شرح فتح القدير
شرح فتح القدير
ناشر
دار الفكر
شماره نسخه
الثانية
محل انتشار
بيروت
وهو مشكل فإن عدم طهارة لحوم السباع بالذكاة ليس لذات نجاسة السؤر بل لنجاسة اللحم غير أنه استوضح نجاسته بنجاسة السؤر وعدم نجاسة سؤر ما ذكر ليس لطهارة لحمها بل لعدم اختلاط اللعاب بالماء في سباع الطير لأنه يشرب بمنقاره وهو عظم جاف فلا يصل إلى الماء منه شيء لينجسه بخلاف سباع البهائم وسقوط نجاسة سؤر الهرة والفأرة والحية للضرورة اللازمة من المخالطة على ما يأتى في موضعه وشيء من هذا لا يقتضى طهارة اللحم لعدم تحقق المسقط للنجاسة فيه نفسه قوله وشعر الميتة كل مالا تحله الحياة من أجزاء الهوية محكوم بطهارته بعد موت ما هي جزؤه كالشعر والريش والمنقار والعظم والعصب والحافر والظلف واللبن والبيض الضعيف القشر والأنفحة لا خلاف بين أصحابنا في ذلك وإنما الخلاف بينهم في الأنفحة واللبن هما متنجسان فقالا نعم لمجاورتهما الغشاء النجس فإن كانت الأنفحة جامدة تطهر بالغسل وإلا تعذر طهرها وقال أبو حنيفة ليسا بمتنجسين وعلى قياسهما قالوا في السخلة إذا سقطت من أمها وهي رطبة فيبست ثم وقعت في الماء لا ينجس لأنها كانت في معدنها فهاتان خلافيتان مذهبية وخارجة
لنا فيها أن المعهود فيها حالة الطهارة وإنما يؤثر الموت النجاسة فيما تحله ولا تحلها الحياة فلا يحلها الموت وإذا لم يحلها وجب الحكم ببقاء الوصف الشرعي المعهود لعدم المزيل وفي السنة أيضا ما يدل عليه وهو قوله صلى الله عليه وسلم في شاة مولاة ميمونة حين مر بها ميتة إنما حرم أكلها في الصحيحين وفي لفظ إنما حرم عليكم لحمها ورخص لكم في مسكها وأخرج الدارقطنى عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس إنما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الميتة لحمها فأما الجلد والشعر والصوف فلا بأس به وأعله بتضعيف عبد الجبار بن مسلم وهو ممنوع فقد ذكره ابن حبان في الثقات فلا ينزل الحديث عن الحسن
ثم أخرجه من حديث أبى بكر الهذلى عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه ألا كل شيء من الميتة حلال إلا ما أكل منها فأما الجلد والقرون والشعر والصوف والسن والعظم فكله حلال لأنه لا يذكى وأعله بأن أبا بكر هذا متروك
وأخرج أيضا عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عنه صلى الله عليه وسلم لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ ولا بأس بصوفها ولا شعرها ولا قرونها إذا غسل بالماء وضعفه بأن يوسف بن أبى السفر بالسين المهملة المفتوحة وسكون الفاء متروك
وأخرج البيهقى عن بقية عن عمرو بن خالد عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمتشط بمشط من عاج قال ورواية بقية عن شيوخه المجهولين ضعيفة
وقال الخطاب قال الأصمعي العاج الذبل وهو ظهر السلحفاة
وأما العاج الذي تعرفه العامة عظم أنياب الفيل فهو ميتة لا يجوز استعماله انتهى
وفيه أمران أحدهما أنه أوهم أن الواسطى مجهول وليس كذلك والآخر إيهامه بقوله الذي تعرفه العامة أنه ليس من اللغة وليس كذلك
قال في المحكم العاج أنياب الفيلة ولا يسمى غير الناب عاجا
وقال الجوهري العاج عظم الفيل الواحدة عاجة فبهذا يكون إن صح ما عن الأصمعي تأويلا للمراد لما اعتقد بنجاسة عظم الفيل
فهذه عدة أحاديث لو كانت ضعيفة حسن المتن فكيف ومنها مالا ينزل عن الحسن وله الشاهد الأول من الصحيحين ثم في هذا الحديث ما يبطل قول محمد من نجاسة عين الفيل وجه قولهما في المذهبية التنجس بالمجاورة
صفحه ۹۷