شرح فتح القدير
شرح فتح القدير
ناشر
دار الفكر
شماره نسخه
الثانية
محل انتشار
بيروت
قال المصنف في التنجيس ومعنى فساد الماء ما ذكرنا يعنى به ما قدمه في تفسير قول عصام في عرق الحمار والبغل يصيب الماء يفسد وإن قل من أن المراد سلب طهوريته فقط لكن هذا في كلام المنتقى ظاهر لأنه لو كان مراده بالفساد التنجيس كان لنجاستها فلم يفترق الحال حينئذ بين الثوب والماء أما مراد عصام فلو كان ذلك لم يصح قوله وإن قل لأن المخالط الطاهر لا يسلب الطهورية إذا قل مطلقا قوله وهو الأصح يعنى أنه في طهوريته قوله وسبب الشك تعارض الأدلة في إباحته وحرمته فحديث خيبر في إكفاء القدور وفي بعض رواياته أنه عليه الصلاة والسلام أمر مناديا ينادى بإكفائها فإنها رجس رواه الطحاوى وغيره يفيد الحرمة وحديث غالب بن أبجر حيث قال له صلى الله عليه وسلم هل لك من مال فقال ليس لي مال إلا حميرات لي فقال صلى الله عليه وسلم كل من سمين مالك يفيد الحل واختلاف الصحابة رضى الله عنهم في طهارته ونجاسته فعن ابن عمر نجاسته وعن ابن عباس طهارته وقد زيف شيخ الإسلام الأول بأن تعارض المحرم والمبيح لا يوجب شكا بل الثابت عنده الحرمة والثانى بأن الاختلاف أيضا لا يوجبه كما لو أخبر عدلان أحدهما بطهارة الماء والآخر بنجاسته يتهاتران ويعمل بالأصل وهو طهارة الماء والصواب عنده أن سببه التردد في تحقق الضرورة المسقطة للنجاسة فإنها تربط في الأفنية وتشرب من الإجانات المستعملة فبالنظر إلى هذا القدر من المخالطة تسقط نجاسة سؤرة التي هي مقتضى حرمة لحمه الثابتة وبالنظر إلى أنه لا يدخل المضايق كالهرة والفأرة يكون مجانيا لا مخالطا فلا تسقط فلما وقع التردد في الضرورة وجب تقرير الأصول فالماء كان طاهرا فلا يتنجس بما لم تتحقق نجاسته والسؤر بمقتضى حرمة اللحم نجس فلا يحكم بطهارته ولا يتنجس الماء بوقوعه فيه وعلى هذا سقطت أسئلة الوجهان المذكوران لشيخ الإسلام
والثالث أن يقال لما وقع التعارض في السؤر وللماء خلف وجب أن يصار إليه كمن له إناءان طاهر ونجس ولا مميز فإنه يسقط استعمال الماء ويجب التيمم لأنها إنما تلزم لو لم يعتبر تقديم المحرم
صفحه ۱۱۶