خروج عن مذهب البرهان ويجعل قياسه مغالطيا عليلا، كما ورد في أخبار أهل البيت عليهم السلام. فمن طريق الكافي عن عيسى بن عبدالله القرشي قال: دخل أبو حنيفة على أبي عبدالله عليه السلام فقال له: يا أبا حنيفه، بلغني أنك تقيس. قال: نعم. قال: لا تقس، فإن أول من قاس إبليس، حين قال: {خلقتني من نار وخلقته من طين}(الأعراف:12). فقاس ما بين النار والطين، ولو قاس نورية آدم بنورية النار عرف فضل ما بين النورين وصفاء أحدهما على الآخر. ومن هذا الخطأ والغلط والنظر إلى الظاهر وسد أبواب الباطن إنكار الناس الأنبياء المرسلين بملاحظة أنهم عليهم السلام يمشون في الأسواق ويأكلون ويشربون مثلهم، كما قال تعالى حكاية عنهم:{قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شئ إن أنتم إلا تكذبون}(يس:15).
تتميم مقال لايضاح حال
لا يذهبن بنور عقلك الشيطان ولا يلتبس عليك الأمر حتى تقع في الخذلان، فإن الشيطان يوسوس في صدور الناس باختلاط الحق بالباطل والصحيح بالسقيم، فربما يخرجك عن الطريق المستقيم بصورة صحيحة ومعنى سقيم فيقول: إن العلوم الظاهرية والأخذ بكتب الظاهر السماوية ليس بشيء وخروج عن الحق والعبارات القالبية والمناسك الصورة مجعولة للعوام كالأنعام وأهل الصورة وأصحاب القشور. وأما أصحاب القلوب والمعارف فليس لهم إلا الأذكار القلبية والخواطر السرية التي هي بواطن المناسك ونهايتها وروح العبادات وغايتها وربما ينشد لك ويقول:
علم رسمى سربسر قيل است وقال... نه از او كيفيتى حاصل نه حال
علم نبود غير علم عاشقى ...ما بقى تلبيس ابليس شقى
إلى غير ذلك من التلبيسات والتسويلات. فاستعذ منه بالله وقل له أيها اللعين، هذه كلمة حق تريد بها الباطل، فإن الظاهر المطعون هو الظاهر المنفصل عن الباطن والصورة المنعزلة عن المعنى، فانه ليس بكتاب ولا قرآن. وأما الصورة المربوطة بالمعنى، والعلن الموصول بالسر فهو المتبع على لسان الله ورسوله وأوليائه عليهم السلام، كيف وعلم ظواهر الكتاب والسنة من أجل العلوم قدرا وأرفعها منزلة، وهو أساس الأعمال الظاهرية والتكاليف الإلهية والنواميس الشرعية والشرايع الإلهية والحكمة العملية التي هي الطريق المستقيم إلى الأسرار الربوبية والأنوار الغيبية والتجليات الإلهية، ولولا الظاهر لما وصل ***98]
صفحه ۹۹