220

شرح العقيدة الطحاوية

شرح العقيدة الطحاوية

ویرایشگر

أحمد شاكر

ناشر

وزارة الشؤون الإسلامية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٨ هـ

محل انتشار

والأوقاف والدعوة والإرشاد

وَانْتِقَالِ هَذِهِ النُّطْفَةِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، عَلِمَ بِذَلِكَ تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ، فَانْتَقَلَ مِنْهُ إِلَى تَوْحِيدِ
الْإِلَهِيَّةِ. فَإِنَّهُ إِذَا عَلِمَ بِالْعَقْلِ أَنَّ لَهُ رَبًّا أَوْجَدَهُ، كَيْفَ يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَعْبُدَ غَيْرَهُ؟ وَكُلَّمَا تَفَكَّرَ وَتَدَبَّرَ ازْدَادَ يَقِينًا وَتَوْحِيدًا، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ، لَا رَبَّ غَيْرُهُ، وَلَا إِلَهَ سِوَاهُ.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا لَمْ يَزَلْ (١) عَدَدَ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَعَدَدَ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ، جُمْلَةً وَاحِدَةً، فَلَا يُزَادُ فِي ذَلِكَ الْعَدَدِ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ أَفْعَالُهُمْ فِيمَا عَلِمَ مِنْهُمْ أَنْ يَفْعَلُوهُ).
ش: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (٢). ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ (٣). فَاللَّهُ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، أَزَلًا وَأَبَدًا، لَمْ يَتَقَدَّمْ عِلْمَهُ بِالْأَشْيَاءِ جَهَالَةٌ. وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵁، قال: كنا في جنازة في بقيع الْغَرْقَدِ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ، فَنَكَّسَ رأسه يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا وَقَدْ كَتَبَ اللَّهُ مَكَانَهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلَّا قَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً»، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نَمْكُثُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ؟ فَقَالَ: «مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ». ثُمَّ قَالَ: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴾ ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾ ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ ﴿وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى﴾ ﴿وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى﴾ ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ (٤)» خرجاه في الصحيحين.

(١) لعله: الأزل.
(٢) سورة العنكبوت آية ٦٢.
(٣) سورة الأحزاب آية ٤٠.
(٤) سورة الليل الآيات ٥ - ١٠.

1 / 223