شرح العقيدة الطحاوية
شرح العقيدة الطحاوية
پژوهشگر
أحمد شاكر
ناشر
وزارة الشؤون الإسلامية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٨ هـ
محل انتشار
والأوقاف والدعوة والإرشاد
ژانرها
عقاید و مذاهب
لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، لَا أَنَّ الْبَيْتَ هُوَ الْمُتَكَلِّمُ! وَلَوْ كَانَ الْكَلَامُ مَخْلُوقًا فِي الشَّجَرَةِ، لَكَانَتِ الشَّجَرَةُ هِيَ الْقَائِلَةُ: ﴿يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ (١). وَهَلْ قَالَ: ﴿إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾، غَيْرُ رَبِّ الْعَالَمِينَ؟ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْكَلَامُ بَدَا مِنْ غَيْرِ اللَّهِ لَكَانَ قَوْلُ فِرْعَوْنَ: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ صِدْقًا، إِذْ كُلٌّ مِنَ الْكَلَامَيْنِ عِنْدَهُمْ مَخْلُوقٌ قَدْ قَالَهُ غَيْرُ اللَّهِ! وَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ عَلَى أُصُولِهِمُ الْفَاسِدَةِ: أَنَّ ذَاكَ كَلَامٌ خَلَقَهُ اللَّهُ فِي الشَّجَرَةِ، وَهَذَا كَلَامٌ خَلَقَهُ فِرْعَوْنُ!! فَحَرَّفُوا وَبَدَّلُوا وَاعْتَقَدُوا خَالِقًا غَيْرَ اللَّهِ. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَسْأَلَةِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ (٢). وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ أَحْدَثَهُ، إِمَّا جِبْرَائِيلُ أَوْ مُحَمَّدٌ.
قِيلَ: ذِكْرُ الرَّسُولِ مُعَرَّفٌ أَنَّهُ مُبَلِّغٌ عَنْ مُرْسِلِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنَّهُ قَوْلُ مَلَكٍ أَوْ نَبِيٍّ، فَعُلِمَ أَنَّهُ بَلَّغَهُ عَمَّنْ أَرْسَلَهُ بِهِ، لَا أَنَّهُ أَنْشَأَهُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ. وَأَيْضًا: فَالرَّسُولُ فِي إِحْدَى الْآيَتَيْنِ جِبْرِيلُ، وَفِي الْأُخْرَى مُحَمَّدٌ، فَإِضَافَتُهُ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمَا تُبَيِّنُ أَنَّ الْإِضَافَةَ لِلتَّبْلِيغِ، إِذْ لَوْ أَحْدَثَهُ أَحَدُهُمَا امْتَنَعَ أَنْ يُحْدِثَهُ الْآخَرُ. وَأَيْضًا: فَقَوْلُهُ رَسُولٌ أَمِينٌ (٣)، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَزِيدُ فِي الْكَلَامِ الَّذِي أُرْسِلَ بِتَبْلِيغِهِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ، بَلْ هُوَ أَمِينٌ عَلَى مَا أُرْسِلَ بِهِ، يُبَلِّغُهُ عَنْ مُرْسِلِهِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَّرَ مَنْ جَعَلَهُ قَوْلَ الْبَشَرِ، وَمُحَمَّدٌ ﷺ
(١) سورة القصص آية ٣٠. (٢) سورة التكوير آية ١٩. (٣) الآية التي ذكرها الشارح (إنه لقول رسول كريم) - جاءت مرتين: في سورة الحاقة: ٤٠، وليس فيما بعدها الوصف بلفظ (آمين) والأخرى في سورة التكوير: ١٩، ثم بعدها: (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ. مُطَاعٍ ثم أمين) - ٢٠، ٢١. فتعبير الشارح بقوله: وأيضًا فقوله «رسول أمين"- فيه شيء من التساهل، لم يرد به حكاية التلاوة، وإنما أراد المعنى فقط. ولو قال: «وأيضًا فوصف الرسول بأنه (أمين) ..» كان أدق وأجود.
1 / 136