شرح فتح القدير
شرح فتح القدير
ناشر
دار الفكر
شماره نسخه
الثانية
محل انتشار
بيروت
فالحاصل أنهما لا يصححان منه تيمما أصلا بناء على عدم صحة النية منه فما يفتقر إليها لا يصح منه وهذا لأن النية تصير الفعل منتهضا سببا للثواب ولا فعل يقع من الكافر كذلك حال الكفر ولذا صححوا وضوءه لعدم افتقاره إلى النية ولم يصححه الشافعي لما افتقر إليها عنده وقد رجع المصنف إلى التحقيق في التعليل في جواب زفر حيث قال وإنما لا يصح من الكافر لانعدام النية قوله بخلاف سجدة التلاوة الخ المراد بكونها قربة مقصودة هنا كونها مشروعة ابتداء يعقل به معنى العبادة وأما قولهم في الأصول إنها ليست بقربة مقصودة فالمراد أنها ليست مقصودة لعينها بل لإظهار مخالفة المستنكفين من الكفار بإظهار التواضع والانقياد لله سبحانه وتعالى ولذا أديت في ضمن الركوع وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى قوله فيستوى فيه الابتداء والبقاء فكما لا يصح ابتداء التيمم وهو كافر لا يصح بقاؤه مع الكفر كالمحرمية في باب النكاح كما يمنع ابتداء النكاح يمنع بقاؤه حتى لو كان الزوجان صغيرين فأرضعتهما امرأة ارتفع النكاح أو كبيرين فمكنت الزوجة ابن زوجها ارتفع بعد الثبوت والأصل أن كل صفة منافية الحكم يستوى فيها الابتداء والبقاء إلا أن يخرج شيء بالنص كبقاء الصلاة عند سبق الحدث حتى جاز البناء وكلام المصنف في الاستدلال المذكور لزفر لا يستلزم بناءه على حبط العمل بالكفر ليحتاج إلى جوابه على مالا يخفى بعد قليل تأمل قوله ولنا أن الباقي حاصله تسليم الأصل المذكور ومنع صدقه في المتنازع فيه أفاد هذا إدخال اللام في الباقي أى ليس التيمم نفسه باقيا ليرتفع بورود الكفر بل الباقى صفة الطهارة التي أوجبها وهذه لا يرفعها شرعا إلا الحدث ولذا لو أعترض على الصفة الكائنة عن الوضوء لم يرفعها وهي مثلها
ولما كان هذا مظنة أن يقال البقاء في هذا ونحوه من النكاح وسائر العقود ليس إلا بقاء آثارها فإن الباقى في النكاح والبيع بعد صدور العقد ليس إلا الأثر من الحل والملك ومع ذلك اعتبر ذلك بقاء لها حتى انتفت بورود ما ينفى ابتداءها على ما بينا فبقاء الصفة حينئذ بقاء التيمم ويلزم ما قلته زاد قوله وإنما لا يصح من الكافر ابتداء لانعدام النية منه وهذا يحول التقرير عن وجهته الأولى هكذا التيمم نفسه لا ينافيه الكفر وإنما ينافى شرطه وهو النية المشروطة في الابتداء وقد تحققت وتحقق التيمم لذلك فالصفة الباقية بعده لو اعتبرت كنفسه لا يرفعها الكفر لأن الباقي حينئذ حكما ليس هو النية قوله وينقضه أيضا رؤية الماء إذا قدر على استعماله لأن القدرة هي المرادة بالوجود الذي هو غاية لطهورية التراب في قوله صلى الله عليه وسلم التراب طهور المسلم إلى عشر حجج ما لم يجد الماء ومقتضاه خروج ذلك التراب الذي تيمم به عن الطهورية ويستلزم انتفاء أثرها من طهارة الرجل
صفحه ۱۳۳