136

شرح العقيدة الطحاوية

شرح العقيدة الطحاوية

ویرایشگر

أحمد شاكر

ناشر

وزارة الشؤون الإسلامية

ویراست

الأولى

سال انتشار

١٤١٨ هـ

محل انتشار

والأوقاف والدعوة والإرشاد

لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُسْمَعَ، وَإِنَّمَا يَخْلُقُ اللَّهُ الصَّوْتَ فِي الْهَوَاءِ، كَمَا قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَقَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ مِنْ صِفَاتِهِ لَمْ يَزَلْ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ أَنَّهُ حَدَثَ لَهُ وَصْفُ الْكَلَامِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَكَلِّمًا.
وَبِالْجُمْلَةِ: فَكُلُّ مَا تَحْتَجُّ بِهِ الْمُعْتَزِلَةُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَلَامٌ مُتَعَلِّقٌ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ إِذَا شَاءَ، وَأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، فَهُوَ حَقٌّ يَجِبُ قَبُولُهُ. وَمَا يَقُولُ بِهِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ كَلَامَ اللَّهِ قَائِمٌ بِذَاتِهِ، وَأَنَّهُ صِفَةٌ لَهُ. وَالصِّفَةُ لَا تَقُومُ إِلَّا بِالْمَوْصُوفِ: فَهُوَ حَقٌّ يَجِبُ قَبُولُهُ وَالْقَوْلُ بِهِ. فَيَجِبُ الْأَخْذُ بِمَا فِي قَوْلِ كُلٍّ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ مِنَ الصَّوَابِ، وَالْعُدُولِ عَمَّا يَرُدُّهُ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ مِنْ قَوْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا.
فَإِذَا قَالُوا لَنَا: فَهَذَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْحَوَادِثُ قَامَتْ بِهِ. قُلْنَا: هَذَا الْقَوْلُ مُجْمَلٌ، وَمَنْ أَنْكَرَ قَبْلَكُمْ قِيَامَ الْحَوَادِثِ بِهَذَا الْمَعْنَى بِهِ تَعَالَى مِنَ الْأَئِمَّةِ؟ وَنُصُوصُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ تَتَضَمَّنُ ذَلِكَ، وَنُصُوصُ الْأَئِمَّةِ أَيْضًا، مَعَ صَرِيحِ الْعَقْلِ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ الرُّسُلَ الَّذِينَ خَاطَبُوا النَّاسَ وَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَالَ وَنَادَى وَنَاجَى وَيَقُولُ، لَمْ يُفْهِمُوهُمْ أَنَّ هَذِهِ مَخْلُوقَاتٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنْهُ، بَلِ الَّذِي أَفْهَمُوهُمْ إِيَّاهُ: أَنَّ اللَّهَ نَفْسَهُ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ، وَالْكَلَامُ قَائِمٌ بِهِ لَا بِغَيْرِهِ، وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ وَقَالَهُ، كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ ﵂ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ: وَلَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِوَحْيٍ يُتْلَى. وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ خِلَافَ مَفْهُومِهِ لَوَجَبَ بَيَانُهُ، إِذْ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ.
وَلَا يُعْرَفُ فِي لُغَةٍ وَلَا عَقْلٍ قَائِلٌ مُتَكَلِّمٌ لَا يَقُومُ بِهِ الْقَوْلُ وَالْكَلَامُ وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهُمْ فَرُّوا مِنْ ذَلِكَ حَذَرًا مِنَ التَّشْبِيهِ، فَلَا يُثْبِتُوا صِفَةً

1 / 139