"من بهائك بأبهاه وكل بهائك بهي اللهم إني أسألك ببهائك كله".
من بهائك متعلق بأبهاه، وهو متعلق بأسئلك. أي أسئلك بأبهى من بهائك وكذلك ساير الفقرات.
واعلم أن السالك بقدم المعرفه إلى الله لا يصل إلى الغاية القصوى ولايستهلك في أحدية الجمع ولا يشاهد ربه المطلق إلا بعد تدرجه في السير إلى منازل ومدارج ومراحل ومعارج من الخلق إلى الحق المقيد، ويزيل القيد يسيرا يسيرا، وينتقل من نشأة إلى نشأة ومن منزل إلى منزل حتى ينتهي إلى الحق المطلق، كما هو المشار إليه في الكتاب الإلهي لطريقة شيخ الأنبياء عليه وعليهم الصلوة والسلام بقوله تعالى: {فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي. إلى قوله - وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين} (الأنعام 76-79). فتدرج من ظلمات عالم الطبيعة متدرجا مرتقيا إلى عالم الربوبية. فطلوع ربوبية النفس متجلية بصورة الزهرة. فارتقى عنها فرأى الأفول والغروب لها، فانتقل من هذا المنزل إلى منزل القلب الطالع قمر القلب من أفق وجوده، فرأى ربوبيته، فتدرج عن هذا المقام إلى طلوع شمس الروح. فلما أفلت بسطوع نور الحق وطلوع الشمس الحقيقي نفى الربوبية فيها وتوجه إلى فاطرها وخلص عن كل إسم ورسم وتعين ووسم، وأناخ راحلته عند الرب المطلق. فالعبور عن منازل الحواس والتخيلات والتعقلات، والتجاوز عن دار الغرور إلى غاية الغايات، والتحقق بنفي الصفات والرسوم والجهات عينا وعلما لا يمكن إلا بعد التدرج في الأوساط من البرازخ السافلة والعالية إلى عالم الآخره، ومنها إلى عالم الأسماء والصفات. من التي كانت أقل حيطة إلى أكثر حيطة، إلى الإلهية المطلقة ، إلى أحدية عين الجمع المستهلك فيها كل التجليات الخلقيه والأسمائية والصفاتية الفانية فيها التعينات العلميه والعينية. وأشار المولوى إلى هذا التدرج بقوله:
از جمادى مردم ونامى شدم وزنما مردم ز حيوان سر زدم
إلى قوله:
بس عدم كردم عدم جون ارغنون كويدم كانا اليه راجعون
وهذا هو الظلومية المشار إليها بقوله تعالى:{إنه كان ظلوما جهولا}. وهذا مقام " أو أدنى" أخيرة مقامات الإنسان. بل لم يكن هيهنا مقام ولا صاحب مقام. وهذا مقام الهيمان المشار إليه بقوله تعالى: {ن والقلم وما يسطرون}(ن: 1) على بعض الإحتمالات. فإذا بلغ ***46]
صفحه ۴۵