شرح عمدة الفقه
شرح عمدة الفقه (من أول كتاب الصلاة إلى آخر باب آداب المشي إلى الصلاة)
پژوهشگر
د. صالح بن محمد الحسن
ناشر
مكتبة الحرمين
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٠٩ هـ - ١٩٨٨ م
محل انتشار
الرياض
أَوْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ عَمْدًا. فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَأَجْزَأَ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ مَطَلَ الْغُرَمَاءَ بِدُيُونِهِمْ مَعَ الْيَسَارِ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ بِهَذَا الْمَطْلِ وَالتَّأْخِيرِ، وَيُؤَدَّى عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَيُجْزِؤُهُ، بَلْ عِنْدَنَا لَوْ أَخَّرَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، ثُمَّ فَعَلَهُ فِي آخِرِ عُمْرِهِ أَجْزَأَ عَنْهُ، وَأَثِمَ بِالتَّأْخِيرِ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ وَيَسْتَغْفِرَ. وَهَذَا لِأَنَّ اللَّهَ ﷾ أَوْجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ، وَأَنْ يَكُونَ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ، كَمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ، وَيَصُومَ، وَأَنْ يَفْعَلَ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ فِي وَقْتِهِمَا، فَمَتَى تَعَذَّرَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَاجِبَيْنِ: لَمْ يَسْقُطِ الْوَاجِبُ الْآخَرُ وَهُوَ مُطْلَقُ الْحَجِّ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يُفْعَلَ عَنْهُ، وَإِذَا تَعَذَّرَ فِعْلُ الْعِبَادَةِ فِي وَقْتِهَا لَمْ يَسْقُطْ نَفْسُ الْفِعْلِ، بَلْ يُفْعَلُ بَعْدَ الْوَقْتِ.
فَهَذَا الَّذِي أَخَّرَ الْحَجَّ حَتَّى مَاتَ: إِنْ لَمْ يُفْعَلْ عَنْهُ لَحِقَهُ وَعِيدُ تَرْكِ الْحَجِّ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنْ فُعِلَ عَنْهُ أَجْزَأَ عَنْهُ نَفْسُ الْحَجِّ، وَبَقِيَ إِثْمُ تَأْخِيرِهِ وَتَفْرِيطِهِ فِيهِ، وَتَرْكِ فِعْلِهِ، كَمَا يَبْقَى عَلَى مَنْ يَقْضِي الدَّيْنَ إِثْمُ الْمَطْلِ وَأَشَدُّ. وَسُؤَالُهُ الرُّجْعَةَ، [وَكَوْنُهُ يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ: حَقٌّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِأَجْلِ تَرْكِهِ] الْحَجَّ بِنَفْسِهِ وَتَفْرِيطِهِ فِيهِ، كَمَا أَنَّ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ مُتَعَمِّدًا حَبِطَ عَمَلُهُ وَإِنْ قَضَاهَا، وَكَمَا يَلْحَقُ الْوَعِيدُ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ، وَإِنْ صَلَّوْهَا بَعْدَ الْوَقْتِ. وَهُنَا قَدْ قَضَوْهَا بِأَنْفُسِهِمْ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَقْضِي عَنْهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ.
وَلِأَنَّ هَذَا النَّكَالَ وَهَذَا الْخَطَرَ وَالْعَذَابَ الشَّدِيدَ يَكُونُ [حِينَ الْمَوْتِ قَبْلَ أَنْ
1 / 191