شرح فصول ابقراط
شرح فصول أبقراط
ژانرها
بسم الله الرحمن * والرحيم (1) .
* قال (2) أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي صادق حرس الله أيامه. * بعد (3) حمد الله بجميع محامده والثناء عليه بما هو له أهل، والصلاة على * أنبيائه أجمعين (4) . إن العناية التي تحث الخلق على اقتناء باب من أبواب العلوم من أشرف الفضائل الإنسانية، سيما ما كان الناس كافة أمس حاجة إليه من غيره كالعلم الطب. فإن من البين عند الكافة أن العافية رأس النعم التي أنعم بها على الإنسان وأولاها وأجلها قدرا. ولذلك فليس تتهنأ مملكة لملك ولا ثروة لمثرئ مع فقدان الصحة التي هي الغاية المطلوبة بهذا العلم. إذ هي أشرف غاية يتمناها الإنسان في هذا العالم. ثم ينضاف إلى شرف هذه الغاية شرف الموضوع الذي هو البدن الإنساني، إذ هو أشرف موجودات هذا العالم. وتقترن بشرف الموضوع هذا العلم وشرف كماله وثاقة البراهين المستعملة فيه. فإن قوانين الطب * أجمع (5) برهانية. وليس يستعمل فيها الحدس والتقريب الصناعي إلا في بعض الجزيئات التي تخرج إلى الفعل. وإذا كانت الصناعات والعلوم تتفاضل بحسب شرف الموضوع وفضيلة الكمال ووثاقة البراهين المستعملة فيها، * ثم (6) كان لهذا العلم أعظم الرتب من ثلاثتها، فبالحري أن يكون له القسط الأوفر من الشرف والفضيلة. وقد كان كل من المتقدمين والمتأخرين ممن تكلموا في الطب رأوا أن يدونوا لمن بعدهم جملا وجوامع من أصوله، إلا أن كتاب الفصول * لأبقراط (7) أفضلها كلها لأنه من أوجز الكتب المصنفة في هذا الباب، وأكثرها حصرا. الفصول، * وهي دساتير وقوانين (8) في أبوابها، وهو أحد الكتب التي لا بد لمن * يريد (9) * الإلمام (10) بهذه الصناعات أن يحفظه، إذ كان كل فصل منه يتضمن أصلا من الأصول يشبه أن لا يكون قد صدر عن صاحبه إلا بتأييد سماوي وتوفيق الهي. ولقد يخس من الفضيلة نصيب من * زرى (11) به * قائلا (12) بأنه مختلط عادم للنظام. فإن مثل هذا الكلام ليس هو من محل أحد من المتأخرين أن ينطق به. وحقا أقول إن * أبقراط (13) قد ألهم بجمعه، وسدد لتأليفه حتى لم يسقط له من فصوله كلمة ولا زلت له فيها قدم. وقد سبق جالينوس * تفسير (14) هذا الكتاب تفسيرا تاما في معناه. ونحن غرضنا أن نستثمر ما قاله ونضيف إليه ما أغفله مما قد استفدناه منه في مواضع * آخر (15) . فأقول إن غرض * أبقراط (16) بهذا الكتاب هو أن يجمع فيه فقر أصول الطب، وأن يستثمر به ما قد جمعه في كتبه الآخر. وهذا ظاهر لمن تأمل فصوله. فإنها تنتظم جملا وجوامع من كتابه في تقدمة المعرفة وكتاب PageVW5P002A الأهوية والبلدان وكتاب الأمراض الحادة ونكتا وعيونا من كتابه المعنون بابيذيميا وفصولا من كتابه في أوجاع النساء وغير ذلك من سائر كتبه الآخر. * والمعرفة بهذا الباب على هذا الوجه جد نافع. أما للمتعلمين، فبأن يأنسوا بها فيدعوهم ذلك إلى الاستكثار من هذا العلم. وأما للمستكملين، فبأن تكون عندهم جملا وجوامع ما مضى لهم في جملة الصناعة، فتكون تذكرة لهؤلاء وتبصرة لألئك. وأما سائر الأبواب الأخر التي تقدم أمام كل تفسير، فلسنا نحتاج نطول الكتاب بذكرها، إذ ليس لها هاهنا وجه. (17)
المقالة * الأولى (18)
وهذه المقالة تشتمل على ثلاثة وعشرين فصلا. * ومنها (19) فصل في مفتتح الكتاب، وفصل في قوانين * كلية (20) , وأحد عشر فصلا في تدبير أغذية المرضى، وأربعة فصول في أغذية الأصحاء، وستة فصول * في (21) الاستفراغ. * وقد كنت هممت أن أرتب فصول هذا الكتاب فأجمع بين الفصول التي تنتظم معنى واحدا وهي متقاربة المعاني وأجعلها في سبع مقالات أخر ثم رأيت أن ترتيب فصول كل مقالة على الانفراد أولى. ثم اقتصرت على ترتيب فصول هذه المقالة الواحدة ليمتثلها من أرادها في المقالات الأخر وهذه المقالة. (22)
1
[aphorism]
قال بقراط: العمر قصير والصناعة طويلة والوقت ضيق * والتجربة خطر والقضاء عسر (23) . وقد ينبغي لك أن لا تقتصر على توخي فعل ما ينبغي دون أن يكون ما يفعله المريض ومن يحضره كذلك، ولا سيما التي من خارج.
[commentary]
التفسير: يمكن أن يحمل معاني هذه الكلمات في هذا الفصل على وجه أعم وأكثر كلية. ويمكن PageVW0P001A أن يحمل على وجه أخص بصناعة الطب. وذلك هو غرض أبقراط، * لأنه (24) إذا حمل على الوجه الكلي، فقد صار محمولا على الجزئي أيضا. وحمله على الوجه الكلي هو أن عمر * الانسان (25) * قصير (26) لأن عمر الإنسان منقطع في نفسه، * وهو مدة بقاء النفس مع الجسم يوجد، قصير (27) بالإضافة إلى سائر الصنائع * النظرية (28) . والعلوم والصنائع النظرية مارة إلى غير التناهي. ومن البين أن المتناهي لا * يساوق (29) غير المتناهي ولا * يساعد (30) في الامتداد معه. وإذا كان الأمر كذلك، فبالحري أن تكون مدة العمر قصيرة بالإضافة إلى * حميع العلوم (31) والصنائع النظرية، * والعلوم والصنائع النظرية (32) طويلة. وأيضا، من البين أن مدة عمر الواحد لا تفي باستنباط قوانين شتى من الصنائع النظرية أجمع، إلا أن يحصل ما استنبطه * ممن (33) تقدم، ثم يضيف إليه ما يحصله من عنده. فإذا العمر قصير بالإضافة إلى جميع العلوم PageVW0P001B والصنائع النظرية والعلوم طويلة. PageVW5P002B وأما ضيق الوقت، فعنى به وقت * التعليم (34) ، فإنه يسير ضيق. وذلك أن الإنسان ممنو طول مدة بقائه بأمور اضطرارية * وغير اضرارية (35) تحول بينه وبين * التعليم (36) ، فيضيق وقت * التعليم (37) لذلك.
[commentary]
صفحه نامشخص
وأما عسر القضاء، وهو القياس، * فلأن (38) صناعة القياس في نفسها شاقة عسرة. ثم تحصيل سائر الصنائع النظرية على العموم بطريق القياس مما لا يخفى عسره وصعوبته. وأما الخطر في التجربة، فإن التجربة على وجهين. أحدهما اعتبار ما علم من القوانين الكلية في المشاهدات الجزئية. وهذا يحتاج إليه كل أحد، وليس فيه خطر. والآخر امتحان الشيء من غير قياس يؤدي إليه ولا صادر عن أصل وقانون. ومن البين أن هذا النوع من التجربة غير موثوق به. ولذلك هو خطر، كما يدل عليه الاستقراء. فإن من لا يعرف قوانين الكلام فهو إذا تعاطى علم التوحيد فهو إلى أن يضل، * فيزل (39) أقرب منه إلى أن يصيب ويرشد. ومن جهل قوانين النحو واستعمل الإعراب في كلامه، كان الذي يخطي فيه أكثر مما يصيب. ومن غري عن القوانين الطبية ثم شرع في تدبير المرضى، كان ما يفسده أكثر مما يصلحه. وهذا النوع هو الذي عناه لا غير. وغرض * أبقراط (40) بتصدير الكتاب بهذا الفصل هو الحث على تعلم العلوم عامة والإبانة عن عسر تحصيلها. وكأنه يقول إن عمر الإنسان قصير لانقاطعه في نفسه. والصنائع النظرية في نفسها طويلة لعدمها * التناهي (41) . ومع قصر العمر وطول هذه الصنائع، فإن الذي يمكن صرفه من مدة العمر إلى اقتنائها يسير ضيق. ثم الطريق إلى وجدانها، إما القياس، وهو شاق عسر، وإما التجربة، وتتضمن الخطأ. وإذا كان أمر هذه الصنائع على هذه الصورة، ثم كانت صناعة الطب أحداها، فبالحري أن يصرف الإسنان همته أجمع إلى تحصيلها, ولا يتكل على الهوينا والدعة لينال منها حاجته. وأما الوجه الأخص الذي حمل عليه جالينوس تفسير هذه الكلمات، وهو اللائق بصناعة الطب فقط، فإن عمر الإنسان قصير بالإضافة إلى طول الصناعة. والصناعة زعم * جالينوس (42) طويلة لأن الوقت الذي يستعمل فيه جزئيات صناعة الطب يسير ضيق من قبل أن العنصر الذي يستعمل فيه هذه الصناعة سيال متخلل سهل * التغير (43) من ذاته ومن خارج، فيحتاج لذلك المعنى بها إلى مطالعة علوم كثيرة. وأما ضيق الوقت، وهو وقت استعمال التدابير الجزيئة، فإنه يسير ضيق لكون البدن متغيرا على اللحظات. وأما الخطر في التجربة، فلشرف الموضوع. * فإن (44) الخطأ فيه يؤدي إلى الهلاك. ولا كذلك حال موضوعات سائر الصناعات، فإن الخطأ فيها ليس بضار كيف ما اتفق. وأما عسر القضاء، فأصحاب القياس * فهم (45) منه القياس. والقياس شاق عسر PageVW5P003A صعب المرام. ولذلك بقي الاختلاف فيه على مر الأيام. وفهم منه أصحاب التجربة الحكم على منفعة أو مضرة حدثت عقيب أنواع من العلاج * كأن (46) محموما فصد أولا ثم استفرغ بالدواء ثانيا, ثم دبر بالتعديل للمزاج ثالثا. فالحكم على المنفعة أو المضرة التي تحدث عقيب هذه الضروب من العلاج أنها من أيها كانت عسر شاق. وإنما صدر * أبقراط (47) هذا الكتاب بهذا الفصل بيانا للسبب في وضعه هذا الكتاب على طريق الفصول. فإن الصناعة التي حالها من الطول وصعوبة التحصيل الحال التي وضعها، فبالحري أن لا يمكن ضبطها في العمر القصير إلا بوضع الكتب على طريق الفصول. لأن الفصول، مع الوجازة في اللفظ، أحصر للمعنى وأعلق بالفهم وأضبط للحفظ وأسهل للدرس. وقد ناقض الرازي جالينوس في مواضع من هذا التفسير. * فزعم (48) أنه يكفي في بيان طول الصناعة أن المدة التي يحتاج إليها في الوقوف على كل واحد من أجزائها طويلة. فلا معنى لضيق الوقت في هذا الكلام. فإنه يوجد مؤديا إلى * سقوط (49) جزئيات العلاج. وذهب عليه أنه لو لا ضيق الوقت الذي تستعمل * فيه (50) جزيئات هذه الصناعة لكون البدن سيالا متحللا، لما تفرعت أجزاء الصناعة إلى شعب يحتاج في الوقوف على كل واحد منها إلى مدة * طويلة (51) . ولك أن تقول بالحري أن تكون صناعة الطب طويلة إذا كانت أجزاؤها لا يضبطها الإنسان الواحد حتى يتوزع على أشخاص كثيرين. فالواحد منهم يكون طبيبا و الآخر يكون جراحيا والآخر كحالا وفصادا أو مجبرا أو غير ذلك، فيستغرق الكل أجزاء الصناعة. * وزعم أيضا أنه عنى بضيق الوقت الوقت الذي يدبر فيه الطبيب المريض. فإنه يحتاج في ذلك إلى الروية والفكر في استنباط ما يحتاج إليه بالقياس، خاصة دون التجربة. فإن التجربة لا يجوز استعمالها إلا إذا تعذر الوقوف عليه من جهة القياس وحيث يعلم أنه لا يعقب ضررا لا يتلاحق. وذهب عليه أن هذا هو بعض ما يشمله ما قاله جالينوس من وقت مباشرة جزيئات الطب. فلو لا كان البدن متغيرا على اللحظات، لما احتاج الطبيب لإقدام المشورة إلى وقت طويل يحيل فيه رأيه وفكره. وزعم أن هذا المعنى تمهد عذر الطبيب متى وقع منه تقصير أو خطأ. ولذلك قدمها في صدر الكتاب. (52) وزعم بعض المتقدمين أن سبب تصدير أبقراط هذا الكتاب بهذا الفصل إما صد الراغبين في هذا العلم عنه، أو بيان أن هذا العلم حدس أوتخمين. وهذا بعيد جدا لأنه لا يليق بمن يفتتح بتدوين علم ثم يصدره بما يصد الراغبين PageVW5P003B فيه عنه أو بيان أنه حدس أو تخمين مع علمه بأن قوانين الطب أجمع يقينية برهانية. وتدل على صحة هذا اتباعه هذه الكلمات بقوله وقد ينبغي لك أن لا تقتصر. وزعم قوم أنه أراد به امتحان همة المتعلم. وهذا ، وإن كان أشبه بالحق، فليس بحق. لأن أمثال هذه المعاني لا تفتتح بها * الكتب (53) ، وإنما يخاطب بها المتعلم شفاها. وقوله وقد ينبغي لك أن لا تقتصر، فمعناه أن أمر هذه الصناعة إذا * كان (54) على هذه الصورة، فبالحري أن لا يقتصر الطبيب على صواب تدبيره دون أن يكون المريض ممتثلا لقوله وخدمه مطيعون له فيما يشير به عليهم، وأن لا يعرض من خارج أمر يفسد علاجه نحو الأشياء التي تغم العليل أو تحزنه أو تهيج غضبه، مثل فراق * الأعزاء (55) أو خسران المال أو الخبر الهائل أو خوف من سلطان أو سقطة أو * هدم (56) أو هجوم سبع أو * عصيان (57) من الخدم فيما يأمرهم به وينهاهم عنه. * وقد (58) قال * أبقراط (59) في ابيديميا إن سماع العليل لما يحب * ويكره (60) يبلغ في البرؤ والردائة أمرا ليس باليسير. ولذلك ينبغي أن تقوى نفس العليل دائما. فقد تعرف قوما حدثت لهم نعمة فتخلصوا من المرض الرديء المزمن، وآخرين سلموا من رؤية من أحبوا رؤيته، وآخر توهم في نفسه من زجر طيرانه يموت، فترك الغذاء حتى حم ومات، وآخر ضاع له مال، فلم يزل تاركا للغذاء حتى مات. وكثير من الناس تستولي عليهم الأمراض لجزعهم وفشلهم من الموت.
2
[aphorism]
قال * أبقراط (61) : خصب البدن المفرط لأصحاب الرياضة خطر إذا كانوا قد بلغوا منه الغاية القصوى. وذلك أنه لا يمكن أن يثبتوا على حالهم تلك ولا يستقرون. ولما كانوا لا يتسقرون ولم يمكن أن يزدادوا صلاحا، فبقي أن يميلوا إلى حال * هي (62) أردأ. ولذلك ينبغي أن ينقص خصب البدن بلا تأخير كيما يعود البدن يبتدئ في قبول الغذاء ولا يبلغ من استفراغه الغاية القصوى. فإن ذلك خطر، لكن بمقدار احتمال طبيعة البدن الذي يقصد لاستفراغه. وكذلك أيضا كل استفراغ يبلغ فيه الغاية القصوى فهو خطر. وكل تغذية هي أيضا عند الغاية القصوى فهي خطر.
[commentary]
التفسير: غرض * أبقراط (63) بهذه الفصل أن ينبهنا على قانون عام، وهو أن كل كثير عدو للطبيعة مفسد للبدن. ويصح هذا القانون الكلي ببعض جزئياته، وهو الامتلاء المفرط والاتسفراغ * المفرط (64) . وعنى بخصب البدن في الغاية القصوى أن لا يبقى في الأعضاء * تأتي الامتداد للامتلاء (65) . وإذا صارت الأعضاء من الخصب إلى حد لا يتمدد معه أصلا، لم يكن في العروق متسع لقبول الغذاء، ولا للروح متحرك فيها، ولا للحرارة الغريزية * متروح (66) . ولذلك فإن البدن لا يمكن أن تبقى حاله PageVW5P004A تلك، لكنه يصير إلى حال أردأ من قبل أن الطبيعة ترسل الدم في كل يوم إلى العروق لأنها لا تمسك عن فعلها من توليد الدم وتوزيعه على الاعضاء. فيحدث أحد أمرين. إما انشقاق عرق كثير لا يمكن معه أن يلتحم، فيستفرغ منه الدم الذي في البدن كله. وذلك إذا كان جرم * العرق (67) أرخى وأسخف جوهرا. وإما أن يحدث ضرب من ضيق النفس قاتل سريعا. ولذلك إذا كانت أجرام العروق أصلب جوهرا وأشد تلززا. وربما ينصب شيء من الامتلاء إلى تجويف القلب فيقتل قتلا وحيا لأنه * (68) ليس في البدن تجويف تفضي إليه العروق التي يسبح فيها الدم * إلى (69) تجويف القلب. ويتقدم هذه الحال اختلاف في القلب. ولهذا ينبغي أن يستفرغ هذا الامتلاء إلا أنه لا يبالغ في الاستفراغ إلى الغاية القصوى، وهو الحد الذي لا تحتمله القوة، لأن القانون في كمية الاستفراغ ليس هو مقدار الامتلاء فقط، لكن مقدار القوة أيضا. ولذلك إذا لم يكن في القوة محتمل * لمقدار (70) ما يجب أن يستفرغ من البدن، لم يستفرغ في دفعة. * وكما (71) أن الاستفراغ في الغاية القصوى خطر، كذلك التغذية المؤدية إلى الامتلاء في الغاية القصوى فهي خطر. والإبلاغ في التغذية بعد الاستفراغ قريب من الخطر لأن القوة لا تؤمن * عليها (72) من أن تخور مع ضعفها بالاستفراغ إذا حمل عليها أكثر مما تحتمله القوة. ولهذا قالوا إن * أبقراط (73) عنى بقوله وكل تغذية وإنما خصص الخطر في فرط الامتلاء والاستفراغ بأصحاب الرياضة، وهو الذين يستعملون * صروب (74) الرياضات كالمصارعين دون أصحاب الكد والتعب لأن أولئك أوفر الناس قوة وأصحهم أبدانا. فإذا كان الامتلاء والاستفراغ والتغذية في الغاية القصوى في هؤلاء خطر، فكم بالجري أن يكون الخطر * أكثر (75) فيمن هو دونهم في القوة.
3
[aphorism]
قال أبقراط: التدبير البالغ في اللطافة * عسر (76) مذموم في جميع الأمراض المزمنة لا محالة. والتدبير الذي يبلغ فيه الغاية القصوى من اللطافة في الأمراض الحادة إذا لم يحتمله المريض عسر مذموم.
[commentary]
صفحه نامشخص
التفسير: التدبير اللطيف يترتب إلى ما هو في الغاية القصوى في اللطافة، وهو ترك الغذاء أصلا. ويقابل به المرض الحاد في الغاية القصوى من الحدة، وهو الذي لا يتجاوز بحرانه الرابع. وإلى ما هو بالغ في اللطافة لا في أقصاها وهو أن يقتصر بالعليل على سقيه أشربة غذائية كماء الشعير والجلاب وماء العسل ونحوها. ويقابل به المرض الحاد البالغ في الحدة لا في أقصاها، وهو الذي لا يتجاوز بجرانه السابع. وإلى التدبير اللطيف إلا أنه غير بالغ في اللطافة، وهو أن PageVW5P004B يطعم العليل الأحساء. ويقابل به المرض الحاد إذا لم يكن بالغ الحدة، وهو الذي يمتد إلى الرابع عشر. فالتدبير البالغ في اللطافة كالمنزلة بين المنزلتين وهو رديء جدا في جميع الأمراض المزمنة لا محالة، لأن هذه الأمراض شأنها أن تطول والقوة لا تبقى فيها إلى المنتهي مع هذا التدبير. لكن يجب أن يستعمل فيها إما التدبير اللطيف أو التدبير الذي هو أغلظ قليلا. وههنا سها الرازي حيث زعم أن قول أبقراط يجب أن يحمل على الحميات وحدها لأنه إن * حمل (77) كليا أو على الأطلاق، لزم التناقض من قبل أن من الأمراض المزمنة ما ينتفع بالتدبير اللطيف ولا يصلح إلا * لمن (78) عليه، مثل النقرس والصرع. وإنما سها لأنه خفي عليه الفرق بين التدبير اللطيف والبالغ في اللطافة. فإن المنقرس والمصروع تتحرك قوتهما مع التدبير البالغ في اللطافة قبل المنتهى، ولا كذلك مع اللطيف الذي هو غير بالغ * فيها (79) . * وأما (80) * التدبير (81) الذي هو في الغاية القصوى من اللطافة، فنافع لجميع الأمراض الحادة لتقريبه المنتهى فيها من قبل أن هذه الأمراض تأتي منتهاها في الأيام الأول * والقوة (82) تبقى إلى المنتهى. فإذا استعمل فيها التدبير الذي هو في الغاية القصوى من اللطافة، توفرت القوة بكليتها على نضج العلة ومقوامتها، ولا يتوزع بينه وبين هضم الأغذية، فأعانت في تقريب المنتهى. وإذا كان الغذاء لا يراد لدفع المرض بل لبقاء القوة، فواجب متى لم يكن في القوة محتمل للتدبير اللطيف في الغاية أن لا يدبر به، لكن بالتدبير الذي هو دونه. أما البالغ في اللطافة أو اللطيف الذي ليس بالبالغ فيه. وهاهنا سها الرازي أيضا فظن أن قول أبقراط إن لم يحمل على الحميات، لزم الشك لأن التشنج والكزاز اليابسين مرضان حادان. وواجب أن يستعمل فيها تغليظ التدبير للترطيب ومنع التحليل. وذهب عليه ما اسثنى أبقراط بقوله إذا لم * يحتمله (83) ، * وإذا (84) كان التدبير اللطيف لا يجب أن يستعمل إذا لم يحتمله المريض ولم يحتج إليه، فكم بالجري أن لا يستعمل إذا كان يحتاج إلى التدبير الغليظ؟ ولذلك فإن الاصحاء لا يدبرون بالتادبير اللطيف أصلا. لكن بالمعتدل متى أريد حفظ قواهم، وبالغليظ إذا أراد والزيادة فيها.
4
[aphorism]
قال أبقراط: في التدبير اللطيف قد يخطئ المرضى على أنفسهم خطأ يعظم ضرره عليهم. وذلك أن جميع ما يكون منه أعظم مما يكون منه في الغذاء الذي له غلظ يسير. ومن قبل هذا، صار التدبير البالغ في اللطافة في الأصحاء أيضا خطرا لأن احتمالهم لما يعرض من خطئهم أقل. ولذلك صار التدبير البالغ في اللطافة في أكثر الحالات PageVW5P005A أعظم خطرا من التدبير الذي هو أغلظ قليلا.
[commentary]
التفسير:يريد أن ينبهنا على أنه متى وقع خطأ في تدبير العليل ثم كان الخطأ إلى التدبير الذي هو أغلظ قليلا، فهو أهون منه * إذا (85) كان إلى اللطافة لأن الأول لا يتبعه من الضرر أكثر من تأخير المنتهى قليلا والثاني يتبعه انخزال القوة وتأخير المتهى مع بقاء القوة أسلم من تقريبه مع ضعفها. وهذا الخطأ * يعتبر (86) في الأصحاء، أعني الميل إلى تلطيف التدبير أكثر ضررا لمعنيين. أحدهما عدم الإخلاف بالسواء عما ينقص من أبدانهم. والثاني مخالفتهم العادة التي ألغاها. فالميل إذا إلى تلطيف التدبير على الجملة وبالإطلاق من القول أعظم ضررا في الأصحاء والمرضى من الميل إلى التدبير الذي هو أغلظ قليلا. ولهذا أنتج أبقراط بآخره أن التدبير البالغ في اللطافة في أكثر الحالات أعظم خطرا من التدبير الذي هو أغلظ قليلا. وإنما خصص ضرر هذا بالتدبير * البالغ (87) في اللطافة لأن الضرر يظهر فيه أشد * وأبلغ (88) . ولعله لما علم أن من المرضى ما لا ينقادون للأطباء في الحمية ولزوم التدبير جدا، أشار بأن يأذنوا لهم * في (89) تناول ماله من الغذاء بعض الغلظ لئلا يتناولوا ما يضرهم جدا. وزعم الرازي كالمناقض لجالينوس أن من تقود من الأصحاء التدبير اللطيف، فإن ضرر التغليظ إذا اتفق له، أشد وأبلغ لوجهين. PageVW0P002A * الأول (90) مخالفة العادة. * الثاني (91) أن قواهم لا تحتمل ذلك لضعفها. وهذا * الاعتراض بمعزل عما قاله جالينوس (92) * لأنه (93) * علق الغليظ بالقلة دون التدبير الغليظ مطلقا. ومن تعود التدبير اللطيف إذا أخذ يستعمل الغليظ القليل في تدبير، لم يضره، بل ينعشه* التدبير البالغ في اللطافة أكثر ضررا من التدبير الذي هو أميل إلى الغلظ بالإطلاق من القول وداخل في البيان بأن تقود من الأصحاء أحد التدبيرين إذا اتفق له الآخر. فأيهما يوجد أشد ضررا وذلك مما يليق بالكلام في العادات (94) .
5
[aphorism]
قال أبقراط: أجود التدبير في الأمراض التي في الغاية القصوى التدبير الذي في غاية القصوى.
[commentary]
صفحه نامشخص
التفسير: عنى به الأمراض التي في الغاية القصوى من الحدة لا القوة. فإن المرض إذا كان في الغاية القصوى من الشدة والقوة، فهو قاتل ولا يقابل شيء من التدبير. * فأما (95) إذا كان في الغاية القصوى من الحدة، فإن بحرانه لا * يجاوز (96) الرابع والخامس. وتلطيف التدبير في الغاية القصوى واجب فيه، لأن القوى * فيه (97) تبقى هذه المدة ويتفرغ لمقاومة المرض * العارض به (98) .
6
[aphorism]
قال بقراط: إذا كان المرض حادا جدا، فإن الأوجاع التي في الغاية القصوى تأتي فيه بديا. ويجب ضرورة PageVW0P002B أن PageVW5P005B يستعمل فيه التدبير الذي هو في الغاية القصوة من اللطافة. * وإذا لم يكن كذلك، لكن كان يحتمل من التدبير إلى ما هو أغلظ من ذلك، فينبغي أن يكون الانحطاط في العلاج على حسب لين المرض ونقصانه عن الغاية القصوى. وإذا بلغ المرض منتهاه، فعند ذلك يجب ضرورة أن يستعمل فيه التدبير الذي في الغاية القصوى من اللطافة (99) .
[commentary]
التفسير: غرضه بهذا الفصل والذي يليه أن يعطينا الدستور الذي بحسبه نستعمل اللطافة وغلظ التدبير في الأمراض. وهو يعتبر في ذلك أصلين. أحدهما حدة المرض، والآخر قوة المريض. أما الاعتبار بحسب * حدة (100) المرض، فيعلمناه في هذا الفصل وعنى بالمرض الحاد جدا الذي هو في الغاية القصوى * من الحدة (101) لأنه أمر أن يقابل بالتدبير الذي هو في الغاية القصوى من اللطافة. وعنى بالأوجاع التي في الغاية القصوى غاية عظم المرض وقوته * وشدته (102) وهذا يوجد في المنتهى لأنه غاية تزيده. PageVW0P003A وعنى بقوله بديا الأيام الأول من المرض. وذلك أن بدء المرض يطلق على المبدأ الذي لا جزء له وعلى الوقت الأول من أربعة أوقات المرض وهو ما دام لم يظهر للنضج أثر، وعلى الأيام الثلاثة الأول من المرض. وهذا هو الذي عناه، لأن المنتهى في الأمراض لا يمكن أن يأتي في المبدأ الذي لا جزء له ولا في الوقت الأول. وأما المرض الذي هو في الغاية القصوى من الحدة، فإن المنتهى يأتي فيه في الأيام الأول. ولذلك يجب ضرورة أن يستعمل فيه التدبير الذي * هو (103) في الغاية القصوى * من اللطافة (104) . * وإذا (105) لم * يكن (106) في الغاية * القصوى (107) من الحدة بل يكون ألين وأسكن حدة، فإن المنتهى يتأخر عن الأيام الأول. ولذلك ينبغي أن يكون التدبير أحط * من (108) اللطافة عن الغاية. وبحسب ما يوجد المرض أسكن حدة، يجعل التدبير أقل لطافة من الغاية ليبقى إلى المنتهى. وأما في منتهى الأمراض أجمع، فواجب أن يستعمل التدبير اللطيف ليتفرغ الطبيعة لمقاومة المرض بإنضاج PageVW0P003B مادته، ولا يتعاق بنضج الغذاء إذا لم تبق لها * قوة (109) حتى تستكمل الغلبة على المرض إلا اليسير. إلا أن في الحادة منها يستعمل اللطيف في الغاية، وهي تفى بالبقاء مع هذا التدبير مدة المنتهى لأن هذه المدة في أمثال هذه الأمراض يسيرة قصيرة. ومثل هذا التدبير يستعمل في المرض الحاد الذي يرجى له الانحطاط. * وأما (110) لا يرجي له ذلك، لا يقابل بشيء من التدبير. بل يتقدم، فيخبر بما سيكون من العطب لئلا يحمل ذلك على سوء تدبير الطبيب متى وقع.
7
[aphorism]
قال أبقراط: وينبغي أيضا أن تزن قوة المريض فتعلم هل يثبث إلى وقت منتهى المرض وتنظر أقوة المريض تخور قبل أن تسكن * عادية (111) * المرض ولا يبقى على ذلك الغذاء أم المرض تخور قبل وتسكن عاديته (112) .
[commentary]
صفحه نامشخص
التفسير:هذا الفصل PageVW5P006A يتضمن الأصل الثاني من الدستور الذي بحسبه يستعمل التدبير اللطيف في الأمراض الحادة، وهو قوة المريض. وذلك أن الغذاء إنما يراد لبقاء القوة لا لدفع المرض. فمتى علم أنها تبقى إلى المنتهى PageVW0P004A من دون الغذاء، لم يعط العليل منه شيئا. وإلا، فبحسب ما يحتاج إليه يطلق له منه. ولهذا قد يغذى في وقت المنتهى لعارض يحل القوة. وإنما يعلم أن القوة تبقى إلى المنتهى * أم (113) لا بثلاثة أشياء. أحدها مقدار قوة المريض. ويعلم ذلك * بقوة (114) النبض وصحة الذهن والهشاشة إلى * الطعام (115) . والثاني قوة المرض. ويعلم ذلك من قوة الأعراض * المتقومة (116) له * من (117) اسقلال العليل بالعلة. والثالث مدة المرض. ويعلم ذلك بما سنقوله في الفصل الذي أوله أنه يدل على نوائب المرض. وإذا كان أمر القوة يعتبر بهذه الثلاثة المعاني، فمن البين أن القوة متى كانت من التوفر بحيث تقاوم المرض وتبقى إلى المنتهى * آل (118) الأمر إلى السلامة لا محالة. * فإن (119) كانت القوة متوفرة إلا أن * بالمدة (120) من الطول ما لا يمكن أن تبقى إلى المنتهى أو كانت المدة قصيرة إلا أن بالمرض من القوة ما لا يستقل بمقاومته، أوكانت المدة قصيرة والمرض غير قوي، إلا أن بالقوة من العجز ما لا يقاوم أو لا تبقى إلى المنتهى، * آل (121) الأمر إلى PageVW0P004B الهلاك. وقد شبه القدماء قوة المريض بالحمال، وقوة المرض بالثقل الذي يحمله، ومدة المرض بالمسافة التي يسلكهما حاملا * للثقل (122) . ومن البين أن وقوة الحمال * متى (123) كانت من التوفر بحيث يستقل بالحمل طول المسافة، بلغ المقصد. * وإن (124) كانت القوة ضعيفة، أو الحمل أثقل * مما (125) تستقل به القوة، أو المسافة أكثر من أن يقدر على قطعها، كان الأمر بالضد.
8
[aphorism]
قال أبقراط:والذين يأتي منتهى مرضهم بديا، فينبغي أن يدبروا بالتدبير اللطيف بديا. والذين يتأخر منتهى مرضهم، فينبغي أن يجعل تدبيرهم في ابتداء مرضهم أغلظ، ثم ينقص من غلظه قليلا قليلا، كلما قرب منتهى المرض وفي وقت منتهاه بمقدار ما تبقى قوة المريض عليه. وينبغي أن يمنع من الغذاء في * وقت (126) منتهى المرض. فإن الزيادة فيه مضره.
[commentary]
التفسير: هذا الفصل وإن كان يتضمن ما مضى له في الفصل المتقدم الذي أوله إذا كان المرض حادا جدا، فإنا نؤيده بفضل شرح. وهو أن منتهى المرض إذا كان يأتي PageVW0P005A في الأيام الأول، * فاستعمال (127) التدبير اللطيف في الغاية واجب، إذ لا مانع من ذلك مع توفر القوة وسرعة مجيء المنتهى. ومتى فعل بخلاف هذا، تضاعف المرض PageVW5P006B بالزيادة في مادته، وكانت الحرارة الغريزية برطوبات الغذاء بهضم الغذاء واشتغلت القوة بهضم الغذاء عن نضج العلة. وأهون ما يتبع جميع ذلك أن يمتد المرض أكثر ويتأخر المنتهى. وأما إذا كان المنتهى يتأخر في المرض الحاد، فينبغي أن يجعل التدبير في ابتداء المرض أغلظ قليلا ليمنع ضعف القوة أو سقوطها في الابتداء، ولا تكتسب مادة العلة حدة ولذعا ورداءة كيفية، فيصير أعسر قبولا للنضج، وأشد تهيجا وأقوى أذى للطبيعة. ولأن الحرارة الغريزية تكتسب * حدة (128) ودخانية، فإذا جرى أمر التدبير على ما ينبغي، جاء الانتهاء والقوة قوية، يمكن معمها استعمال التدبير اللطيف في الغاية، فتنفرد الطبيعة بالعمل في العلة وحدها وهي قوية ذكية والعلة غير مكتسبة رداءة * في (129) الكيفية PageVW0P005B ، فيجري الأمر في ذلك على غاية الصواب. وأما إذا فعل بخلاف ذلك واستعمل التدبير اللطيف في المرض الحاد الذي يتأخر منتهاه، انحزلت القوة أولا وضعفت وصارت الحرارة الغزيرية إلى الحرافة والنارية واكتسب المرض رداءة كيفية. * فإذا (130) كان المنتهى وأطعم العليل فيه، شغلت القوة بنضج الغذاء عن دفع العلة، وصارت الحرارة بفضل رطوبات الغذاء خاملة خالدة كليلة في أمس وقت احتيج فيه أن تكون مشتغلة ذكية * وازداد (131) المرض مادة، فيضطرب الأمر ويفسد النظام.
9
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان للحمى أدوار، فامنع من الغذاء في أوقات نوائبها، * فإن الزيادة فيه مضرة (132) .
[commentary]
صفحه نامشخص
التفسير: قد انتقل في هذا الفصل إلى تعليمنا عن الأوقات الجزئية التي يغدى فيها المريض. وهو يحذرنا أن نغذوه في أوقات النوائب لأن الحرارة الغريزية تنغمر بثقل الخلط الذي هو مادة النوبة وتضعف بهجوم الحرارة النارية PageVW0P006A التي هي ضدها عليها وتنعطف إلى * داخل (133) أكثر إذا كان مع الحمى نافض. * فإذا (134) كان الأمر كذلك ثم كان حال الحرارة الغزيزية مع الغداء في أول ما يرد على البدن حال الحطب الذي يوضع على النار من انغمارها أولا إلى أن تعمل النار فيه وتلهبه، صار إذا غذي في وقت نوائب الحمياو وسيا في ابتدائها أو بالقرب منها، فكأنما اكتسب العليل حمى أخرى. ولهذا، يجب أن يغدى العليل في الحميات الدائرة في وقت الفترة أو في انحطاط النوية متى احتيج إلى ذلك. وأما في الدائمة، ففي وقت ما يكون العليل أخف بدنا وأهدأ حرارة.
10
[aphorism]
قال أبقراط:إذا كانت * نوائب (135) الحمى لازمة لإدوارها، فلا ينبغي في أوقاتها أن يعطى المريض شيئا أو أن يضطر إلى شيء. لكن ينبغي أن ينقص من الزيادات قبل PageVW5P007A أوقات الانفصال.
[commentary]
التفسير: يحتاج أن * يتصفح (136) من هذا الفصل عدة * معان (137) . منها أن الحمى، إذا كانت ذات نوائب PageVW0P006B وكانت نوائبها معلومة الأوقات، فلا ينبغي * مبدأ (138) النوائب * مرة (139) ولا بالقرب منها أن يغذى العليل للعلة التي قلناها. ومنها قوله " * أو يضطر (140) إلى شيء". وفهم المفسرون من كلمة "أو" * أو (141) التأكيد. فكأنه قال: وإن اضطر إلى شيء يعني أن العليل لا يغدى في ابتداء * النوبة (142) ، وإن كان محتاجا إلى الغذاء لبعد عهده به لئلا تتضاعف بلية الحمى * لما (143) ذكرنا. وهذا، وإن كان حقا، فقد قرأنا لجالينوس في الصناعة الكبيرة أن الحميات التي مع رقة الأخلاط قد يضطر فيها أن يغذى العليل في ابتداء النوائب. وإن لم يغذ، لحقه من الغشي ما يخشى أن لا يكون معه إفاقة. وأحسب أني وجدت في بعض الشروح المنطقية * أن كلمة (144) "أو" في لغة اليونانيين تستناب مناب كلمة إلا. فيكون لهذا الفصل من الزيادة على ما للفصل المتقدم * أن (145) العليل لا يغذى في ابتداء النوائب إلا إن يضطب إليه في الندرة في الحميات الغشية التي مع PageVW0P007A رقة الأخلاط. وإن فهم غير هذا، لزم التناقص. * وأما (146) قوله وينبغي أن ينقص من الزيادات من قبل أوقات النفصال، والزيادات يمكن أن تفهم منها الأخلاط المولدة للحمى. ويمكن أن يفهم منها ما ينصب من الخلط الرديء في وقت النوبة إلى المعدة والأمعاء حتى يعرض للعليل بسببه غشي أو مغص. * وأما (147) وقت الانفصال، فيمكن أن يفهم منه انفصال النوبة الجزئية. ويمكن أن يفهم منه منتهى المرض، لأن هناك ينفصل أمر المريض إلى السلامة أو التلف في الأكثر. ويمكن أن يفهم منه وقت البحران. والكل محتمل، إلا أنه إن * فهم (148) من الزيادات المعنى الأول، فليفهم من الانفصال وقت المنتهى * إذ البحران (149) على الأكثر يكون في المنتهى. ويكون معنى الفصل هو أن مادة المرض تستفرغ قبل وقت البحران. وإن فهم من الزيادات المعنى الثاني، فهم من الإنفصال * انفصال (150) النوبة ويكون معناه أن لا يغذى العليل في وقت النوبة PageVW0P007B و إن عرض له * مغص (151) أو غشي، * فيعان (152) على ما يطلق البطن أو يسهل القيء. وهذا التفسير أوقع عندي لأنه أليق بأوائل الفصل.
11
[aphorism]
قال بقراط: الأغذية الرطبة توافق جميع المحمومين لا سيما الصبيان وغيرهم ممن قد اعتاد أن يغذى بالأغذية الرطبة.
[commentary]
صفحه نامشخص
التفسير: هذا الفصل ينتظم أمر PageVW5P007B كيفية الغذاء، إذ قد فرغ من الكلام في كميته في الفصول المتقدمة. ولما كان المرض يقابل بالضد والصحة تحفظ بالمثل، أعطى فيهما قانونا يشملهما. فزعم أن الغذية الرطبة توافق جميع المحمومين لأنها تضاد الحمى التي هي حرارة نارية يابسة، وتوافق من كان رطب المزاج، سواء كان ذلك بالطبع كاصبيان، أو بالاكتساب كمن قد تعود أن يغتذي بالأغذية الرطبة لأنها تشاكل إمزجتهم. فإذا المحموم إذا كان رطب المزاج، فإن الأغذية الرطبة توافقه من الوجهين جميعا، أعني من جهة المضادة والمشاكلة معا .
12
[aphorism]
قال بقراط PageVW0P008A : وينبغي أن يعطى بعض المرضى غذاؤهم في مرة واحدة، وبعضهم في مرتين ويجعل ما يعطونه منه أكثر و أقل، وبعضهم قليلا قليلا. وينبغي أن يعطى الوقت الحاضر من أوقات السنة حظه من هذا والعادة والسن.
[commentary]
التفسير: بعدما فرغ من تعليمنا * عن (153) كمية الغذاء * للمرضى (154) وكيفيتها ووقت استعمالها، أخذ يعلمنا عن * مراتب (155) الغذاء. والدستور في ذلك قوة المريض وحال البدن في الحاجة إليه. ثم بعدهما الوقت الحاضر والعادة والسن. فمتى كانت القوة ضعيفة وحال البدن حال فساد * ونقصان (156) ، فليغذ صاحبة قليلا وفي مرات. أما قليلا، فلأن ضعف القوة لا يفي بالكثير. وأما في مرات، فلحاجة البدن إلى الزيادة ليخلف الناقص ويعدل الفساد. وهذا التدبير أولى أن يستعمل في الصيف لأنه يتحلل من البدن الكثير والقوة ضعيفة. وإن كانت القوة ضعيفة وحال البدن ليس حال فساد ولا نقصان، * فليغذ قليلا لضعف القوة وفي مرات قليلة، إذ لا فساد ولا نقصان (157) . وافهم PageVW0P008B أن * كما (158) لا فساد ولا نقصان يتناول حال الاعتدال وحال الامتلاء وكلاهما يقتضيان مع ضعف القوة ما يقتضيه الإمتلاء مع توفر القوة، أعني أن يغذى يسيرا وفي مرات يسيرة، وهكذا فليدبر في الربيع. لأن القوة تكون فيه قوية، وحال البدن تكون حال الإمتلاء، لأن الأخلاط التي كانت في الشتاء متماسكة في العروق كالجامدة، * تكون (159) في الربيع قد ذابت وانبسطت. وإن كانت القوة قوية وحال البدن إلى النقصان أو الفساد، فليطعم كثيرا و في مرات كثيرة. وهكذا فليدبر في الخريف، سيما في آخره، لأن القوة تكون قد انتعشت قليلا بانكسار الحر * ونقص (160) من البدن شيء كثير، وعرض للكيموسات الفساد. * وأما (161) أوائل الخريف، فأشبه بالأمراض التي وقع فيها نقصان الأخلاط * وفسادها (162) . ولذلك يحتاج فيها أن يغذى في مرات، إما قليلا إن كانت القوة ضعيفة PageVW5P008A ، وإما كثيرا * إن (163) كانت قوية. وإن كانت القوة قوية ولافساد ولا نقصان على معنى الاعتدال، فليطعم كثيرا وفي مرات PageVW0P009A قليلة. وهكذا فليدبر في الشتاء إذا القوة قوية ولا فساد ولا نقصان في البدن. وإن حمل "لا نقصان " على معنى الامتلاء، فليطعم قليلا في مرات قليلة حسب ما ذكرنا في الربيع. وعلى هذا القياس حال الأسنان والعادات والبلدان.
13
[aphorism]
قال أبقراط: إنه يدل على نوائب المرض * ومرتبته (164) الأمراض أنفسها وأوقات السنة وتزيد الأدوار بعضها على بعض نائبة كانت في كل يوم أو يوم نعم و يوم لا أو في أكثر من ذلك من الزمان * والأشياء (165) التي تظهر من بعد. ومثال ذلك ما يظهر في أصحاب ذات الجنب. فإنه إن ظهر النفث بديا منذ أول المرض، كان المرض قصيرا. وإن تأخر ظهوره، كان المرض طويلا. والبول والبراز والعرق إذا ظهرت * بعد (166) ، فقد تدلنا على جودة بحران المرض ورداءته وطول المرض وقصره.
[commentary]
صفحه نامشخص
التفسير: يريد الآن أن ينبهنا على الأشياء التي يتوصل بها إلى العلم بمراتب الأمراض الحادة وأن يعلم أن المرض PageVW0P009B في نفسه حاد أو مزمن. فإن الوقوف على ذلك ضروري في تقدير أغذية المرضى. وعنى بنوائب المرض أن ينوب كل يوم أو غبا أو ربعا أو غيرها. فإن الأمراض التي تنوب غبا على الأكثر حادة، والتي تنوب ربعا على الأكثر مزمنة. والنائبة كل يوم متوسطة بينهما. وعنى بمرتبه المرض حاله في الحدة والزمانة. وحال الأمراض الحادة * بحسب (167) مراتبها. ويوجد في بعض النسخ "ونظامه"، وعنى بالنظام تأليف المرض من أوقاته كما ذكر في إبيديميا أن لكل واحد من الحميات نظاما. فإن الحمى قد تأخذ بقوة وتبلغ غايتها من الشدة، ثم تخف عند البحران. وربما تبتدئ وهي هادئة، ثم تستصعب كل يوم إلى أن تنتهي غايتها عند البحران. والذي يستدل به على نوائب الأمراض ورتبتهما من الحدة والزمانة أشياء. منها * نوع (168) * نوائب الأمراض ومراتبها من الحدة والزمانة (169) . فإن الغب من الحميات الدائرة حادة والربع مزمنة PageVW0P010A والنائبة متوسطة بينهما والمحرقة الدائمة حادة * واللثقة (170) مزمنة والشطر متوسطة بينهما. * وهكذا (171) حال السرسام والذبحة والشوصة وذات لجنب. فإنها أمراض حادة، وأدوارها تشتد على الأكثر غبا. وبالضد حال الإستسقاء والسل، فإنهما تطول وتنوب * في (172) الأكثر * كل (173) يوم. ومنها أوقات PageVW5P008B السنة، فإن الربع الصيفية أقصر، الشتوية أطول، والخريفية متوسطة بينهما. وبمثله الغب، فإنها في الصيف تكون أقصر منها في الشتاء. ومنها سن المريض ومزاجه وخلقة بدنه وحال قوته ومهنته * والوقت (174) من السنة وحال الهواء في الوقت الحاضر وكمية المادة التي هي سبب المرض وقوامها. فإن الحمى تعينها إذا عرضت * للشباب (175) والحار المزاج ولقضيف والسخيف والمتوفر القوة والمكدورو في الصيف. وإذا كانت المادة يسيرة أو رقيقة، كانت أقصر منها إذا عرضت للشيخ والبارد المزاج PageVW0P010B والمترف * والملزز (176) البدن والضعيف القوة في الشتاء والهواء البارد. وإذا كانت المادة كثيرة أو غليظة * أو لزجة (177) وتنوب الأولى عبا في الأكثر والثانية تنوب كل يوم. ومنها حال الأدوار في الامتداد والاشتداد والتقدم * والسرعة (178) . فإن التزيد في ثلاثتها أو في البعض منها يدل على سرعة حركة المرض إلى المنتهى وعلى القصر. والبلادة فيها تدل على بطؤ حركة المرض إلى المنتهى وعلى الطول. * ومنها (179) الأشياء التي تظهر من بعد، وهي ثلاثة. أحدها أعلام النضج. فمتى ظهرت بسرعة، دلت على استيلاء الطبيعة على المرض وسرعة المنتهى. ومتى تأخرت، فبحسب ذلك يتأخر المنتهى. وهذه الأعلام ليست تبتدئ مع المرض كما تبتدئ الأعلام المقومة للمرض. لكنها قد تقترن بأواخر المبدأ الذي هو جزء من جملته. * والثانية (180) أعلام عدم النضج. وهذه قد تقترن بأول المرض، وقد تظهر من بعد. وتدل بذاتها على طول المرض فقط وتدل باقتران العلامات PageVW0P011A الرديئة بها على الشر ولا تدل على الخير أصلا حسب ما تدل عليه علامات النضج. * والثالثة (181) أعلام البحران. فمتى ظهرت بعد النضج، دلت الخير، لأنها تدل على استيلاء الطبيعة على المرض وحلها عقدته. ومتى ظهرت قبل النضج، أنذرت بالشر لأنها تدل على أن بالمرض * من (182) القوة والرداءة ما يزعج القوة لدفعه قبل أن تعده بالنضج للدفع. وذلك أن الإعداد والتهيئة للدفع يكون قبل الدفع. وعند ذلك، لا يؤمن أن تسقط القوة، لأن المقاوم إذا لم يقهر ضده، لم يؤمن أن يقهره الضد. وجالنوس يذكر أن القوة إذا نهضت للدفع ولم تقو عليه، ربما عرض لها أن تسقط كالذي لا يقدر أن يطرح ثقلا عن نفسه * إلا بأن يسقط معه. وكالذي يعدو عدوا لا يتمالك نفسه حتى (183) يقع في مهواة. ومتى ظهرت علامات * البحران (184) ولم يكن بحران، دل PageVW5P009A على أن الطبيعة نهضت لدفع ما يؤذيها * ولم (185) تقو على ذلك. وبالجري أن يموت المريض إن كانت القوة ضعيفة. وإلا، فيعسر البحران لا محالة جدا.
14
[aphorism]
قال أبقراط: المشايخ أحمل الناس للصوم ومن PageVW0P011B بعدهم الكهول والفتيان أقل احتمالا له. وأقل الناس احتمالا للصوم الصبيان. ومن كان من الصبيان أقوى شهوة، * فهو (186) * أقل (187) احتمالا له.
[commentary]
التفسير: قد انتقل في هذا الفصل إلى الكلام في أغذية الأصحاء. وقوله أحمل الناس للصوم يعني اكثرهم أن لا يجوعوا وأن لا يضرهم الجوع إذا لم يأكلوا. و قوله * والصبيان (188) أقل احتمالا له يعني أحوجهم إلى الغذأ، وأن يضرهم إذا تراكوه. والحاجة إلى الغذأ أولا إنما * هي (189) بحسب * التحلل (190) من البدن، ثم بحسب الحاجة إلى الزيادة لأجل النماء ثانيا. أما بحسب التحلل، فلأن الجسم لا يمكن أن يبقى أوقاتا * إلا لأنه ليس (191) ينقض منه شيء كالحجر مثلا، أو لأنه يعود إليه بدل * مما (192) ينقص منه، كالرياحين والبقول. وأما بحسب النماء، فلأن الجسم الذي ينمو يحتاج أن ينضاف إليه من الزيادة أكثر مما يحتاج إليه * الجسم (193) الذي لا ينمو. وإذا كان مساس الحاجة إلى الغذاء إنما هو * لهذين (194) ثم يوجد المعينان كلاهما أبلغ في الصبيان منهما في المشايخ. أما التحلل، فلأنهم، لقرب PageVW0P012A * العهد (195) بالكون، أحر وأرطب * من (196) سائر * الانسان (197) مزاجا وهما يقتضيان كثرة التحلل، كما أن المشايخ، لسلوكهم طريق الفناء، قد غلب * على أبدانهم البرد واليبس (198) ، وهما يقتضيان قلة التحلل لأن الهيولي للتحلل هو الجوهر الرطب، والفاعل له الحرارة على ما يدلنا عليه تعريضنا الماء والحجر * للشمس (199) . * فلذلك (200) فإن الصبيان يحتاجون من الغذاء أكثر مما * يحتاج (201) إليه الشيوخ. وأما النماء، فلأن الصبيان بعد في السلوك إلى الكمال اللائق * الكائن (202) بالإنسان. فهم يحتاجون لذلك إلى الزيادة في الغذاء. * وأما المشايخ، فلأنهم آخذون في النقصان. فليسوا يحتاجون إلى الزيادة في الغذاء (203) أصلا، بل حاجتهم من ذلك إلى أقل مما يتحلل من أبانهم. فبالحري أن يكون المشايخ أحمل الناس للصوم والصبيان أقل الناس احتمالا له. ومن كان من الصبيان أقوى حارا غريزيا، فهو أقوى نهما وهضما وأكثر نماء. فهو لذلك أقوى شهوة للطعام وأكثرهم حاجة إليه وأقلهم احتمالا * لتركه (204) . ولأن الشبان * بلون (205) * الصبيان (206) في حرارة ورطوبة المزاج وفي النماء، والكهول * والمشايخ (207) PageVW0P012B في البرد واليبس والنقصان. فبالحري أن يكون * الشبان (208) * أقل (209) احتمالا للصوم. * ومن (210) بعدهم الفتيان. والكهول PageVW5P009B * أكثر (211) احتمالا له بعد المشايخ. * وأقلهم المشايخ (212) الذين لم يبلغوا الغاية القصوى من الشيخوخة. فإن من بلغها منهم لا يحتمل الإمساك عن الغذاء اصلا. لكونهم يحتاجون إلى اليسير منه متتابعا، كالسراج الذي قارب الانطفاء. فإن لم يمد باليسير من الدهن متتابعا، انطفأ.
15
[aphorism]
قال أبقراط: ما كان من الأبدان في النشوء، فالحار الغزيري فيهم على غاية ما يكون من الكثرة. ويحتاج من الوقود إلى أكثر * ما (213) يحتاج إليه * غيرهم (214) سائر الأبدان. فإن لم يتناول ما يحتاج إليه من الغذاء ذبل بدنه ونقص. * وأما (215) الشيوخ، فالحار * الغريزي (216) فيهم قليل. ومن قبل ذلك ليس يحتاجون من الوقود إلا إلى اليسير، لأن حرارتهم تطفأ من الكثير. ومن قبل هذا أيضا ليست تكون الحمى في المشايخ حادة كما تكون في يكون الذين في النشوء PageVW0P013A . وذلك لأن أبدانهم باردة.
[commentary]
صفحه نامشخص
التفسير: * هذا (217) الفصل يشبه أن يكون متصلا بالفصل المتقدم كما قاله جالينوس لأنه ينتظم شرحه. فكأنه يقول * ومن (218) كان من الصبيان أقوى شهوة، فهو أقل احتمالا له، لأن ما كان من الأبدان في النشوء، فهو أكثر حارا غريزيا. وافهم من * الحار (219) الجوهر الحامل * للحرارة (220) * الذي له الحرارة (221) الغريزية، لا نفس الحرارة التي هي الكيفية. وهذا الجوهر في الصبيان أكثر منه في غيرهم * لأنهم (222) أقرب عهدا بالكون. وذلك أن الكون إنما يتم من مبدأ حار ورطب، وهو الدم والمني والروح، إلا أن الإنسان من * حين (223) يوجد وإلى أن يفنى لا يزال يزداد يبسا تتحلل الرطوبات * ويزداد (224) بردا بفناء الحرارة، إذ الرطوبة الطبيعية تجري من الحرارة الغريزية مجرى المادة ، كالدهن للسراج والوقود للنار. وإذا كان الأمر كذلك، فالحار الغزيري يوجد في الصبيان على أكثر ما يمكن أن يكون عليه. ولذلك يحتاجون PageVW0P013B من الغذاء إلى أكثر * ما (225) يحتاج إليه سائر الإنسان. وأما المشايخ، فلأنهم أقل الناس حارا غريزيا، فإنهم إذن أقلهم حاجة إلى الغذاء من غيرهم. وأما المتوسطون، * فحاجتهم (226) متوسطة في ذلك. وقد ظن بعض أن بقراط عنى بالحار الغريزي كيفية الحرارة دون الجوهر، ثم زعموا أن كيفية الحرارة في الشبان أقوى * إذا وأكثر (227) حارا غريزيا. وغلطوا في هذا لأن أبقراط عنى بالحار ما ذكرنا من جوهر الحار دون الكيفية. وجوهر الحار الغزيري جوهر هوائي * لذيذ (228) غير لذاع كما هو عليه الحال في الصبيان. وأما الشبان، فلأن رطوبتهم قد نقصت عما في الصبيان. فجوهر الحار فيهم أقل، إلا أنه أقوى سورة من جهة أن كيفية * الحرارة (229) قد خرجت فيهم إلى الفعل لأنها كانت من قبل مغمورة PageVW5P010A بكثرة الرطوبة. ولذلك فهي أحد وأكثر دخانية، ومن قبل هذا، صار ما يتحلل من الصبيان. فهو عذب من جوهر البخار الهوائي الرطب، وصار ما يتحلل من الشبان أكثر دخانية PageVW0P014A وحدة ولذعا. وإنما استشهد أبقراط بقلة حرارة الحمى في المشايخ على قلة الحار الغزيري فيهم لأن الموضوع لهما، أعني الحار الغزيري والحار الغريب، واحد. * فبحسبما (230) يوجد مستعد القبول الواحد منهما، يقبل االآخر. وهاهنا سها الرازي أفحش سهوا، فظن بالحار الغزيري أنه والحار الغريب واحد بالنوع. وإنما يختلفان بالنسبة. فمتى كانت نسبته إلى الرطبوبة بحيث ينشرها إلى سطوح البدن ولا يفرط في تحليلها ويفعل * الهضم والطبخ (231) والنضج، كان غريزيا. ومتى كان يتبدد ويفعل التنشيط والتعفين والإحراق، كان غريبا. ولهذا صارت حرارة الشبان تنقلب في الحمى إلى حرارة محرقة وحرارة * المشايخ (232) إلى حرارة غير حادة. ولم يعلم أن الحرارة الغريزية * تكون (233) راجعة إلى القوة عند خروج الحرارة الغريزية إلى الفعل في الحمى. وإنهما لو كانتا واحدة في الذات، لزم * منها (234) * كثرة الحرارة الغريبة بالحار (235) الغريزي في أي وقت كان، ولو في الحمى PageVW0P014B أن لا تفعل التنشيط والتعفين ، بل النضج والهضم. وقد تكلمنا في هذا * القول (236) الشك في أواخر شكوك حيلة البرؤ * وفي (237) كتابنا في النقض على الرازي شكوكه على جالينوس.
16
[aphorism]
قال أبقراط: الأجواف في الشتاء والربيع أسخن ما يكون بالطبع، والنوم أطول ما يكون. فينبغي في هذين الوقتين أن يكون ما يتناول من * الأغذية (238) أكثر. وذلك أن الحار الغريزي في * الأبدان (239) في هذين الوقتين كثير. ولذلك * يحتاج (240) إلى غذاء كثير. والدليل عليه أمر الأسنان والصريعين.
[commentary]
التفسير:هذا الفصل يتضمن تقدير الغذاء بحسب أوقات السنة. * وكما (241) أن الدستور في تقديره بحسب الأسنان * كان (242) الحار الغزيري، أعني أن ما كان من الأسنان أكثر حارا غزيريا، كان أمس حاجة إلى الغذاء، كذلك الأمر في أوقات السنة. وإنما صارت الأجوف أسخن في الشتاء سخونة بالطبع وبعده في الربيع لأن البرد يكثف سطوح الأجسام، * فيحتقن (243) الحار الغزيري PageVW0P015A داخلا * فيها (244) فيتوفر، ولأنه * يكون (245) راجعا إلى داخل بسبب الضد الوارد عليه كما يبرز في الصيف إلى المجانس له فينفش. وافهم هذا فيما كان من الحيوان قوي الحرارة غزير الدم، فإنه يعرض له أن تنحصر الحرارة فيه كامنة في الداخل * وتجتمع (246) ، فتقوى صنيع الإستحمام بالماء البارد. * فأما (247) ما كان من الحيوان قليل PageVW5P010B الدم يسير الحرارة، فإنه يبقي في الشتاء خدرا كالميت إلى أن تعاوده الحرارة في الصيف. ولأن الحار الغريزي هو الفاعل للأفعال كلها سيما الطبيعية منها، * إذ (248) هو الآلة للفاعل * في (249) أفعاله أجمع. فإنه إذا اجتمع في داخل الأبدان في الشتاء وقوي حاد الاسمراء وتولد الدم ودفع الفضول وبهذايتم الأغتذاء. ومن قبل ذلك تزداد الشهوة للطعام ويسمن البدن. ومما يعين على توفر الحرارة في الأجواف في الشتاء استفاء النوم بسبب طول الليالي. وذلك أن ظلمة الليالي جالبة للنوم لأنها مانعة من التصرفات PageVW0P015B البصرية. ولهذا تغمض الإنسان عينيه متى طلب من نفسه النوم. والحار الغزيري يجتمع في بواطن الأبدان عند النوم، فيتوفر الهضم وسائر الأفعال الطبيعية. وقد يظن أن التحلل يقل في الشتاء لتكاثف سطوح * الأبدان (250) بسبب برد الهواء. فيجب أن تقل الحاجة فيه إلى الغذاء، وأن لا تتحلل الفضول على ما ينبغي. والدليل على * ذلك (251) قلة العرق في الشتاء وكثرته في الصيف. وليس الأمر على ما ظنه هؤلاء لأن التحلل إنما يوجد صادرا عن فاعل يقوى في الشتاء. فهو لذلك يلطف الجوهر تلطيفا أكثر ويحلله عفوا تحليلا * خفيا (252) . * ولذلك (253) فإن الحاجة * إلى الغذاء في الشتاء (254) تزيد على ما كانت عليه في الصيف حتى إن لم يتناول ذلك، غلب البرد على الأبدان ووجد * من (255) ذلك الضرر العظيم. ولهذا لم يقنع * أبقراط (256) بقوله إن الحار * في الأبدان في الشتاء (257) أكثر حتى أمر بأن يكون ما يتناول من الغذاء أكثر. * فلهذا (258) نجد الأبدان في الخريف PageVW0P016A قضافا قليلة الدم. ثم نجدها * مخصبة (259) في الشتاء وتغزر دماؤها حتى أنه يحتاج في الأكثر إذا كان الربيع وانبسطت الدماء في العروق حتى لا تسعها * العروق (260) أن يخرج الدم. وإلا، ولد عللا دموية. وأما الفضول فإن ما تلطف منها يتحلل تحللا خفيا. والذي يبقى غليظا لايتحلل. وقد كان يخرج بالعرق في الصيف لسعة المسام تدفعه الطبيعة مع مائية الدم إلى ناحية الكلى. ولذلك يعزر البول في الشتاء زيادة على ما كان في الصيف ويرسب فيه أكثر مما كان يرسب قبل ذلك. * وأما (261) العرق الذي يوجد في الصيف، فليس ذلك مما يجمد إذا كان البدن يجري أمره المجرى الطبيعي. بل العرق إنما يوجد في الحمام أو في الرياضة الشديدة أو في الصيف. فإنما يوجد لجاذب يستكره على الخروج. وجميع ما قلنا في الشتاء، فافهم مثله في أوائل الربيع وفي جملته متى كانت جملته باردة شبيهة بالشتاء. وقد استشهد أبقراط على أن الحاجة إلى الغذاء PageVW0P016B إنما هي بمقدار الحار الغزيري بالأسنان والصريعين. أما الأسنان فقد تبين أن ما كان منها أكثر حارا عزيريا PageVW5P011A ، فهو أحوج إلى الغذاء من * غيره (262) . * وأما الصريعون، فإنهم باستعمالهم الرياضة، أكثر حارا غزيريا من غيرهم (263) . فهم لذلك أحوج الناس إلى كثرة الغذأ وأقدرهم على أن يتناولوها. وقد سهى الرازي في هذا الباب، قائلا بأن الأجواف لا تكون أسخن في الشتاء منها في الصيف. وأن ذلك إنما يوجد بحسب النسبة، كالبول الذي * يحس (264) خارج الحمام حارا وداخله باردا. وقد نقضنا هذا في حلنا شكوكه على جالينوس.
17
[aphorism]
قال أبقراط: أصعب ما يكون احتمال الطعام على الأبدان في الصيف * والخريف (265) . وأسهل ما يكون احتماله عليها في الشتاء ثم من بعده في الربيع.
[commentary]
صفحه نامشخص
التفسير : هذا الفصل يتضمن نتيجة الفصل المتقدم. وذلك أن الأجواف إذا كانت في الشتاء والربيع، أسخن ما يكون بالطبع. ولذلك صار ما يتناول فيهما من الغذاء يجب أن يكون أكثر. وبالضد من ذلك حال الصيف PageVW0P017A والخريف. فمن البين أن أصعب ما يكون احتمال الطعام على * الأبدان (266) في الصيف * ثم بعده في الخريف (267) . وأسهل ما يكون احتماله عليها في الشتاء ثم * بعده (268) في الربيع.
18
[aphorism]
قال أبقراط: * إن (269) كان ما يستفرغ من البدن عند استطلاق البطن والقيء الذين يكونان طوعا من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه الدن، نقع ذلك وسهل احتماله. وإن لم يكن كذلك، كان الأمر على الضد. وكذلك خلاء العروق، فإنها إن خلت من النوع الذي ينبغي أن يخلو منه، نفع ذلك وسهل احتماله. وإن لم يكن كذلك، كان الأمر على الضد. وينبغي أن تنظر أيضا في الوقت الحاضر من أوقات السنة وفي السن وفي البدن وفي الامراض، هل توجب استفراغ ما قد هممت باستفراغه أم لا.
[commentary]
التفسير: غرض أبقراط بهذا الفصل أن يعلمنا * به (270) كيفية الإستفراغ دون الكمية بدليل أنه أطلق لفظتي * النقاء والنوع (271) وهما لا يستعملان إلا فيما يودي البدن بالكيفية PageVW0P017B وحدهما، وجعل الاستفراغ الذي يكون من تلقاء النفس قانونا يمتثل في الاستفراغ الذي يتعمد له لأن التدابير الطبية تحذو * حذو (272) الأفعال الطبيعة. ولأن الإستفراغ قد يكون من تجويف المعدة والأمعاء ولا تخلو معه العروق. وقد يكون من البدن كله ويتبعه خلاء لعروق. فهو يجعل هذا * القانون (273) فيهما أجمع ليكون قد وفى في الصناعة حقها. * أما (274) الستفراغ الذي يكون من تجويف المعدة والأمعاء، فيكون باستطلاق البطن والقيء اليسيرين لا غير. وأما الذي تخلو معه العروق، فيكون بالقيء والاستطلاق * وبإدرار (275) البول والعرق. وأما خروج الدم والإمساك عن الطعام وإن كان تخلو معهما العروق، فلا من النوع الذي ينبغي أن يخلو منه، بل ومما لا ينبغي أن يخلو منه PageVW5P011B أيضا. * ولذلك (276) ليسا يدخلان فيما هو غرض أبقراط هاهنا. والإمساغ لمن يزعم أن خروج الدم * إذا (277) احتيج إلى خروجه هو خلاء العروق من النوع الذي ينبغي أن يخلو منه، لأن الدم لا يوذي البدن PageVW0P018A بكيفية إلا أن يردؤ * أو (278) * يستحيل (279) عن نوعه. وعند ذلك يكون الأذى * جاريا (280) عند جالينوس من قبل كيفية خلط ما أخر، لا من نفس الدم، لأنه يرى أن الدم، إذا عفن، أستحال إلى المرة ويستدل على أن ما تدفعه الطبيعة هو من الخلط الرديء الذي يؤذي البدن أن يكون خروجه طوعا، أي عفوا لا يلحق صاحبه مشقة ولا كرب ولا أذى، وأن ينتفع البدن بخروجه أي يخف عليه وأن يسهل احتماله أي لا يتعقبه ضعف أصلا. ويستدل على الخلط الذي يقصد * استفراغه (281) * بلون (282) البدن متى كان الخلط في سطح الدبن، وبالمزاج والسن والتدبير المتقدم والوقت الحاضر والبدن متى كان الخلط عائرا. وأقوى الاستدلال هو الوقوف على نوع المرض. * فإن (283) الشيخ في الشتاء * والبلد (284) البارد متى حم حمى محرقة، لم يستفرغ البلغم، وإن كان السن والوقت والمزاج * والبلد (285) يوجبه.
19
[aphorism]
قال بقراط: ليس ينبغى أن يستدل على المقدار الذي يجب أن يستفرغ PageVW0P018B من البدن من كثرته، لكنه ينبغي أن يستغنم الاستفراغ ما دام الشيء الذي ينبغي أن يستفرغ هو الذي يستفرغ والمريض محتمل له بسهولة وخفة وحيث ينبغي. فليكن الاستفراغ حتى يعرض الغشي وإنما ينبغي أن تفعل ذلك متى كان المريض محتملا له.
[commentary]
صفحه نامشخص
التفسير: هذا الفصل يتضمن تعليمنا كمية الإستفراغ إذ قد سبق الكلام في كيفيته والدستور الذي يعتبر به مقدار الاستفراغ، وهو ثلاثة أشياء. أحدها مقدار المادة. فإن بحسبها يجب أن يكون مقدار الاستفراغ. وهذا هو الذي عناه أبقراط بقوله "ما دام الشيء الذي ينبغي أن يستفرغ هو الذي يستفرغ". والثاني قوة البدن. فمتى وجدت مسقلة بالاستفراغ، فليغتنم ذلك. وهذا هو الذي عناه أبقراط بقوله "والمريض محتملا له". والثالث أن يجد * له المرض (286) راحة وخفة. وهذا هو الذي عناه بقوله "بسهولة وخفة". وذلك أنه مهما استفرغ ما لا يجب أن يستفرغ، أحس له بصعف وثقل وكرب. وأقصى حدود القوة التي توقف عندها في PageVW0P019A الاستفراغ هو حدوث الغشي لأنه النهاية في احتمال القوة. فتمى * أوجب (287) الاستفراغ هذا الحد وفي القوة محتمل لذلك، فليغتنم * تلك (288) الحال في إخراج الدم في الحميات المطبقة وفي الأورام الحارة العظيمة وفي الأوجاع الصعبة الشديدة. ويعتبر الغشي الذي يكون من مقدار PageVW5P012A الاستفراغ دون ما يعرض لبعض المرضى خوفا من الفصد أو الخلط لذاع في فم المعدة أو يتجلب إليه في ذلك الوقت أو من قبل انتصابهم في الجلوس. ولذلك يفصد بعض المرضى وهو مستلق. وفي هذه الضروب من الغشي لا ينبغي أن يقطع الاستفراغ لأنه ليس حادثا من مقدار الاستفراغ ولا دالا على الحد الذي انتهى إليه مقدار الحاجة.
20
[aphorism]
قال بقراط: إنما ينبغي لك أن يستعمل الدواء والتحريك بعد أن ينضج المرض. فأما ما دام نيا وفي أول المرض، * فلا (289) ينبغي أن يستعمل ذلك إلا أن يكون المرض * مهتاجا (290) . وليس يكاد في أكثر الأمر أن يكون المرض PageVW0P019B * مهتاجا (291) .
[commentary]
التفسير: هذا الفصل يعلمنا فيه متى يستفرغ الكيموس الذي يحتاج إلى استفراغه بالدواء المسهل. ويقول * إنه (292) متى كانت الأخلاط هائجة أي منصبة، تعد إلى الموضع الذي ينصب إليه كما يوجد عليه حال المواد في مبادئ الأمراض وكانت من الهياج بحيث لا تستقر لكن تسيل من عضو إلى آخر. فالواجب أن يبادر إلى استفراغها في * مبدأ (293) المرض لئلا يصير في الأول * ورم (294) في العضو * أو تتصرف (295) من عضو أخس إلى عضو أشرف في الثاني. * فأما (296) إذا كان الفضل ساكنا، فينبغي أن يتفقد * ما (297) كان سائحا في تجويف العروق كما هو عليه حال المواد * في الحمايات (298) التي لا ورم معها، فليستفرغ في أي وقت احتيج إليه ولا يلتفت إلى أمر النضج. وهكذا يفعل إن كان قد خرج عن العروق إلا أنه غير محتاج إلى النضج. فأما إذا كان راسخا في العضو وهو * ني (299) لا يجيب إلى الاستفراغ إلا بعد أن ينضج، فليتقدم النضج أولا لأنه متى استعمل فيه الإستفراغ قبل النضج، PageVW0P020A خرج ما هو الألطف ويبقى الباقي غليظا لا يؤاتي النضج بعده ولا الإستفراغ بسهولة. * وهكذا (300) هو حال الأورام الرأسبة في الأعضاء وفي مرض النقرس والصرع وسائر ما يوجد من المواد الباردة الغليظة والرطبة اللزجة. وهذا هو الذي عناه أبقراط بما في هذا الفصل لا غير. وزعم جالينوس أن الخلط متى كان ساكنا في العضو، فلا ينبغي أن يحرك بالدواء المسهل قبل ان ينضج. * فإنها إذا نضجت، كانت الطبيعة معينة له على الإستفراغ لأن الطبيعة لا تدفع الفضل إلا بعد النضج. (301) وقد ناقضه الرازي في هذا الباب قائلا بأن الطبيعة أحوج ما يكون إلى معونة الطبيب لإخراج الخلط قبل استيلائها عليها بالنضج لأنها إذا نضجت المادة، استغنت عن المعونة. والمسهل ربما يضر لإنهاكه القوة، ولذلك ليس ينبغي أن يؤخر الإسهال متى أحتيج إليه لا في المحرقة وفي الغب فقط PageVW5P012B ، بل وفي البلغمية والربع معا إذا لم يكن عن أورام. فإن التجربة تشهد بظهور PageVW0P020B النفع فيها أجمع. وأقول إن المتقدمين إنما أخروا * استعمال (302) المسهل في الحمايات لأنهم لم يكونوا يجدون من الأدوية التي تستفرغ * ما يستفرغ (303) ولا يسخن ما نجده نحن اليوم كضروب الهليلجات وكالتمر الهندي والبنفسج وكالتربخبين * والشيرخشك (304) إذ ليس يوجد لأمثال هذه الأدوية * ذكر (305) في كتبهم، بل كانوا مدفوعين إلى * استعمال (306) أدوية تسخن جدا ولحوم المحمومين قبل الرابع عشر حارة شديدة الحرارة. * فهي (307) تجذب الدواء إليها بسرعة، إلا أن يكون * الدواء (308) من القوة بحيث لا يقدر البدن على جذبه. ومثل هذا الدواء يجذدب جذبا قويا ويفعل من الإسهال ما لا يؤمن معه أن يصيبهم تشنج. فإن بجوار كتبهم الحمى بعد ذلك بأكثر مما كانت من قبل ويكون العليل معه على خطر من الهلاك، سيما إن كان الوقت * صيفا (309) . فلذلك لم يكونوا يسقون المحمومين دواء مسهلا إلا عند * الضرورة (310) . بل كانوا * مدفوعون (311) في أمثال هذه الأحوال إلى الحقن. ومن أراد أن يحمل كلام أبقراط هاهنا على الحمايات، فله أن يحمله على وجه آخر من التفسير PageVW0P021A ، وهو أنه عنى بالدواء ما يحرك المواد على * الأكثر بالإدرار (312) . وذلك أن من * الحمايات (313) ما لا يقلع إلا بعد النضج كالحمايات الربع والنائبة كل يوم. ومن البين أن ألأدوية المدرة لموادها لا يمكن أن يستعمل فيها إلا بعد النضج لأنه ليس يؤمن متى استعملت قبل النضج أن ترقق المادة وتصيرها إلى عضو آخر يكون مستوقدا لنوبة أخرى من الحمى. فتصير الحمى الواحدة جمتين كما وصفه في أغلوقن. وأما بعد النضج فمتى استعملت هذه الأدوية، استفرغت المادة بالعرق وانقطعت الحمى. فيكون تقدير قول أبقراط هكذا: إنما ينبغي لك أن يستعمل الدواء المحرك بالإدرار بعد أن ينضج المرض. فأما ما دام نيا وفي أول المرض، فإنه عنى بأول المرض النهوة لأن أول يتحد بعدم النضج. فليس ينبغي أن يستعمل ذلك إلا أن يكون المرض مهتاجا أي متحركا مجيبا إلى الإستفراغ غير محتاج فيه إلى النضج. وليس يكاد في أكثر الأمر أن يكون كذلك.
21
[aphorism]
قال أبقراط PageVW0P021B : الأشياء التي * ينبغي (314) أن تستفرغ * يجب (315) أن تستفرغ من المواضع التي هي إليها أميل بالأعضاء التي تصلح لاستفراغها.
[commentary]
صفحه نامشخص
التفسير:عنى بالأشياء التي ينبغي أن تستفرغ الأخلاط المولدة للأمراض. وهو يريد يعلمنا هاهنا بأي * عضو (316) يجب أن يستفرغ هذه المواد. ويجعل الدستور في ذلك شيئين. أحدهما ميل المادة إلى بعض النواحي. فإن استفراغها PageVW5P013A من الناحية التي هي إليها أميل أسهل من استكراهها على الاستفراغ من ناحية أخرى. وذلك أن استفراغ المادة التي في الكبد من ناحية الأمعاء * إذا (317) كانت مائلة إليها أوفق من استفراغها من ناحية الكلى وهي غير مائلة إليها. والآخر طبيعة العضو، فإنها متى كانت شريفة، كان الضرر الحادث من ميل الخلط إليه أعظم من النفع الذي * يكتسب (318) باستفراغه منه. وذلك نحو ميل * المادة من (319) الكبد إلى الصدر والرية والقلب. ولهذا يجب متى كان * الخلط مائلا (320) إلى ناحية غير PageVW0P022A صالحة للاستفراغ، أن يمال به إلى ناحية أخرى أوفق منها، ومتى مالت إلى النحاية الموافقة كالمعدة والأمعاء والمثانة والرحم والجلد واللهوات والمنحرين، فليعدلها الطبيب ما يحتاج إليه ويعينها على الاستفراغ متى أحس للطبيعة * تقصير (321) * منه (322) .
22
[aphorism]
قال أبقراط: الأبدان التي يأتيها أو قد أتاها البحران على الكمال لا ينبغي أن يحرك بشيء ولا أن يحدث فيها حدث لا بدواء مسهل ولا بغيره من التهييج لكن يترك.
[commentary]
التفسير: يريد أن يعلمنا في هذا الفصل متى يجب علينا أن * نكل (323) أمر المريض إلى الطبيعة، ولا نتكلف نحن سوى تدبير غذائية ومتى يجب * علينا (324) أن يعينها بالاستفراغ بعض المعونة. فهو يقول متى تقدم للعليل بحران تام، فليس ينبغي أن يهيج العليل بدواء مسهل ولا بغيره مما يستفرغه لأن البدن قد نقي نقاء تاما على أحسن الوجوه. وكذلك متى وثقنا من ظهور علامات النضج وعلامات السلامة PageVW0P022B ومن توفر القوة أن البحران الذي يريد تآتيه سيكون بحرانا تاما لأن الطبيعة حينئذ تستفرغ مادة المرض بأوفق مما يستفرغه المسهل. فأما متى تقدم * للعليل (325) بحران غير تام أو علمنا أن البحران كائن لا محالة ولا نثق بأن القوة تقوى عليه، فحينئذ نتقدم فنستفرغ البدن من الأخلاط التي تؤذيه. والبحران التام هو الذي يستكمل ستة خصال. هي أن يكون باستفراغ دون خراج أو انتقال وأن يكون الاستفراغ من الخلط الموجب للمرض وأن يكون من الجانب الذي فيه المرض وبعد علامات النضج وفي يوم باحوري ويتعقبعه راحة وخفة.
23
[aphorism]
قال أبقراط: قد يحتاج في الأمراض الحادة في الندرة إلى أن يستعمل الدواء المسهل في أولها. وينبغي أن يفعل ذلك بعد أن يتقدم فيدبر الأمر على ما ينبغي.
[commentary]
صفحه نامشخص
التفسير: أما ما يقتضيه ظاهر كلام أبقراط، فهو ما فسره جالينوس، وهو أنه يحتاج PageVW5P013B في الندرة في الأمراض الحادة إلى أن PageVW0P023A يستعمل الدواء المسهل في أولها لأن في الندرة يتفق أن يكون الفضل المولد * للمرض (326) مهتاجا في أوله. ثم متى اتفق أن يكون كذلك، * قد (327) يتفق أن لا يكون بدن المريض غير متهيئا للاستفراغ. فإن من تقدمته تخمة أو طعمة لزجة أو فيما دون الشراسيف منه انتفاخ أو في بعض أحشائه ورم أوسدة أو به حرارة شديدة أو كيموسات بدنه غليظة، فليس يمكن أن يستعمل في * واحد من (328) هولاء الدواء المسهل دون أن يتقدم فيعين إما بالهضم أو بما يقطع ويلطف أو يحلل ويرخي أو يسكن. وهذا هو معنى قوله بعد أن يتقدم فتدبر الأمر على ما ينبغي. قال جالينوس وإنما امتنع أبقراط و نهى عن استعمال الدواء المسهل في أوائل المرض الحاد لأن هذه الأمراض تحتاج إلى ما يبرد ويرطب، والمسهل يسخن ويجفف، فيزيدها رداءة وشرا. * فلذلك (329) لا يستعمل إلا حيث يوثق أن الانتفاع به أكثر من المضرة PageVW0P023B الحادثة منه. وإلا * فقد (330) قال في هذا الكتاب إن كنت محركا في الأمراض شيئا، فحركه في ابتدائه. وأما نحن، فلا مانع لنا * في (331) الاستفراغ في أي مرض حاد كان لوجداننا الأدوية التي تصلح لذلك. * وأما (332) إذا كانت الحمى بليدة والأخلاط غليظة لزجة، تحتاج أن تنضج أولا، لم يكن ذلك داخلا في * عداد (333) الأمراض الحادة . وأما قلة تهيأ البدن لاستعمال * الدواء (334) فيه، فقد يمكن أن يصلح ذلك قبل أن يجوز مبدأ المرض. فلا ينبغي أن يؤخر لأجله الاستفراغ مع الحاجة إليه. وأما * حدة (335) الأدوية المسهلة، فنحن في * غنى (336) عنها * لوجدننا (337) أدوية تسهل وتبرد وترطب * معا (338) . * فإذا (339) كان الأمر على هذا، فقد يمكن أن يحمل * قول (340) أبقراط على الوجه الأول وهو أن لا تكون لفظة "الندرة" دالة على استعمال الدواء في أوائل الأمراض الحادة، بل عائدة إلى ما هو مضمر فيه. * فكأنه (341) يقول الأمراض الحادة التي تحتاج إلى ان يستعمل الدواء المسهل في أولها PageVW0P024A * قد (342) لا يمكن أن يستعمل ذلك في الندرة إلا بعد أن نتقدم فيدبر الأمر على ما ينبغي. * ويحتمل (343) أيضا أن يكون تقدير قوله هكذا قد يحتاج في الأمراض الحادة في الندرة إلى أن يستعمل الدواء المسهل في أولها حاجة أكثر. وذلك إذا كان المرض مهتاجا. وينبغي أن يتقدم فيدبر الأمر على ما ينبغي إن كان يحتاج إلى ذلك .
المقالة * الثانية (1)
1
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان النوم في مرض من الأمراض يحدث وجعا، فذلك من علامات الموت. وإذا كان النوم * ينفع (2) ، فليس ذلك من علامات الموت.
[commentary]
التفسير PageVW5P014A :إذا كان الذي يقابل النفع هو الضرر، فبالحري أن يفهم من قوله يحدث وجعا أي ضررا. وإنما صار الضرر الذي يحدث عقيب النوم أدل على PageVW0P024B المكروه لأن الطبيعة أقوى ما تكون على حل المرض * إنما تكون (3) في وقت النوم لاجتماع الحار الغريزي في باطن الأبدان. * فإذا (4) كان المرض من القوة بحيث يغلبها في هذه الحال ويزيد في الضرر، فبالحري أن * يدل (5) على غاية المكروه. وهذا في جميع الأمراض. * ولذلك (6) قال من بعد متى سكن النوم اختلاط الذهن، فتلك علامة صالحة إلا أن جالينوس حمل معنى الفصل على الحمايات وحدها.و زعم أن هذا في منتهى النوائب، وفي وقت الانحطاط يدل على الشر. * وأما (7) في ابتداء النوائب، فإن الحرارة والكيموسات تغور إلى عمق البدن سيما إن كان نافض أو قشعريرة. ومتى اتفق النوم في هذه الحال، تطاولت مدة أعراض المرض، * ولم (8) تنته النوبة منتهاها إلا بكد. وإن كان بصاحبها ورم في بعض الأحشاء أو ينجلب إلى معدته من بعض الكيموسات، زاد فيه. ولذلك يؤمر المريض في هذه الحالة بالانتباه لتبرز الحرارة إلى ظاهر PageVW0P025A البدن، فيقاوم العارض. وقوله * "وإذا (9) كان النوم ينفع، فليس ذلك من علامات الموت" ليس معناه أنه يدل على السلامة. بل أنه لا يدل على الشر فقط.
2
[aphorism]
قال أبقراط: متى سكن النوم اختلاط الذهن، فتلك علامة صالحة.
صفحه نامشخص
[commentary]
التفسير: هذا الفصل يؤيد الفصل المتقدم. إذ هو أحد ما شمله الحكم العام المتقدم
3
[aphorism]
قال أبقراط: النوم والأرق إذا جاوز كل واحد منهما المقدار * القصد (10) ، فهو علامة رديئة.
[commentary]
التفسير: عنى بالأرق اليقظة. وكل واحد منهما إذا جاوز الاعتدال، فليس بمحمود لأن النوم الطبيعي يكون من رطوبة الدماغ باعتدال. * وإفراطه (11) يدل على فرط رطوبة الدماغ. فإن انضاف اليها برد، كان من ذلك السبات. وإن انضاف إليها حر، كان من ذلك ليرغس. واليقظة الطبيعية تكون من يبس الدماغ باعتدال، والأرق يدل على فرط اليبوسة. فإن انضاف إليها برد، كان من ذلك الجمود. وإن انضاف إليها حر، PageVW0P025B كان من ذلك اختلاط. وجالينوس يفرض هاهنا * سبب (12) النوم واليقظة برد وحر الدماغ.
4
[aphorism]
قال أبقراط: لا الشبع ولا الجوع ولا غيرهما من جميع الأشياء بمحمود إذا كان مجاوزا للمقدار الطبيعي.
صفحه نامشخص
[commentary]
التفسير:الشبع المفرط قد يكون لحر المعدة أو المرار فيها أو لقلة ما يجيئها من PageVW5P014B الخلط الأسود أو لامتلاء * في (13) البدن أو لقلة التحلل * منه (14) أو لآفة بالعصب النازل إليها من الدماغ. والجوع المفرط قد يكون لبرد المعدة أو لكثرة ما ينجلب إليها من المرار الأسود أو لشدة تخلخل البدن * ولكثرة (15) ما يتحلل منه أو لنقصان قد تقدم من البدن. وهذه الأحوال كلها ليست محمودة. وذلك أن الصحة إذا كانت بالاعتدال، فمن البين أن * كل (16) ما جاوز الاعتدال لم يكن محمودا.
5
[aphorism]
قال أبقراط: الإعياء الذي لا يعرف له سبب ينذر * بمرض (17) .
[commentary]
التفسير: الإعياء كلال يلحق القوة المحركة للبدن من رفعها الثقيل إلى فوق PageVW0P026A وحطها الخفيف إلى أسفل. ومن قبل أن آلات الحركة تضعف لأنها تسخن وتنحلب إليها فضول. وإذا لم يكن الإعياء بسبب الحركة، وهو الذي لا يعرف له سبب، فهو * لفضول (18) تثقل القوة حتى ينالها منها ما ينالها في وقت الحركة من الكلال. * وينقسم (19) إلى ثلاثة ضروب. أحدها القروحي، وسببه خلط رديء لذاع. والأخر التمددي، وسببه خلط أو ريح أو تمدد. والثالث الورمي، وسببه امتلاء في البدن. وكل واحد من هذه الثلاثة ينذر بمرض سيحدث، إن لم يتلاحق بما ينبغي.
6
[aphorism]
قال أبقراط: من يوجعه شيء من بدنه ولا يحس بوجعه في أكثر حالاته، فعقله مختلط.
صفحه نامشخص
[commentary]
التفسير: * من وجد في بدنه (20) حالة توجب أن يكون معها ألم مثل الورم والجرح والرض والشدخ وغيرها ثم * لم (21) يحس صاحبها بالألم، فعقله مختلط لأن الحس، وإن لم يكن بالعقل، فإن المحل الذي منه تبتدئ تصرفات الحس * هو (22) بعينه محل التصرفات العقلية. فلذلك أمكن PageVW0P026B إذا كان المحل مؤوفا أن يكون كل واحد من القوتين، أعني الحاسة والعقلية، مختلة التصرف. وهذا لا ينعكس حتى أن العقل * متى (23) وجد مختلطا، كان الحس مضرورا. * وقد (24) يكون ذلك بسبب أن القوة الحساسة تقبل قبل الآفة العظمى كما ستفهمه فيما بعد في الفصل الذي أوله "إذا كان وجعان معا". وذلك أن الآفة الموجبة للاختلاط إذا * كانت (25) أعظم من السبب الموجب للوجع، فإن القوة الحساسة تقبل نحوها * وتنصرف (26) إليها لأنها أهم * إذ (27) كانت أعظم. ولذلك فإن المتأله قد يسهو في أوقات تعبده عن وجع فلا يحسه مع وفور عقله. وكذلك حال الذين يرد عليهم * مهم (28) . فإن هؤلاء قد يلهون عن * الأوجاع به (29) وهم * وافرو (30) العقل. * ذكر كاتب الأصل أنه وجد في نسخة غير الأصل وقت المقابلة شرحا آخر لهذا الفصل وهو من يوجعه شيء من بدنه ولا يحس به، فعقله مختلط. التفسير PageVW0P027A هذا لا يصح في كل اختلاط فإن المجانين مختلطو العقل ويحسوا الأوجاع في أبدانهم. لكن هذا يعتبر في الاختلاط الذي يعرض معه للقوى النفسانية أن يشتغل بما هو أهم من الإحساس كالحال في ورم الدماغ والحجاب. فإن الحس، وإن لم يكن بالعقل، كان المحل الذي يبتدئان منه بتصرف واحد. فمتى عرض للقوة ٠النفسانية أن يستعمل بما هو أهم من الحس في اختلاط العقل ثم وجد للبدن حالة توجب الألم كالورم والجرح والرض والشدخ، بقي الإنسان عادما للحس به. وإن كانت الآفة أعظم كما ذكر أبقراط في قوله "من تزعزع دماغه، أصابه على المكان سكتة"، بقي عادما للحس والحركة معا لأن القوى النفسانية تسكن كلها عن التصرف. ويتمكن في مثل ذلك الوقت وقد يعرض للإنسان وهو أعقل ما يكون حاله شبيه بما ذكر أبقراط فإن المتأله يغفل عن وجعه في أوقات بعيدة، فلا يحسه مع وفور عقله. ويرد على الإنسان من PageVW0P027B المهم ما يلهيه عن وجع شديد كان به لأن القوى الحساسة تتصرف في ذلك الوقت عن الإحساس وتشتفل بما هو أهم منه. وقد يعرض للمجانين حالة أخرى شبيهة بما نحن فيه. وذلك أن الأرواح النفسانية إذا غلظت وتكدرت فيهم بالأبخرة الغليظة السوداوية، امتنعت من النفوذ إلى الأعضاء على ما ينبغي. فلا يحسون بأوجاع كثيرة تعرض لهم. فقد ذكر روفس الكبير أن واحدا من أصحاب المالنخوليا لم يكن يحس بما ينخس من بدنه أو يرض وأنه كوي في ساعده، فلم يصدق بالكي إلى أن احترق منه شيء صالح (31) .
7
[aphorism]
قال أبقراط: الأبدان التي * تهزل (32) في زمان طويل، فينبغي أن يكون إعادتها إلى الخصب بتمهل. والأبدان التي ضمرت في زمان * يسير (33) ، ففي زمان يسير تخصب.
[commentary]
التفسير PageVW5P015A : الأبدان التي تهزل في زمان طويل، فإن الأعضاء الأصلية منهم * تكون قد (34) ذابت وتحتاج في أن يعود بدلها إلى زمان طويل. والآلات التي بها يتم الهضم وتولد الدم وتوزعه على الأعضاء تكون قد ضعفت، فلا يتهيأ لها أن تفعل أفعالها على ما ينبغي PageVW0P028A . وأما الأبدان التي هزلت في زمان يسير، فإن الرطوبات والاخلاط منهم قد استفرغت، فيتأتى أن يرد بدلها بالتوسع في الأغذية سريعا، كالحال في من * أصابته (35) هيضة أو تناول مسهلا وقواهم أيضا تكون بحالها أو لم تضعف كثيرا.
8
[aphorism]
قال أبقراط: الناقه من المرض إذا كان ينال من الغذاء وليس يقوى * به (36) ، فذلك يدل على أنه يحمل على بدنه منه أكثر مما يحتمل. وإذا كان ذلك وهو لا ينال منه، دل على أن بدنه يحتاج إلى استفراغ.
صفحه نامشخص
[commentary]
التفسير: معنى "ينال" يشتهي، وقوله "وإذا كان ذلك" أي وإذا كان ناقها. * والناقه (37) متى لم يشته، دل على أن في بدنه فضلة لا يحتاج بسببها إلى الغذاء. بل يحتاج إلى الاستفراغ. PageVW0P028B ومتى اشتهى وتناول ولم يقو، دل على أن بدنه ليس يغتذي بما * يناوله (38) لأنه يتناول أكثر مما تحتمله قوته. فلذلك يؤمر بالتقليل وتلطيف التدبير. وربما * يتفق (39) في معدة الناقه خلط رديء حريف غير كثير، فيكون سببا لسقوط الشهوة. ويعتدل بالغذاء الجيد إذا ورد عليه إلا أن هذا خارج عما عناه أبقراط.
9
[aphorism]
قال أبقراط: كل بدن تريد تنقيته، فينبغي أن تجعل ما تريد إخراجه منه يجري فيه بسهولة.
[commentary]
التفسير: من الأطباء من ذهب في هذا إلى استعمال القيء اليسير إذا أريد * تنقية (40) البدن * بالمقيئ (41) القوي، وإسهال البطن بالأغذية إذا أريد سقي المسهل. وهذا قليل * الغناء (42) في هذا الباب، لكنه عنى به ترقيق الأخلاط الغليظة وتقطيع اللزجة وتفتيح السدد وتوسيع * المسام والمجاري (43) التي تنجذب فيها الأخلاط. ولهذا قيل في ابيديميا "من كان لا يوأتي * المسهل (44) بسهولة، فإنه يحتاج أن يرطب بالغداء والراحة والمرح PageVW0P029A واستعمال الحمام بالماء العذب مرارا كثيرة. فإن ذلك يرطب البدن ويجعل الأخلاط مستعدة * لأن تجري فيه بسهولة يطعم الأغذية الملطفة والمفتحة للسدد (45) لتكون المجاري التي * تريد (46) أن تجري فيها * الأخلاط (47) مفتوحة. وإذا استعمل بعد هذا التدبير * المقيئ أو المسهل (48) ، كان الاستفراغ بلا مشقة وفي أسرع ما يكون وأحسنه، ولا يعرض شيء من الأعراض الرديئة كالمغص والكرب وسوء النبض وغيره.
10
[aphorism]
قال أبقراط: البدن الذي ليس بالنقي، كلما غذوته، زدته شرا.
صفحه نامشخص
[commentary]
التفسير: البدن الذي ليس بالنقي هو الذي فيه أو في المعدة منه * أخلاط (49) رديئة كثيرة والغذاء يفسد فيمن * هذه (50) حاله PageVW5P015B . وإن كان محمودا لفساد الكيموس الرديء فيه، فيزداد البدن بذلك شرا. والرازي ناقض * في (51) هذا الفصل قائلا بأن هذا الحكم لا يصح * أن يكون (52) كليا لأن من في معدته خلط رديء * قليل (53) المقدار يمكن أن يصلح بالغذاء الجيد الذي يرد عليه. * وهذا (54) لا يقدح في * قول (55) أبقراط لأن من * هذه (56) حاله لا يطلق عليه أن بدنه ليس ينقي. وإلا، كان أكثر الأصحاء PageVW0P029B ليسوا بنقي الأبدان.
11
[aphorism]
قال أبقراط: لأن يملأ البدن من الشراب أسهل من أن * يملأ (57) من الطعام.
[commentary]
التفسير: وهذا لما في الشراب من لطافة الجوهر وحرارة المزاج ورطوبة القوام. وهذه أشياء تعين على سرعة الهضم وجودة النفوذ. ولهذا قال في كتابه في الأغذية من احتاج بدنه إلى زيادة * بما يسرعه (58) ، فأبلغ الأشياء في رد قوته الشيء الرطب. ومن احتاج من ذلك إلى ما هو أسرع فتقويته تكون بالشم. وعنى بالرطب الشراب الذي له مع رطوبته غلظ، لأن الشراب المائي يدر ولا يغذو. * وأم (59) ا الأحمر الغليظ، * فإنه يدر (60) بسرعة ويقوي البدن. ولهذا صار الأوفق لمن يريد أن يرجع بدنه من الهزال إلى الحصب سريعا أن ينقص غذائه ويزيد في مقدار الشراب. فإن هذا تدبير يعين على تجويد الهضم وتكثير الدم وسرعة النفوذ والتوزع على الأعضاء.
12
[aphorism]
قال أبقراط: البقايا التي تبقى من الأمراض بعد البحران من عادتها أن PageVW0P030A تجلب عودة من المرض.
صفحه نامشخص
[commentary]
التفسير: السبب في ذلك أن الخلط الذي يبقى في أبدان الناقهين لا يغذوهم لرداءته لكنه * يتعفن (61) ويولد الحمى. ولهذا يجب إن لم يستفرغ أن يؤخذ صاحبه التحرز في تدبيره. فإنه * إذا (62) فعل ذلك * والفضل (63) غير كثير، فخليق أن يبرأ منه برؤا تاما حتى لا يعاوده. وإن كان الفضل كثيرا، فسيعاوده، وإن أخذ بالتحرز في تدبير لكنه لا يعاوده بصعوبة وخطر. وإن أغفل أمره وكان قد برؤ، فسيعاوده بأصعب مما كان في الإبتداء.
13
[aphorism]
قال أبقراط: * إن (64) من يأتيه البحران قد يصعب مرضه في الليلة التي قبل نوبة الحمى التي يأتي فيها البحران، ثم في الليلة التي بعدها * يكون (65) أخف على الأمر الأكثر.
[commentary]
التفسير: الطبيعة تحتاج في وقت البحران إلى تمييز * الجيد من الرديء (66) وتهيئته للاندفاع. فواجب عند ذلك أن يكون بين القوة والعلة مجاهدة، وإن تقلق المريض لتلك PageVW0P030B المنازعة ويضطرب. وهذا هو * الذي (67) عناه بصعوبة المرض. وخصصها بالليل وإن كانت قد تكون بالنهار لأن شأن الليل أن يكون فيه النوم. فإذا اضطرب المريض فيه ولم ينم، * تبين (68) ذلك أكثر. ولأنه يخلو بالليل وحده، فتنفرغ لمقاساة مرضه أكثر. ولأن المواد أقل تحللا منها بالنهار، فتكون أكثر تأذية للقوة. * ولأن (69) الطابيعة تجاهد المرض بالليل أكثر لورود الحار الغزيري على عمق البدن. وإنما يخف المريض في الليلة التي بعد البحران لأن * البحارين في الأكثر (70) تؤول إلى السلامة إلا في حال الوباء.
14
[aphorism]
قال أبقراط: عند استطلاق البطن قد ينتفع باختلاف ألوان البراز إذا ما لم يكن تغيره إلى أنواع منه رديئة.
صفحه نامشخص
[commentary]
التفسير: عند استطلاق البطن، سواء كان ذلك عن هيضة أو شرب دواء، فإن اختلاف ألوان البراز بعد أن يكون كلها من جواهر الاخلاط محمود لأنه يدل على نقاء البدن من كيموسات كثيرة. فأما إذا كان PageVW0P031A خراطة * أو دما (71) أو أغشية أو شحما أو * أشياء (72) من جنس الذوبان أو من جنس العفونات الاحتراقية كالمرة السوداء الخالصة، فإن هذه كلها مذمومة. وكلما كان مثل هذه الألوان أكثر، كان أدل على الشر لأنه يدل على أن الشيء المهيج للأسهال * قد أنكى مواضع من البدن (73) .
15
[aphorism]
قال أبقراط: متى اشتكى الحلق أو خرجت في البدن بثور أو خراجات، فينبغي أن تنظر وتتفقد ما يبرز من البدن. فإنه إن كان الغالب عليه المرار، * كان (74) البدن مع ذلك * عليلا (75) . وإن كان ما * يبرز (76) مثل ما يبرز من البدن الصحيح، فكن على ثقة من التقدم على أن * تغذو (77) البدن.
[commentary]
التفسير: هذا الفصل يرشدنا إلى أن لا نستفرغ البدن عند الأعراض اليسيرة. وذلك أن الاستفراغ في مثل هذه الحال منكي للبدن. فمتى ما ظهر ورم أو خراج أو ثبور * لم (78) يكن كثيرا، فينبغي أن يتفقد حال البول والبراز وغيرهما. فإن لم يدل على خلط، فإن ذلك لأن الطبيعة قد نهضت لدفع فضلة يسيرة PageVW0P031B كانت في الدبن إلى خارج. وأن الفضل لما وصل إلى الجلد، لم ينفذ فيه لغلظه والتام من ذلك الثبور والأورام. فإن كانت الفضلة في الرأس، فخليق أن يقبلها الحلق. فمتى لم يدل شيء من الدلائل على أن في البدن * مرارا (79) ، فيجب أن يغذى العليل بما * يضاد (80) الخلط ويكسر عاديته فقط. وإن كانت علامات المرار ظاهرة، دل على أن البدن ليس بنقي. فليستفرغ أولا ثم يغذى. وربما وجد في البدن حكة شديدة هذه حالها، أعني أنها تدل تارة على اندفاع فضلة يسيرة حريقة * في البدن (81) إلى سطح * البدن، (82) وتارة على أن البدن * غير نقي لكنه (83) يحتاج إلى الاستفراغ .
16
[aphorism]
قال أبقراط PageVW5P016B : متى كان بانسان جوع، فلا ينبغي أن يتعب.
صفحه نامشخص