[فصل رقم 89]
[aphorism]
قال أبقراط: الخريف لأصحاب السل، رديء. PageVW1P040B
[commentary]
قال عبد اللطيف: الخريف، مع أنه رديء على الإطلاق، فهو لأصحاب السل أردأ، لأنه بارد يابس مختلف (96) المزاج. ويعني بأصحاب السل، أصحاب قرحة الرئة، أو كل من يذوب بدنه وينهك بسبب من الأسباب، فإنه ضار لجميعهم.
[فصل رقم 90]
[aphorism]
قال أبقراط: فأما في أوقات السنة، فأقول: أنه متى كان الشتاء قليل المطر، شماليا، وكان الربيع مطيرا جنوبيا فيجب (97) ضرورة أن يحدث في الصيف حميات (98) حادة، ورمد، واختلاف دم. وأكثر ما يعرض اختلاف الدم، للنساء ولأصحاب الطبائع الرطبة.
[commentary]
قال عبد اللطيف: لما ذكر أوقات السنة اللازمة لنظامها، أخذ يذكر تغيرها وانتقال بعضها إلى بعض، وابتدأ بالشتاء والربيع، وهذا تغير (99) يسير. وقوله: "فيجب ضرورة" دل بقوله ضرورة، أن هذا الحكم منه إنما هو من جهة القياس لا التجربة، وأن التجربة وحدها PageVW3P054A غير كافية في الحكم على الأوقات، لأنه لا يتمكن الإنسان الواحد أن يشاهد أوقاتا كثيرة مختلفة، لأن ترصد ذلك يحتاج إلى زمان طويل لا يفي العمر به، فإنه إن وقع ذلك في العمر وقع مرة أو مرات معدودة، وليس هو بمنزلة الدواء فإننا (100) يمكننا أن نجربه ونمتحنه في أشخاص كثيرين (101) دفعة واحدة. لكن قد يمكن امتحان تغير PageVW2P054A الأوقات بالتعاون والتواريخ، بأن ينقل الأول إلى الآخر، والسابق إلى اللاحق، كما قصدنا ذلك في كتابنا: أخبار مصر. وبهذا الوجه أيضا يصحح أحكام النجوم ويجرب تأثيرات الكواكب والقرانات. ولا ينبغي أن يكتفي (102) الطبيب بأن ينظر في الوقت الحاضر من أوقات السنة، دون أن ينظر في الوقت المتقدم الذي انقلب عنه الوقت الحاضر، PageVW0P046B فإنه ليس تأثير الهواء الحار بعد الهواء البارد كتأثير الهواء الحار بعد الهواء الحار؛ وليس تأثير الهواء الحار اليابس بعد الحار الرطب كمثل تأثيره بعد البارد الرطب أو البارد اليابس. فلذلك حكم بوجود حميات حادة ورمد في الصيف بنظره في حال الربيع قبله، وفي حال الشتاء قبل الربيع، فالشتاء إذا كان قليل المطر، شماليا؛ نال الأبدان منه ضرر يسير كالسعال، ووجع الحلق والصدر والأضلاع، وعسر البول، والإقشعرار، لأن حال (103) احتباس المطر أصح من كثرته، فلذلك لا تحدث حميات ولا رمد ولا اختلاف دم. وإذا كان البدن قد تقدم فجف في الشتاء الشمالي، القليل المطر؛ ثم جاء الربيع، انتفع به. فإن دامت (104) رطوبة الربيع وكثرت، صار البدن إلى ضد الحالة (105) الأولى وتكثر فيه الرطوبة فيلقاه الصيف وهو رطب والأرض بعد رطبة، فتجتمع حرارة الصيف مع رطوبة الأبدان فتستعد لقبول العفونة، فتحدث الحميات والرمد واختلاف الدم. لكن أكثر ما يعرض اختلاف الدم للنساء، والصبيان، وأصحاب الطبائع الرطبة، لأنه PageVW1P041A تجتمع في البدن رطوبة المزاج ورطوبة الكيموس، وكثرة الرطوبة مادة العفن (106)، كما أن الحرارة هي السبب الفاعل. ومتى عفن شيء في البدن ثم بقي في جوفه، حدثت (107) منه PageVW3P054B الحميات ، فإن خرج من الأمعاء حدث PageVW2P054B منه اختلاف الدم. فإن حدث بعد طلوع الشعري مطر وشتاء وهبت الرياح التي تهب (108) كل سنة في ذلك الوقت، فقد يرجى سكون تلك الأمراض، وأن يكون الخريف صحيحا؛ وإن لم يحدث ذلك، لم يؤمن وقوع الموت بالنساء والصبيان، فأما الكهول (109) فأبعد الناس من ذلك. ومن أفلت من أولئك، لم يأمن أن يقع في حمى ربع، ومن حمى ربع في الاستسقاء، هذا كله قول أبقراط في كتاب الأهوية والبلدان.
صفحه نامشخص