شرح العقيدة الطحاوية
شرح العقيدة الطحاوية
ویرایشگر
أحمد شاكر
ناشر
وزارة الشؤون الإسلامية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٨ هـ
محل انتشار
والأوقاف والدعوة والإرشاد
ژانرها
عقاید و مذاهب
أصبحت منفعلا لما يختاره ... مِنِّي، فَفِعْلِي كُلُّهُ طَاعَاتُ!
وَهَؤُلَاءِ أَعْمَى الْخَلْقِ بَصَائِرَ، وَأَجْهَلُهُمْ بِاللَّهِ وَأَحْكَامِهِ الدِّينِيَّةِ وَالْكَوْنِيَّةِ، فَإِنَّ الطَّاعَةَ هِيَ مُوَافَقَةُ الْأَمْرِ الدِّينِيِّ الشَّرْعِيِّ، لَا مُوَافَقَةُ الْقَدَرِ وَالْمَشِيئَةِ، وَلَوْ كَانَ مُوَافَقَةُ الْقَدَرِ طَاعَةً لَكَانَ إِبْلِيسُ مِنْ أَعْظَمِ الْمُطِيعِينَ لَهُ، وَلَكَانَ قَوْمُ نُوحٍ وَهُودٍ وَصَالِحٍ وَلُوطٍ وَشُعَيْبٍ وَقَوْمُ فِرْعَوْنَ - كُلُّهُمْ مُطِيعِينَ! وَهَذَا غَايَةُ الْجَهْلِ.
لَكِنْ إِذَا شَهِدَ الْعَبْدُ عَجْزَ نَفْسِهِ، وَنُفُوذَ الْأَقْدَارِ فِيهِ، وَكَمَالَ فَقْرِهِ إِلَى رَبِّهِ وَعَدَمَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ عِصْمَتِهِ وَحِفْظِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ - كَانَ بِاللَّهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَا بِنَفْسِهِ، فَوُقُوعُ الذَّنْبِ مِنْهُ لَا يَتَأَتَّى فِي هَذِهِ الْحَالِ ألبتة، فإن عليه حصنا حصينا"فَبِي يَسْمَعُ، وَبِي يُبْصِرُ، وَبِي يَبْطِشُ، وَبِي يَمْشِي"فَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الذَّنْبُ فِي هَذِهِ الحالة، فَإِذَا حُجِبَ عَنْ هَذَا الْمَشْهَدِ وَبَقِيَ بِنَفْسِهِ، اسْتَوْلَى عَلَيْهِ حُكْمُ النَّفْسِ، فَهُنَالِكَ نُصِبَتْ عَلَيْهِ الشباك والأشراك، وأرسلت عليه الصيادون، فإذا انتفى عَنْهُ ضَبَابُ ذَلِكَ الْوُجُودِ الطَّبْعِيِّ، فَهُنَالِكَ يَحْضُرُهُ النَّدَمُ وَالتَّوْبَةُ وَالْإِنَابَةُ، فَإِنَّهُ كَانَ فِي الْمَعْصِيَةِ مَحْجُوبًا بِنَفْسِهِ عَنْ رَبِّهِ، فَلَمَّا فَارَقَ ذَلِكَ الْوُجُودَ صَارَ فِي وُجُودٍ آخَرَ، فَبَقِيَ بِرَبِّهِ لَا بِنَفْسِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: إِذَا كَانَ الْكُفْرُ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، وَنَحْنُ مَأْمُورُونَ أَنْ نَرْضَى بِقَضَاءِ اللَّهِ، فَكَيْفَ نُنْكِرُهُ وَنَكْرَهُهُ؟!.
فَالْجَوَابُ: أَنْ يُقَالَ:
أَوَّلًا: نَحْنُ غَيْرُ مَأْمُورِينَ بِالرِّضَا بِكُلِّ مَا يَقْضِيهِ اللَّهُ وَيُقَدِّرُهُ، وَلَمْ يَرِدْ بِذَلِكَ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ، بَلْ مِنَ الْمَقْضِيِّ مَا يُرْضَى بِهِ، وَمِنْهُ مَا يُسْخَطُ وَيُمْقَتُ، كَمَا لَا يَرْضَى بِهِ الْقَاضِي لِأَقْضِيَتِهِ سُبْحَانَهُ، بَلْ مِنَ الْقَضَاءِ مَا يُسْخَطُ، كَمَا أَنَّ مِنَ الْأَعْيَانِ الْمَقْضِيَّةِ مَا يُغْضَبُ عَلَيْهِ وَيُمْقَتُ وَيُلْعَنُ وَيُذَمُّ.
وَيُقَالُ ثَانِيًا: هُنَا أَمْرَانِ: قَضَاءُ اللَّهِ؛ وَهُوَ فِعْلٌ قَائِمٌ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى،
1 / 235