجز عن الحركة في مثل هذا الوقت حتى أن الإنسان في مثل الوقت يسقط إلى الأرض ثم يحصل تمط ثم نعاس ثم نوم.
البحث الثالث:
في بيان الحاجة إلى النوم وذلك من وجوه ثلاثة أحدها لأجل هضم الغداء أو توزيعه على الأعضاء ونضح ما يحتاج إلى نضحه. وذلك لأن النضح أثر فله مؤثر وكل مؤثر في شيء * ما (20) كان هو وما يؤثر فيه ساكنين أمكنة التأثير فيه بالمقدار الذي يجب. وأيضا فإنك * قد (21) عرفت أن الحرارة الغريزية آلة للقوى البدنية في أفعالها لا سيما الطبيعية وهي في حال النوم يتوفر في الباطن عند محل الطبخ والهضم وإلا حالة. ولذلك صار النائم يحتاج * إلى دثار (22) أكثر * ما يحتاج إليه (23) وهو * يقظان (24) بل لو شرط بعض أطرافه في ذلك الوقت لم يخرج له دم لميلانه صحبة القوة والحرارة الغريزية إلى الباطن لأنه * مادتمها (25) . وثانيها أنه يريح القوة * من (26) أعياء الحركة وإقلال البدن ولذلك صار النائم إذا انتبه من نومه من ذاته يحسن بقوة في بدنه وصفو في حواسه ووفور في عقله. واعلم أن اليقظان إذا كان ساكنا فهو متوسط بين المتحرك والنائم لأن القوة الإرادية إنما تفعل فعلها بالتمام * عند الحركة ويتعطل فعلها بالتمام (27) في حال النوم. وأما في حال اليقظة مع السكون فحالها متوسط لأنها تمسك الأعضاء وثقل البدن وتدعمه سواء كان قاعدا أو * مضطجعا (28) أو على شكل آخر فهي تمسك * الأعضاء (29) على تلك الهيئة ولا شك أن ذلك حركة. ولذلك صار القاعد إذا نعس ونام سقط. وإذا كان كذلك فهي تطلب الراحة من ذلك وتغور إلى الباطن. وثالثها أنك ستعرف في هذه المقالة أن الحركة تنشر الحرارة الغريزية وتقويها غير أنها متى استمرت حللت الحرارة والأرواح الحاملة للقوى لأنها جوهر لطيف فهي حينئذ محتاجة إلى ما يمدها ويزيد في جوهرها وذلك حاصل بالنوم على ما عرفت.
صفحه نامشخص