109

شرح ديوان المتنبي

شرح ديوان المتنبي

پژوهشگر

مصطفى السقا/إبراهيم الأبياري/عبد الحفيظ شلبي

ناشر

دار المعرفة

محل انتشار

بيروت

- ١٠ - الْإِعْرَاب أَن لَيْسَ هى المخفقة من الثَّقِيلَة وَلَا تدخل إِلَّا على الِاسْم وَلَا تدخل على الْفِعْل حَتَّى يحجز بَينه وَبَينهَا حاجز لدخولها على الْأَسْمَاء كَقَوْلِه تَعَالَى ﴿ذَلِك أَن لم يكن رَبك مهلك الْقرى﴾ تَقْدِيره أَنه لم يكن رَبك مهلك الْقرى بظُلْم وَكَقَوْلِه تَعَالَى ﴿علم أَن سَيكون مِنْكُم مرضى﴾ تَقْدِيره أَنه سَيكون فلابد من حرف يحجز بَينهَا وَبَين الْفِعْل وَقد دخلت هَا هُنَا على لَيْسَ وَهِي فعل بِلَا حاجز وَذَلِكَ لضعف لَيْسَ عَن الْأَفْعَال وَلِأَنَّهَا غير متصرفة كتصرف الْأَفْعَال وَقد جعلهَا أَبُو على حرف زمَان وَمثل هَذَا قَوْله تَعَالَى ﴿وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى﴾ فَدخلت بِغَيْر حاجز لِضعْفِهَا الْمَعْنى يُرِيد أَنه كَانَ يغلب جَمِيع النَّاس وَلم يقدر على الِامْتِنَاع من الْمَوْت فَدلَّ ذَلِك على أَنه لَا غَالب لله وَهُوَ من قَول أَبى تَمام (وكَفَى بقَتْلِ مُحَمَّدٍ لى شاهِدًا ... أنَّ العَزِيزَ مَعَ القَضَاءِ ذَلِيلُ) ١ - الْغَرِيب كرب أَن يفعل كَذَا أى كَاد وقارب وكربت الشَّمْس دنت للغروب وكربت حَيَاة النَّار قَارب انطفاؤها قَالَ عبد الْقَيْس بن خفاف البرجمى (أبُنَىّ إنَّ أباكَ كارِبُ يَوْمه ... فاذَا دُعِيتَ إِلَى المَكارمِ فاعْجلِ) وَقَوله انى يُرِيد كَيفَ وأنى بِمَعْنى كَيفَ كثير قَالَ الله تَعَالَى ﴿أَنى يحيي هَذِه الله بعد مَوتهَا﴾ ﴿أَنى لَك هَذَا﴾ الْمَعْنى يُرِيد أَنه بَكَى فى منَازِل الأحباب بدمع قضى لَهُم مَا وَجب وشفاه من وجده ثمَّ رَجَعَ عَن ذَلِك وَقَالَ كَيفَ قضى ذَلِك وَلَا قَارب ذَلِك وَلَا داناه كلا وَلَا قضى الْحق وَلَا شفى الوجد وَذَلِكَ لِكَثْرَة بكائه وَغَلَبَة الوجد عَلَيْهِ ظن أَنه بلغ بذلك قَضَاء حَقهم ثمَّ رَجَعَ إِلَى نَفسه فَعَاد عَن ذَلِك وَنفى أَن يكون قضى حَقهم أَو قاربه وَهَذَا مَوْجُود فى أشعار القدماء والمحدثين أَن يرجِعوا فى آخر الْبَيْت عَمَّا أوجبوه فى أَوله وَمِنْه قَول زُهَيْر ابْن أَبى سلمى (قِفْ بالدّيارِ الَّتِى لم يعْفُها القِدَمُ ... بَلى وغَيَّرَها الأرْوَاحُ والدِّيَمُ)

1 / 109