شرح العقيدة الطحاوية
شرح العقيدة الطحاوية
ویرایشگر
أحمد شاكر
ناشر
وزارة الشؤون الإسلامية
ویراست
الأولى
سال انتشار
١٤١٨ هـ
محل انتشار
والأوقاف والدعوة والإرشاد
ژانرها
عقاید و مذاهب
ذَمَّهُ اللَّهُ وَعَابَهُ وَأَوْعَدَهُ بِسَقَرَ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾ (١) - فَلَمَّا أَوْعَدَ اللَّهُ بِسَقَرَ لِمَنْ قَالَ: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾ (٢) عَلِمْنَا وَأَيْقَنَّا أَنَّهُ قَوْلُ خَالِقِ الْبَشَرِ، وَلَا يُشْبِهُ قَوْلَ الْبَشَرِ).
ش: هَذِهِ قَاعِدَةٌ شَرِيفَةٌ، وَأَصْلٌ كَبِيرٌ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ، ضَلَّ فِيهِ طَوَائِفُ كَثِيرَةٌ مِنَ النَّاسِ. وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ ﵀ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لِمَنْ تَدَبَّرَهُمَا، وَشَهِدَتْ بِهِ الْفِطْرَةُ السَّلِيمَةُ الَّتِي لَمْ تُغَيَّرْ بِالشُّبُهَاتِ وَالشُّكُوكِ وَالْآرَاءِ الْبَاطِلَةِ.
وَقَدْ افْتَرَقَ النَّاسُ فِي مَسْأَلَةِ الْكَلَامِ عَلَى تِسْعَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ هُوَ مَا يَفِيضُ عَلَى النُّفُوسِ مِنْ مَعَانِي، إِمَّا مِنَ الْعَقْلِ الْفَعَّالِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَهَذَا قَوْلُ الصَّابِئَةِ وَالْمُتَفَلْسِفَةِ.
وَثَانِيهَا: أَنَّهُ مَخْلُوقٌ خَلَقَهُ اللَّهُ مُنْفَصِلًا عَنْهُ، وَهَذَا قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ.
وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ قَائِمٌ بِذَاتِ اللَّهِ، هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْخَبَرُ وَالِاسْتِخْبَارُ، وَإِنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِالْعَرَبِيَّةِ كَانَ قُرْآنًا، وَإِنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِالْعِبْرِيَّهِ كَانَ تَوْرَاةً، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ كِلَابٍ وَمَنْ وَافَقَهُ، كَالْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِ.
وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ أَزَلِيَّةٌ مُجْتَمِعَةٌ فِي الْأَزَلِ، وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَمِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ.
وَخَامِسُهَا: أَنَّهُ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ، لَكِنْ تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهَا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَكَلِّمًا، وَهَذَا قَوْلُ الْكَرَّامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ.
وَسَادِسُهَا: أَنَّ كَلَامَهُ يَرْجِعُ إِلَى مَا يُحْدِثُهُ مِنْ عِلْمِهِ وَإِرَادَتِهِ الْقَائِمِ بِذَاتِهِ، وَهَذَا يَقُولُهُ صَاحِبُ الْمُعْتَبَرِ، وَيَمِيلُ إِلَيْهِ الرَّازِيُّ فِي الْمَطَالِبِ الْعَالِيَةِ.
(١) سورة الْمُدَّثِّرِ آية ٢٦.
(٢) سورة الْمُدَّثِّرِ آية ٢٥.
1 / 128