[aphorism]
قال أبقراط: الأبدان التي يأتيها، أو قد أتاها، بحران على الكمال، لا ينبغي أن تحرك ولا (592) يحدث فيها حدث، لا بدواء مسهل (593) ولا بغيره من التهييج (594)، لكن تترك.
[commentary]
قال عبد اللطيف: لما فرغ من تدبير الغذاء أقبل على فن آخر، فعلمنا متى ينبغي لنا أن ندع الطبيعة وفعل PageVW0P022A جميع ما ينبغي أن يفعل بالمريض من غير أن نتكلف نحن شيئا، ومتى لا ينبغي أن نخلي الطبيعة ونتكل PageVW3P026A عليها لكن نعينها. فقال: PageVW2P022A إذا كان البحران كاملا فينبغي أن نترك الطبيعة وفعل كل ما ينبغي (595) أن نفعله (596) لأن PageVW1P019B الطبيعة القوية كافلة بشفاء الأسقام وفعل كل ما ينبغي، فلا حاجة بها إلى معين من خارج في فعل البحران الكامل، لكن إذا كان البحران ناقصا ولم تف الطبيعة بفعل ما ينبغي جميعه احتاجت إلى معين من خارج. وقوله: "الأبدان التي يأتيها، أو قد أتاها" فإنه أتى بالمستقبل ثم بالماضي وقرن الماضي (597) بقد ليدل على قرب الزمان من الحال، وقد يمكن أن يفهم منه الحال أيضا بطريق الأولى والأحرى (598). وقوله: "الأبدان التي يأتيها" أي في المستقبل وذلك إذا كانت الإنذارات تدل على بحران كامل سيأتي، ويمكن أن يكون قوله: يأتيها، يريد به الحال أي الأبدان التي ها هو ذا يأتيها، ويمكن أن يراد به الحال والاستقبال فإنه صالح لهما على جهة الاسم المشترك وعلى جهة الاسم المتواطئ أيضا. وقوله: "أو قد أتاها" هذه "أو" التخيير (599) في الحكم، وأما "قد" فإنها تدل (600) على قرب الماضي من الحال، فكأنه يقول: الأبدان التي هي في البحران والتي أتاها بحران عن قرب. وقد ذكر هذا الفصل بعينه في كتاب الكيموسات، لكنه ذكر موضع الكمال التمام ومعناهما واحد في قصده، ومتى كان البحران تاما وكاملا لا نقصان فيه، فلا ينبغي أن يحدث فيه حدث، وإن كان في البحران نقصان فينبغي أن يزاد (601) ما نقص لأن ما يبقى بعد البحران يحدث عودة من المرض. والبحران التام الكامل هو الذي جرت أموره كلها على ما ينبغي ولم ينقص من علامات حمده شيء، وتلك العلامات ست: أن يكون البحران بالاستفراغ فهو أفضل منه بالخراج، وأن يستفرغ الكيموس المؤذي والغالب والذي هو علة المرض، وأن يكون على استقامة ومن الجانب الذي فيه المرض ، وأن يوجد معه راحة وخفة، وأن يكون بعد ظهور (602) علامات النضج وأن PageVW2P022B يكون في يوم بحران. وقوله: "لا ينبغي أن تحرك" PageVW3P026B أي لا تحرك حركة طبيعية. وقوله: ولا يحدث فيها حدث (603)، أي من جهة الطبيب، لا بدواء مسهل أي مستفرغ ولا بغيره من سائر الأدوية من خارج وداخل كالأدوية الممسكة والمعرقة (604) والمرخية والمقوية وغير ذلك من أصناف الأدوية. وقوله: "من التهييج (605)" تشعر هذه اللفظة (606) وهي "التهييج" (607) بتحريك المرض والكيموسات تحريكا رديئا أي غير مأمون الغائلة، فإن لفظة التهييج (608) إنما تستعمل غالبا في إثارة الشرور وما لا يؤمن غائلته.
[فصل رقم 21]
[aphorism]
قال أبقراط: الأشياء التي ينبغي أن تستفرغ يجب أن تستفرغ من المواضع التي هي إليها أميل، بالأعضاء التي تصلح لاستفراغها.
[commentary]
قال عبد اللطيف: لما ذكر في الفصل السابق أن البحران التام لا يحتاج إلى معونة من الطبيب فهم منه أن البحران الناقص يحتاج إلى معونة منه، فذكر في هذا الفصل كيفية المعونة وكيفية (609) PageVW1P020A الاستفراغ فقال: "الأشياء التي ينبغي أن تستفرغ" أي الأخلاط المولدة للأمراض التي أتى بحرانها غير تام ينبغي أن تستفرغ من المواضع التي هي إليها أميل، ونبه في هذا على غرضين: أحدهما أن الاستفراغ ينبغي أن يكون من أقرب الأعضاء من العضو المريض؛ وبالعضو الصالح للاستفراغ كالمعا والمثانة والرحم من أسفل، وكالمعدة من فوق، وكالمنخرين والأذنين والحنك من الدماغ، وكالجلد من سائر الأعضاء. وينبغي أن يكون على المحاذاة (610) لأنه أقرب، فإن الرعاف إذا كان من خلاف الشق الذي فيه العلة فهو رديء، فإن كان ميل الكيموس إلى عضو شريف يتوقع منه (611) ضرر عظيم فينبغي أن يصرف عنه المادة ويجذبها إلى ناحية أخرى. مثاله: أن الكبد إذا كان فيها كيموس يجب أن يستفرغ ثم مال إلى المعدة والأمعاء بالقيء أو الإسهال أو إلى الكلى بالإدرار فذلك محمود لأنه استفراغ بالأعضاء PageVW2P023A التي ينبغي أن يستفرغ بها (612)، والمعدة كذلك فينبغي أن تعاون ويطرق لها وتزال الموانع والعوائق، فإن مال الكيموس إلى الصدر والرئة والقلب PageVW3P027A فذلك رديء ينبغي أن يمنع ويجذب إلى ضد تلك الناحية.
[فصل رقم 22]
صفحه نامشخص