شرح العقيدة الطحاوية
شرح العقيدة الطحاوية
پژوهشگر
أحمد شاكر
ناشر
وزارة الشؤون الإسلامية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٨ هـ
محل انتشار
والأوقاف والدعوة والإرشاد
ژانرها
عقاید و مذاهب
اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾ (١).
فَنَبَّهَ ﷾ فِي آخِرِ الْآيَةِ عَلَى دَلِيلِ انْتِفَاءِ الْعَجْزِ، وَهُوَ كَمَالُ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، فَإِنَّ الْعَجْزَ إِنَّمَا يَنْشَأ إِمَّا مِنَ الضَّعْفِ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا يُرِيدُهُ الْفَاعِلُ، وَإِمَّا مِنْ عَدَمِ عِلْمِهِ بِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَقَدْ عُلِمَ بِبَدَايهِ (٢) الْعُقُولِ وَالْفِطَرِ كَمَالُ قُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ، فَانْتَفَى الْعَجْزُ، لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُدْرَةِ مِنَ التَّضَادِّ، وَلِأَنَّ الْعَاجِزَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إِلَهًا، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
قَوْلُهُ: (وَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ)
ش: هَذِهِ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ الَّتِي دَعَتْ إِلَيْهَا الرُّسُلُ كُلُّهُمْ، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَإِثْبَاتُ التَّوْحِيدِ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ بِاعْتِبَارِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ الْمُقْتَضِي لِلْحَصْرِ، فَإِنَّ الْإِثْبَاتَ الْمُجَرَّدَ قَدْ يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الِاحْتِمَالُ. وَلِهَذَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لَمَّا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ (٣)، قَالَ بَعْدَهُ: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ (٤). فَإِنَّهُ قَدْ يَخْطُرُ بِبَالِ أَحَدٍ خَاطِرٌ شَيْطَانِيٌّ: هَبْ أَنَّ إِلَهَنَا وَاحِدٌ، فَلِغَيْرِنَا إِلَهٌ غَيْرُهُ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ (٥).
وَقَدِ اعْتَرَضَ صَاحِبُ الْمُنْتَخَبِ عَلَى النَّحْوِيِّينَ فِي تَقْدِيرِ الْخَبَرِ فِي ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ - فَقَالُوا: تَقْدِيرُهُ: لَا إِلَهَ فِي الْوُجُودِ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ: يَكُونُ ذَلِكَ نَفْيًا لِوُجُودِ الْإِلَهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ نَفْيَ الْمَاهِيَّةِ أَقْوَى فِي التَّوْحِيدِ الصِّرْفِ مِنْ نَفْيِ الْوُجُودِ، فَكَانَ إِجْرَاءُ الْكَلَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ هَذَا الْإِضْمَارِ أَوْلَى.
_________
(١) سورة فَاطِرٍ آية: ٤٤.
(٢) «بدايه»: جمع بديهة، وأصلها بالهمزة «بدائه» ثم سهلت الهمزة فجعلت ياء.
(٣) سورة الْبَقَرَةِ آية: ١٦٣.
(٤) سورة الْبَقَرَةِ آية: ١٦٣.
(٥) سورة الْبَقَرَةِ آية: ١٦٣.
1 / 64