217

شرح العقيدة الطحاوية

شرح العقيدة الطحاوية

ویرایشگر

أحمد شاكر

ناشر

وزارة الشؤون الإسلامية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٨ هـ

محل انتشار

والأوقاف والدعوة والإرشاد

وَإِشْهَادِهِمْ جَمِيعًا ذَلِكَ الْوَقْتَ، فَهَذَا لَا يَذْكُرُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ.
السَّابِعُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ (١)، فَذَكَرَ حِكْمَتَيْنِ فِي هَذَا الْإِشْهَادِ؛ لِئَلَّا يَدَّعُوا الْغَفْلَةَ، أَوْ يَدَّعُوا التَّقْلِيدَ، فَالْغَافِلُ لَا شُعُورَ لَهُ، وَالْمُقَلِّدُ مُتَّبِعٌ فِي تَقْلِيدِهِ لِغَيْرِهِ. وَلَا تَتَرَتَّبُ هَاتَانِ الْحِكْمَتَانِ إِلَّا عَلَى مَا قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ مِنَ الرُّسُلِ وَالْفِطْرَةِ.
الثَّامِنُ: قَوْلُهُ: ﴿أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾ (٢)، أَيْ لَوْ عَذَّبَهُمْ بِجُحُودِهِمْ وَشِرْكِهِمْ لَقَالُوا ذَلِكَ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا يُهْلِكُهُمْ بِمُخَالَفَةِ رُسُلِهِ وَتَكْذِيبِهِمْ، وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ، وَإِنَّمَا يُهْلِكُهُمْ بَعْدَ الْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ.
التَّاسِعُ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَشْهَدَ كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ رَبُّهُ وَخَالِقُهُ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِهَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ، كَقَوْلِهِ: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ (٣)، فَهَذِهِ هِيَ الْحُجَّةُ الَّتِي أَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِمَضْمُونِهَا، وَذَكَّرَتْهُمْ بِهَا رُسُلُهُ، بِقَوْلِهِمْ: ﴿أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (٤).
الْعَاشِرُ: أَنَّهُ جَعَلَ هَذَا آيَةً، وَهِيَ الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ الْبَيِّنَةُ الْمُسْتَلْزِمَةُ لِمَدْلُولِهَا [بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا الْمَدْلُولُ] وَهَذَا شَأْنُ آيَاتِ الرَّبِّ تَعَالَى، [فَإِنَّهَا أَدِلَّةٌ مُعِينَةٌ عَلَى مَطْلُوبٍ مُعَيَّنٍ مُسْتَلْزَمِةٌ لِلْعِلْمِ بِهِ] فَقَالَ تَعَالَى: وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٥)، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِالْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ، فَمَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، لَا يُولَدُ مَوْلُودٌ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْفِطْرَةِ، هَذَا أَمْرٌ مَفْرُوغٌ مِنْهُ، لَا يَتَبَدَّلُ وَلَا يَتَغَيَّرُ. وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى هَذَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ تَفَطَّنَ لِهَذَا ابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُ، وَلَكِنْ هَابُوا مُخَالَفَةَ ظَاهِرِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ

(١) سورة الأعراف آية ١٧٣.
(٢) سورة الأعراف آية ١٧٣.
(٣) سورة لُقْمَانَ آية ٢٥.
(٤) سورة إِبْرَاهِيمَ آية ١٠.
(٥) سورة الْأَعْرَافِ آية ١٧٤.

1 / 220