شرح فصول ابقراط
شرح فصول أبقراط
ژانرها
لفظة السل في العرف الطبي عبارة عن قرحة في الرئة، وهذه العلة من العلل الرديئة المهلكة. أما رداءتها فلوجوه ستة: أحدها لدوام حركة الرئة فإن التحام * القرحة (178) مفتقر إلى السكون؛ وثانيها رقة قوامها * لدمها (179) فإن غلظ الدم مما يعين على سرعة * الالتحام (180) ؛ وثالثها أسفنجية جرمها فإن ذلك مما يعين على سرعة التأكل وبطوء التحام القرحة؛ ورابعها سعة عروقها ولينها، وذلك مما يعين على سرعة التأكل؛ وخامسها إلحام كل قرحة لا يمكن إلا بعد تنقيتها من المادة القيحية وتنقية القيح من الرئة يكون بالسعال وحركة السعال زائدة في توسيع الجراحة، وذال زائد في الألم والألم جذاب للمواد؛ وسادسها الأدوية المستعملة في مداواة هذا المرض لا يخلو إما أن تكون مائلة إلى الاعتدال أو إلى أحد الكيفيات الأربع. فإن كان الأول فلا يصل إليها إلا وقد ضعفت قوتها، وذلك لبعد موضعها واحتياج الدواء أن يمر بأعضاء كثيرة سواء كان وروده عليها من داخل أو من خارج، وعند وصوله إليها وهو كذلك لا يعمل فيها العمل المطلوب منه. وإن كان الثاني فإن كان حارا زاد في الحمى اللازمة لهذا المرض ونشف النفث وجففه ومنعه من الخروج الذي لا يمكن * التحام (181) القرحة إلا بعد خروجه. وإن كان باردا كان بليد النفوذ لا يصل إليها إلا وقد ضعفت قوته وهو مع ذلك مكثف للنفث PageVW5P202A مانع من سرعة خروجه الذي لا يمكن للقرحة * برء (182) إلا بعد تنقيته. وإن كان * رطبا (183) أرخى القرحة ومنع من سرعة الالتحام، فإن القروح جميعها محتاجة في مداواتها إلى ما يجفف لأن كل قرحة يتولد فيها رطوبتان: إحداهما غليظة والأخرى لطيفة، وذلك لأن فضلات * كل (184) عضو في حال صحته كذلك فإذا ضعف وعجز عن دفعها بقيتا محتبستين فيه ومنعتا القرحة من الالتحام لا سيما وقرحة الرئة دائما يرتفع إليها رطوبات وتنحدر إليها من الأعالي رطوبات آخر. وإذا كان * حالها (185) كذلك فالطبيب * محتاج (186) إلى استعمال ما يجفف تلك الرطوبات لينبت اللحم في القرحة ويسهل التحامها، ومن هذا يسمي الدواء المذكور منبتا للحم بمعنى أنه مزيل * للمانع (187) للإنبات. وإلا فالمنبت بالحقيقة الطبيعة البدنية. وإن كان يابسا زاد في * التجفيف (188) فهذا وجه رداءة هذه االعلة. وأما هلاكها فلقرب العلة من القلب، وذلك لأن محلها الرئة وهي محيطة مكثنفة به. والله أعلم.
10
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابه ذبحة فتخلص منها * فمال (189) الفضل رئته فإنه يموت في سبعة أيام، فإن جاوزها صار إلى التقيح.
[commentary]
الشرح هاهنا بحثان.
البحث الأول
في الصلة: وهو أنه لما تكلم في الفصل الماضي في السل ذكر في هذا الفصل سببا من أسبابه وهو ميل مادة الذبحة عند انفجارها إلى جهة الرئة. والمراد بالذبحة عند أكثر الأطباء الخوانيق، وستعرفها، * وفي (190) الأقل ورم النغانغ وهي الغدتان اللتان عن جنبتى اللسان المسماتان باللوزتين. وأبقراط هاهنا تبع المشهور والخوانيق كثيرا ما تنفجر إلى داخل لا سيما متى كان الورم في العضل الداخل في الخنجرة وتميل المادة إلى الرئة فتقرحها وتوقع في السل، فإن مراد أبقراط هاهنا بالتقيح تقيح الرئة لا التقيح المشهور وهو اجتماع الفضل القيحي في تجويفي الصدر أو في * إحداهما (191) . وصاحب الذبحة إذا انفجر ذبحته إلى داخل ومالت مادتها إلى جهة الرئة أهلكت في اليوم السابع، وذلك بالخنق لقرب الورم من القلب * وشدة (192) المجاهدة فلا تمهل PageVW5P202B إلى أكثر من هذا الوقت. فإن قويت الطبيعة على قهر تلك المادة وأنضجتها تأخر الموت غير أنها توقع في السل لتقريحها جوهر الرئة لبورقيتها وحدتها وقبول الرئة لذلك.
البحث الثاني
(193) : قد ذكر أبقراط هاهنا * سببا (194) من أسباب السل فلنعدد نحن أسبابه فنقول: السل له أسباب من جهة بنية البدن وأسباب من داخل وأسباب من خارج. أما الكائن من جهة * البنية (195) فهو * أن (196) الإنسان مجنح الأكتاف فإن هذا الإنسان يكون صدره بارزا ناتيا * متهيئا (197) لقبول الآفات الخارجة لا سيما متى كان نحيفا قليل لحم الصدر ضعيفة. وأما التي من داخل فإما مواد قاطرة من الدماغ إلى الرئة بورقية وإما مواد واصلة إليها مما يجاوزها كمادة ذات الجنب إذا احتبست فيها أو ما يحاذيها مثل مادة الخوانيق إذا انفجرت وقطرت إلى الرئة أو صاعدة إليها من مواد البدن وإما لانفزار بعض الأوردة التي * للرئة (198) لامتلاء مفرط في البدن، وذلك لترك استفراغ معتاد. والخارجة إما هواء بارد يرد على الرئة ويكثفها وإما حار فيسيل ما حولها من المواد ويقطر إلى * جهتها. (199)
صفحه نامشخص