167

[commentary]

الشرح هاهنا مباحث ستة.

البحث الأول

في صلة هذا * الفصل (801) بما قبله: وهو أن هذا الفصل كالمقابل للأول، وذلك لأن الأول يتضمن الكلام في إحكام الشتاء الشمالي والربيع الجنوبي، وهذا يتضمن الكلام في إحكام الشتاء الجنوبي والربيع الشمالي.

البحث الثاني:

المراد بقول أبقراط «شتاء * جنوبيا (802) » أي يكثر فيه هبوب الرياح الجنوبية، والربيع الشمالي * أن (803) يكثر فيه * هبوب (804) الرياح الشمالية. وقد عرفت هاتين الريحين، وعرفت أيضا أن الجنوبية حارة رطبة وأن الشمالية باردة يابسة، فالجنوبية إذا كثر هبوبها في زمان الشتاء * كانت (805) الرطوبة أزيد مما إذا كان الشتاء * خاليا (806) من ذلك، وعند ذلك تتوفر في الأبدان، ويكون مع ذلك سببا له لحرارة هذه الرياح بخلاف حالها في التشاء المعتاد. فإنها تكون فيه جامدة لقوة البرد، فإذا ورد على ذلك ربيع شمالي حبس تلك الرطوبة في الأبدان ببرده ويبسه، وهي بطبعها تميل إلى أسفل غير أن ميلها إلى ما هو أقبل لها أكثر من ميلها إلى غيره. ولا شك أن الرحم في مدة الحبل * قابل (807) لها فإنها ضعيف لأنه مثقل بحمل الجنين وباجتماع فضلات الحيض فيه وقوة الجنين ضعيفة عن * دفع (808) ما مال من الرطوبات إلى الرحم لتوفر مقدارها وحبس الربيع لها والمادة الرطبة من شأنها الإبلال والإرخاء فعند ميلها إلى الرحم تنكيه * وترخيه (809) ، وذلك مما يهيئ * الجنين (810) للإسقاط، وعند ذلك يكفيه في * ذلك (811) أضعف الأسباب الموجبة للسقوط. فإن كانت قوة الجنين ضعيفة سقط، وإن كانت قوية بقي إلى وقت الولادة الطبيعية. فعند ذلك إما أن تكون قوته قوية أو ضعيفة، فإن كانت ضعيفة مات على المكان لمصادفته هواء مضادا لمزاجه ولطبيعة * الحياة (812) وهو البارد اليابس، وإن كانت أقوى من ذلك قليلا عاش وبقي مسقاما مستعدا للأمراض، وذلك لأجل كثرة الرطوبة، فتكون أعضاؤه ضعيفة رخوة، فيكون * ضعيف (813) الحركة وتكون مواده مستعدة للعفن بسبب غلبة الرطوبة وتكون قواه واهية لانغمارها * بالرطوبة (814) وحواسه كدرة لضعف دماغه وكثرة فضوله وهضمه ضعيف لضعف هاضمته بسبب ضعف الحرارة التابع لتوفر الرطوبة، فإن الأرطب مما ينبغي يجعل الشيء أبرد مما * ينبغي (815) ، وضعف ماسكته لأنه قد علم أن هذه القوة * تحتاج (816) في تمام فعلها إلى توفر اليبس. وقد علمت أن الهضم موقوف على هاتين القوتين فلذلك قال إن المولود في هذا الوقت إن بقي كان مسقاما طول حياته.

البحث الثالث:

هذا النوع من الخروج لما كان كثيرا كان الضرر المتوقع * فيه (817) حاصلا PageVW5P148B في * أحد (818) الفصلين، * ولم (819) يتأخر إلى الصيف مثل * النوع (820) الأول المذكور في الفصل * المتقدم (821) ، وإنما * تأخر (822) إلى الربيع لأن طبيعة الشتاء كيف كانت مسكنة وطبيعة الربيع محركة فلذلك كان الضرر المتوقع من ذلك حاصلا في الربيع. وإنما قلنا إن هذا النوع من الخروج كثير ، وذلك لأن الرياح الجنوبية حارة على ما عرفت وطبيعة الشتاء باردة على ما ستعرفه والشمالية باردة * أيضا (823) على ما * عرفت (824) وطبيعة الربيع مائلة إلى حرارة * معتدلة (825) على ما ستعرفه. ولا شك أن خروج الشيء إلى ما هو * مضاده (826) خروج كثير بخلاف الخروج الأول، فإن الشتاء الشمالي الرياح الشمالية مناسبة لمزاجه ببردها. وأما اليبس فإن البرد القوي يقلب بعض الأجزاء الهوائية إلى المائية * فيرطب (827) الهواء. ولا شك أن البرد في الشتاء الشمالي قوي جدا لأنه حاصل له من وجهين، من جهة الشتاء نفسه ومن جهة الشمال. PageVW1P084B والربيع الجنوبي حاله كذلك، فإن الرياح المذكورة حارة رطبة مناسبة لطبيعة الفصل المذكور. فلذلك قلنا إن الخروج المذكور خروج يسير بخلاف الخروج المذكور في هذا الفصل، فإنه خروج * كثير (828) .

البحث الرابع

في بيان عروض ما ذكره لسائر الناس: أما الاختلاف * المذكور (829) فلامتلاء * البدن (830) من الرطوبات المذكورة وحبسها ببرد الشمال ويبسه فتضعف القوة الماسكة إما لترطيبها المضادة لما هي محتاجة إليه من الكيفيات وإما لثقل المادة فتعجز القوة * المذكورة (831) عن مسكها في أوعيتها. واما كونه دمويا فلأن المادة المذكورة يكون فيها بورقية ما، وذلك لحرارة الجنوب الهابة في فصل الشتاء ويبس الشمال الهابة في * فصل (832) الربيع، فلبورقيتها تجرد سطح المعاء وتوقع صاحبها في سحج، وذلك يلزمه خروج الدم. وأما الرمد * فلكثرة (833) المادة وسيلانها إلى جهة العين. وأما كونه يابسا أي لا يسيل * منها (834) دموع * فلبرد (835) الشمال * ويبسها (836) يكثف سطح العين وتسد منافذها فيحتبس ما عساه أن يندفع إليها من الرطوبات المذكورة.

صفحه نامشخص