============================================================
الجارية أفعاله على سنن الحكمة إلى بغث نبي بعده وتمهيد أساس شرع غيره، فيكون خاتم الأنبياء وأفضل الخلائق كلها.
والمعراج له في اليقظة بشخصه إلى السماء، ثم إلى ما شاء الله حق: (والأنبياء معضومون من الكبائي) عندا وسهوا، قبل الوحي وبعده، (ومن الصغائر) عمدا. والعصمة عندنا: أن لا يخلق الله فيهم ذنبا. وعند الحكماء: ملكة تمنع الفجور، وتحضل بالعلم بمناقب الطاعات ومثالب المعاصي اجمع أهل الملل والشرائع كلها على وجوب عصمتهم عن تعمد الكذب فيما دل المعجز على صدقهم فيه كدعوى الرسالة وما يبلغونه عن الله تعالى: وفي جواز صدوره فيما ذكر على سبيل السهو والنسيان خلاف؛ فمنعه الأكثر، وجوزه القاضي أبو بكر.
وأما سائر الذنوب، فهي إما كفر أو غيره: اما الكفر، فأجمعت الأمة على عصمتهم عنه.
وأما غير الكفر، فإما كبائر أو صغائر، وكل منهما عمدا أو سهوا: أما الكبائر عمدا فمنعه الجمهور، والمحققون من الأشاعرة، على أن العصمة فيما وراء التبليغ غير واجب عقلا؛ إذ لا دلالة للمعجزة عليه، فامتناع الكبائر عنهم مستفاذ من السمع وإجماع الأمة قبل ظهور المخالفين في ذلك: وقالت المعتزلة بناء على أصولهم الفاسدة: يمتنع ذلك عقلا.
وأما صدورها عنهم سهوا فجؤزه الأكثرون، والمختار خلافه، ومع ذلك لم يقع أما الصغائر عمدا، فجوزه الجمهور، لكنه لم يصدر عنهم أيضا: وأما سهوا فهو جائز بالاتفاق، إلا الصغائر الخسية وهي ما يلحق فاعلها بالأرذال والسفل والحكم عليه بالخسية ودناءة الهمة كسرقة لقمة وحبة.
هذا كله بعد الوحي والاتصاف بالنبوة، وأما قبله فقال اكثر أصحابنا
صفحه ۹۸