شرح العقيدة الطحاوية

Ibn Abi al-Izz d. 792 AH
31

شرح العقيدة الطحاوية

شرح العقيدة الطحاوية

پژوهشگر

أحمد شاكر

ناشر

وزارة الشؤون الإسلامية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٨ هـ

محل انتشار

والأوقاف والدعوة والإرشاد

الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» وَلَا يُقَالُ: إِنَّ مَعْنَاهُ يُولَدُ سَاذِجًا لَا يَعْرِفُ تَوْحِيدًا وَلَا شِرْكًا، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ لِمَا تَلُونَا، وَلِقَوْلِهِ ﷺ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ ﷿: «خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ، فَاجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ» الْحَدِيثَ. وَفِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، حَيْثُ قَالَ: «يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» وَلَمْ يَقُلْ: وَيُسْلِمَانِهِ. وَفِي رِوَايَةٍ: "يُولَدُ عَلَى الْمِلَّةِ"وَفِي أُخْرَى: "عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ". وَهَذَا الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ ﷺ هُوَ الَّذِي تَشْهَدُ الْأَدِلَّةُ الْعَقْلِيَّةُ بِصِدْقِهِ. مِنْهَا، أَنْ يُقَالَ: لَا رَيْبَ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَحْصُلُ لَهُ مِنَ الِاعْتِقَادَاتِ وَالْإِرَادَاتِ مَا يَكُونُ حَقًّا، وَتَارَةً مَا يَكُونُ بَاطِلًا، وَهُوَ حَسَّاسٌ مُتَحَرِّكٌ بِالْإِرَادَات، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُرَجِّحٍ لِأَحَدِهِمَا. وَنَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا عُرِضَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُصَدِّقَ وَيَنْتَفِعَ وَأَنْ يُكَذِّبَ وَيَتَضَرَّرَ، مَالَ بِفِطْرَتِهِ إِلَى أَنْ يُصَدِّقَ وَيَنْتَفِعَ، وَحِينَئِذٍ فَالِاعْتِرَافُ بِوُجُودِ الصَّانِعِ الْإِيمَانُ بِهِ هُوَ الْحَقُّ أَوْ نَقِيضُهُ، وَالثَّانِي فَاسِدٌ قَطْعًا، فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي الْفِطْرَةِ مَا يَقْتَضِي مَعْرِفَةَ الصَّانِعِ وَالْإِيمَانَ بِهِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ: إِمَّا أَنْ يكُونَ فِي فِطْرَتِهِ مَحَبَّتُهُ أَنْفَعَ لِلْعَبْدِ أَوْ لَا. وَالثَّانِي فَاسِدٌ قَطْعًا، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي فِطْرَتِهِ مَحَبَّةُ مَا يَنْفَعُهُ. وَمِنْهَا: أَنَّهُ مَفْطُورٌ عَلَى جَلْبِ الْمَنَافِعِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ بِحِسِّهِ. وَحِينَئِذٍ لَمْ تَكُنْ فِطْرَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مُسْتَقِلَّةً بِتَحْصِيلِ ذَلِكَ، بَلْ يَحْتَاجُ إِلَى سَبَبٍ مُعَيَّنٍ لِلْفِطْرَةِ، كَالتَّعْلِيمِ وَنَحْوِهِ، فَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ، وَانْتَفَى الْمَانِعُ، اسْتَجَابَتْ لِمَا فِيهَا مِنَ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ.

1 / 34