183

شرح العقيدة الطحاوية

شرح العقيدة الطحاوية

ویرایشگر

أحمد شاكر

ناشر

وزارة الشؤون الإسلامية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٨ هـ

محل انتشار

والأوقاف والدعوة والإرشاد

وَقِيلَ:
عَلَيَّ نَحْتُ الْقَوَافِي مِنْ مَقَاطِعِهَا ... وَمَا عَلَيَّ لَهُمْ أَنْ تَفْهَمَ الْبَقَرُ (١)
فَكَيْفَ يُقَالُ فِي قَوْلِ اللَّهِ، الَّذِي هُوَ أَصْدَقُ الْكَلَامِ وَأَحْسَنُ الْحَدِيثِ، وَهُوَ الْكِتَابُ الَّذِي ﴿أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ (٢). إِنَّ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ إِنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ هُوَ الْكُفْرُ وَالضَّلَالُ، وَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ لِمَا يَصْلُحُ مِنَ الْاعْتِقَادِ، وَلَا فِيهِ بَيَانُ التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ؟! هَذَا حَقِيقَةُ قَوْلِ الْمُتَأَوِّلِينَ.
وَالْحَقُّ أَنَّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فَهُوَ حَقٌّ، وَمَا كَانَ بَاطِلًا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ. وَالْمُنَازِعُونَ يَدَّعُونَ دَلَالَتَهُ عَلَى الْبَاطِلِ الَّذِي يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ!
فَيُقَالُ لَهُمْ: هَذَا الْبَابُ الَّذِي فَتَحْتُمُوهُ، وَإِنْ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ تَنْتَصِرُونَ بِهِ عَلَى إِخْوَانِكُمُ الْمُؤْمِنِينَ فِي مَوَاضِعَ قَلِيلَةٍ حَقِيقَةً، فَقَدْ فَتَحْتُمْ عَلَيْكُمْ بَابًا لِأَنْوَاعِ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُبْتَدِعِينَ، لَا تَقْدِرُونَ عَلَى سَدِّهِ، فَإِنَّكُمْ إِذَا سَوَّغْتُمْ صَرْفَ الْقُرْآنِ عَنْ دَلَالَتِهِ الْمَفْهُومَةِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، فَمَا الضَّابِطُ فِيمَا يَسُوغُ تَأْوِيلُهُ وَمَا لَا يَسُوغُ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ: مَا دَلَّ الْقَاطِعُ الْعَقْلِيُّ عَلَى اسْتِحَالَتِهِ تَأَوَّلْنَاهُ، وَإِلَّا أَقْرَرْنَاهُ! قِيلَ لَكُمْ: وَبِأَيِّ عَقْلٍ نَزِنُ الْقَاطِعَ الْعَقْلِيَّ؟ فَإِنَّ الْقِرْمِطِيَّ الْبَاطِنِيَّ يَزْعُمُ قِيَامَ الْقَوَاطِعِ عَلَى بُطْلَانِ ظَوَاهِرِ الشَّرْعِ! وَيَزْعُمُ الْفَيْلَسُوفُ قِيَامَ الْقَوَاطِعِ عَلَى بُطْلَانِ حَشْرِ الْأَجْسَادِ! وَيَزْعُمُ الْمُعْتَزِلِيُّ قِيَامَ الْقَوَاطِعِ عَلَى امْتِنَاعِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَلَى امْتِنَاعِ قِيَامِ عِلْمٍ أَوْ كَلَامٍ أَوْ رَحْمَةٍ بِهِ تَعَالَى!! وَبَابُ التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي يَدَّعِي أَصْحَابُهَا وُجُوبَهَا بِالْمَعْقُولَاتِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تَنْحَصِرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ.
وَيَلْزَمُ حِينَئِذٍ مَحْذُورَانِ عَظِيمَانِ:

(١) هو من قصيدة للبحتري، من أجود قصائده. وهي في ديوانه ٢: ١٨٢ - ١٨٤ (طبعة الجوائب سنة ١٣٠٠)، ص ٦٧٣ - ٦٧٥ (طبعة بيروت سنة ١٩١١). وأثبت في المطبوعة محرفًا. وصوابه ما أثبتنا عن الديوان.
(٢) سورة هُودٍ آية ١.

1 / 186