شرح على مراح الأرواح في علم الصرف
شرحان على مراح الأرواح في علم الصرف
ناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر
شماره نسخه
الثالثة
سال انتشار
١٣٧٩ هـ - ١٩٥٩ م
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا "بسم الله الرحمن الرحيم" نحمدك يا من بيده الخير والجود، وبقدرته تصرف كل موجود وخص الإنسان منه بخاصة أمر السجود فمن أطاعه فصحيح سالم مسعود، ومن عصاه فمعتل ناقص مردود، فسمعا وطاعة لا إله إلا الله المعبود ونصلي على رسولك محمد خاتم الأنبياء ومبلغ مبلغ الأنبياء، وعلى آله وأصحابه الأتقياء الكرام البررة الأصفياء ما نسخت الشمس باجر الظلماء وفجر عيون الأرض. "وبعد" لما رأيت المختصر في الصرف الذي صنفه الفاضل المحقق والعالم المدقق علامة الورى شمس الملة والدين أحمد بن علي بن مسعود جعلهم الله قرينا لنبيه في مقام محمود مع صغر حجمه ووجازة نظمه مشتملا على غرر الفرائد ودرر الفوائد، محتويا على دقائق الأسرار العربية ونكات العلوم الأدبية ولم يقع له شرح يكشف القناع عن مخدراته ويزيل الأستار عن مستراته، فلم يبرزهن شارح إلى هذا الآن لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان، بل هم يحومون حول مطالبيه ولم يبينوا شيئا منها لطالبيه، ولم يهتدوا إلى موارده سبيلا وإلى مشارع مآربه دليلا، فأردت أن أشرحه شرحا يزيل صعابه ويخرج من قشره لبابه فابتدأت بنبذة منه وعرضتها إلى محط رحال الأفاضل ومحظ رجال الفضائل، حضرة مولاي الهمام ملجأ كافة الأنام ممهد قواعد المنقول والمعقول مشيد أركان الفروع والأصول مبين الأحكام الدينية مزين الشرائع النبوة، أسوة العلماء المتقدمين قدوة الفضلاء المتأخرين برهان الحق والدين، ينبوع الفضل واليقين أستاذي المحقق والحبر المدقق لا زالت رياض العلوم بلطائف بيانه زاهرة وحيض الحكم بعواطف تبيانه باهرة، فلحظ إليها بعين القبول مشيرا إلى بإتمام هذا المسئول فرفرف على جناح الأشبال بإرشاد الحق عند السؤال عن غوامض لا يظرفها البال، فجد جدى في فتق مبانيه وجهد جهدي في حل حلو معانيه حتى ظفرت إلى محض اللباب من مستودعات الفصول والأبواب، ولم أقتصر على تحقيق ما في الكتاب، بل أضفت إليه فوائد لطيفة من هذا الباب وقواعد شريفة لا يستغني عنها شيخ ولا شاب مما فزته من نكت مؤلفات المتقدمين ونخب مصنفات المتأخرين، فافتلذت الأسى من عيونها واختسلت النفائس من كنوز متونها ومما استخرجته بفكري الفاتر ونظري القاصر بعون الله القادر واقتصدت بين طرفي الإطناب والاقتصار والإيجاز المخل والإكثار إلا أن عوائق الزمان وربائث الحدثان عاقتني عن تنقيحه وثبطتي عن ترشيحه فتركته بعره وطويته على غره مع أني بالنقصان لمعترف وللخطايا لمقترف، فكل ما وقع فيه سهو فمن اخترامي، وإذا اتفق مني شيء فمن رمية من غير رامي على أن من شأن نوع الإنسان السهو والخلل والنسيان، ولهذا قال ابن عباس: أول ناس أول الناس فالمرجو من أكابر الفضلاء وأماثل العلماء أن يصلحوا ما عثروا عليه من زلتي، ولم يعتبوني على فرط خطيئتي ومزلتي؛ وسميته بـ"الفلاح في شرح المراح" وأسأل الله تعالى أن يهديني إلى سبيل الرشاد ويوفقني لما يرتضيه من مسلك السداد، إنه ولي الإجابة والتوفيق وبتحقيق الأمنية حقيق وهو حسبي ونعم المعين "قال المفتقر" ترك المصنف دأب سائر المصنفين من افتتاح كتابهم بالحمد لله اقتداء بسيد المرسلين ﵇ في إظهار عجزه في مقام الحمد حيث قال
1 / 2
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا ﵇: "لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك" وأتبع على ترك الحمد ترك الصلاة على النبي ﵇ وعلى آله وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين، ويمكن أن يقال إن مثل ترك الحمد لإظهار عجزه في مقام الحمد بناء على أن عظمته تعالى ليست في حد يمكن أن تعبر عنها النفوس الناطقة البشرية القاصرة، حمد بناء على أن معنى الحمد فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعما، وأن هذا الترك فعل كذلك بل هو أبلغ وأولى من مثل الحمد لله؛ لأن دلائل الألفاظ وضعية قد يتخلف مدلولتها عنها بخلاف دلالة لأفعال فإنها عقلية، وبهذا المعنى قيل: أولى الحمد ترك الحمد، ويمكن أن يقال أيضا إن قوله: المفتقر إلى الله الودود حمد بناء على أن هذا القول يشعر بالتعظيم وكل ما يشعر حمد تدبر، وإنما ابتدأ بالماضي لدلالته على التحقيق والوقوع ولقصد الموافقة بين قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾ وبين كلامه اختار المفتقر على المحتاج ونحوه، فإن قلت: لِمَ لَمْ يقل قال الفقير مع أنه أصل قلنا: لأن في المفتقر زيادة حرف تدل على زيادة المعنى، ولما كان لفظة الله اسما للذات المستجمع لجميع الصفات فكان ذكره بها ذكره بجميع صفاته قال: "إلى الله الودود" دون إلى الغني وغيره من الصفات مع أن في الأول رعاية التضاد مع المفتقر وموافقة كلامه لكلام الله تعالى في ذكر الغني أيضا، ولما التزم الودود لرعاية السجع مع مسعود، وكان طول الكلام الأول قبيحا في السجع لم يقل إلى الله الغني الودود وهو فعول من وديود أي أحب يحب، وهو قد يجيء بمعنى الفاعل كالصبور بمعنى الصابر، وقد يجيء بمعنى المفعول كالحلوب بمعنى المحلوب، فعلى الأول يكون المعنى إلى الله المحب أنبياءه وأولياءه، وعلى الثاني إلى الله المحبوب في قلوب أنبيائه وأوليائه فها هنا يسوغ كلا معنييه لكن الثاني أنس؛ لأن إطلاق المحب على الله تعالى بتأويل وإن كان شائعا كأمير بخلاف المحبوب "أحمد" مرفوع على أنه عطف بيان للمفتقر "ابن علي" أصله عليو من العلو قلبت الواو ياء لاجتماعهما وسبق إحداهما بالسكون ثم أدغمت "ابن مسعود غفر الله له" أي لأحمد دعاء في صورة الإخبار بمعنى ليغفر، والسر في التعبير بالماضي في موقع الدعاء التفاؤل في القبول فكأن المدعو قد وقع والداعي أخبر عنه بالمضي أو إظهار الحرص في وقوعه "ولوالديه" أي أبوي أحمد قدم نفسه في الغفران على أبويه ليكون مستجاب الدعوة في حقهما، وقيل: لمتابعة إبراهيم ﵇ حيث قال: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ وقدم أبويه في قوله: "وأحسن" أي الله "إليهما" أي إلي والدي أحمد "وإليه" أي إلى أحمد حفظا للأدب أو قدم نفسه في الغفران وأخرها في الإحسان لرعاية السجع "اعلم" أيها الطالب لتحصيل العلوم وقوله: اعلم إلى قوله: أرواح، بل إلى آخر الكتاب مقول القول "أن الصرف" وهو في الأصل مصدر صرف من باب ضرب ومعناه التبديل والتغيير، يقال: صرفت الدراهم بالدنانير وبين الدرهمين صرف، أي فضل لجودة فضة أحدهما ومنه الصيرفي، والتصريف مشتق منه للمبالغة والكثرة، ثم جعل الصرف والتصريف علمين لهذا العلم المعرف بأنه علم بأصول يعرف بها أحوال أبنية الكلم التي ليست بإعراب، فإن قلت: لما كانا علمين وكان في التصريف مبالغة وكثرة كان الأولى أن يقول المصنف: إن التصريف لكثرة تصرفات هذا العلم، قلت: لما كان الصرف أخف من التصريف وأصلاله وأوفق لما بعده من النحو في الوزن وعدد الحروف اختار الصرف "أم العلوم" أي أصلها ومبدؤها لأنها يبدأ منها العلوم، يقال للفاتحة أم القرآن وأم الكتاب؛ لأنها أصل القرآن منها يبدأ القرآن وإنما شبه الصرف بالأم في التولد، يعني كما أن الأم تلد الولد كذلك الصرف يلد الكلمة إشعار بشدة احتياج العلوم إليها؛ لأن الأم لا يكاد يستغني الولد عنها، فإن قلت فعلى هذا يكون علم الصرف أم الكلمة لا أم العلوم والمقصود هو الثاني قلت: لما كان استفادة العلوم من الكلمات والألفاظ صارت أمالها أيضا، فإن قيل: يلزم أن يكون الصرف إما لنفسه لأنه علم مستفاد من الكلمات والألفاظ أيضا أجيب بأن المراد من العلوم ما عدا الصرف، كما أن المنطق آلة لما عداه "والنحو" وهو علم بأصول يعرف بها أحوال أواخر الكلم من حيث الإعراب والبناء "أبوها" أي أبو العلم شبه النحو بالأب
1 / 3
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا في الإصلاح يعني كما أن الأب يصلح أولاده كذلك علم النحو يصلح الكلمات والألفاظ، وفيه ما في التشبيه الأول وجوابه جوابه "ويقوي" من القوة وهي ضد الضعف وأصله يقوو من باب يعلم فأبدلت من الواو الأخيرة ياء لوقوعها رابعة أو حملا على ماضيه وهو قوي أصله قوو، قلبت الواو الأخيرة ياء لتطرفها وانكسار ما قبلها فصار قوي، ثم قلبت ياء يقوى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ويكتب على صورة الياء لانقلابها منها وإن كانت في الأصل واوا "في الدرايات" وهي جمع دارية مصدر درى يدري من باب رمى يرمي معناه علم يعلم، فمعنى الدرايات أنواع العلوم مطلقا لكن لما وقعت في مقابلة الروايات خصت بأنواع العلوم العقلية، ولهذا جاز جمعها "داروها" أي عالموها وهو فاعل يقوي واسم فاعل يدري، والضمير للصرف باعتبار الأم ولهذا أنث، وأصله داريون بضم الياء فاستثقلت الضمة عليها فأسكنت فاجتمع ساكنان الياء والواو، ثم حذفت الياء لأن الواو علامة، ثم ضم الراء لأجل الواو فصار دارون، ثم أضيف إلى الضمير فحذف النون لئلا يلزم اجتماع المتنافيين لأن النون لقيامه مقام التنوين بدل على تمام الكلمة وانفصالها عن غيرها، والإضافة تدل على عدم تمام الكلمة واتصالها بغيرها فصار مدلولاهما متنافيين والمتنافيان لا يجتمعان فكذا ما يدل عليهما "ويطغى" أي يضل ولا يهتدي إلى الصواب "في الروايات" جمع رواية وهي مصدر روى من باب ضرب معناه نقل الحديث وها هنا بمعنى المرويات أي في المنقولات ولهذا جاز جمعها "عاروها" أي جاهلوها وهو فاعل يطغى والكلام في أصله وإعلاله وإضافته وضميره كالكلام في داروها. اعلم أن المقصود من قوله: اعلم أن الصرف إلى ها هنا، ترغيب في الصرف وبيان سبب تأليف هذا الكتاب فتشبيه النحو بالأب بالتبع لا بالأصالة فلا يتوجه أن يقال: لم أفرد الضمير في قوله: عاروها وداروها ولم يثن ليرجع إلى الصرف والنحو كليهما مع أن العالم بالنحو يقوى والجاهل له يطغى أيضا والفاء في "فجمعت" جواب للشرط المحذوف تقديره إذا كان الصرف على هذه الصفات المذكورة فجمعت "فيه" أي في الصرف "كتابا موسوما" مسمى "بمراح الأرواح" المراح اسم مكان من الروح بفتح الراء من الاستراحة والأرواح جمع روح، وهي النفس الناطقة فمعناه في الأصل موضع راحة النفوس الناطقة، وإنما سمي به لأن النفس الناطقة لما كانت طالبة للكمالات العلمية وهي لا تحصل إلا بآلاتها تألمت واضطربت إلى أن تجد تلك الآلة كالمرضى تألمت إلى أن تجد دواء شافيا. ولما كان هذا الكتاب مشتملا على ما هي آلة لتل العلوم تتلذذ به النفوس وتصير راحة "وهو" أي كتاب مراح الأرواح هذا شروع في ترغيب الكتاب ببيان شرفه وفائدته "للصبي" أي لغير البالغ، وإنما خص به بناء على الغالب إذ الغالب أن قارئ الصرف الصبيان أو لكل من يميل إليه؛ لأن الصبي فعيل من الصباوة بمعنى الميل أصله صبيو كعليو فأعل إعلاله "جناح النجاح" جناح الطائر يده والجمع أجنحة والنجاح
1 / 4
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا لظفر والخلاص شبه الصبي بالطير في النجاة وهذا الكتاب بالجناح في السببية يعني كما أن الطير ينجو من مهلكة العدو بسبب الجناح كذلك الصبي ينجو من مهلكة الجهل ويظفر بالمقاصد العلمية بسبب هذا الكتاب، قوله: وهو مبتدأ أو جناح خبره وللصبي يتعلق بمحذوف؛ إذ هو حال من الخبر لأنه مفعول في المعنى، إذ تقدير الكلام أشبه هذا الكتاب بجناح النجاح ولم يلزم ذكره أداة التشبيه في كونه مفعولا معنى فيكون من قبيل زيد عمرو راكبا أي زيد كعمرو راكبا قوله: "وراح" أي طريق عطف على جناح "رحراح" أي واسع يعني كما أن الطريق الواسع يوصل سالكه إلى مقاصده كذلك هذا الكتاب يوصل الصبي إلى مطالبة العلمية "وفي معدته" أي في ذهن الصبي "حين راح" أي بات ذلك الصبي "مثل تفاح أوراح" أي خمر شبه هذا الكتاب بهما في النفع والقوة يعني كما أن التفاح والراح إذا استعملا ينفعان البدن ويقويانه كذلك هذا الكتاب إذ تقرر مسائله في ذهن الصبي ينفعه فكأنه حصل له المطالب العلمية، قوله: وفي معدته متعلق بمحذوف إذ هو حال من التفاح؛ لأنه مفعول معنى كما في جناح النجاح، لكن أداة التشبيه مذكورة ها هنا وهو مثل وهو معطوف على الخبر فتقدير الكلام وهذا الكتاب مثل تفاح أوراح كائنين في ذهن الصبي حين النوم وعليه حكاية بعض الحكماء من تعجبه ممن مات وفي بطنه تفاح أو خمر "و" قوله "بالله" يتعلق بقوله: "أعتصم عما" أصله عن ما فأدغم النون في الميم بعد قلب النون ميما لقربهما في المخرج "يصم" أي يعيب والمستكن فيه عائد إلى ما أوصله يوصم كيوعد فأعل كإعلاله، قوله: "وأستعين" عطف على أعتصم أي وبالله أستعين أي أطلب الإعانة في كل مطلوب "وهو" أي الله تعالى "نعم" وهو فعل مدح منقول من قولك: نعم فلان إذا أصابت نعمه إلى المدح فأزيل عن موضوعه فشابه الحروف فلم يتصرف وبيان النقل أنه كسر النون إتباعا للعين فصار نعم بكسرتين ثم حذفت كسرة العين تخفيفا فصار نعم كذا قيل "المولى" أي الناصر "وهو نعم المعين. اعلم" أيها الطالب لهذا الفن والشارع فيه "أسعدك الله" دعاء للمخاطب بقوله اعلم "أن الصراف" أي الشارع في الصرف وإنما عبر به إما بتأويل الإرادة أي أن من أراد أن يكون صرافا وإما تفاؤلا كأنه حين شرع صار صرافا، وإما باعتبار ما يئول إليه كما في قوله تعالى: ﴿إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا﴾ والمعصور العنب وإنما قال: "يحتاج" دون محتاج ليدل على التجدد "في معرفة الأوزان" أي الصيغ مثل نصر ورد وأخذ ووعدو قال: ورمى وطوى "إلى" معرفة "سبعة أبواب"
1 / 5
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا وإنما انحصرت الأبواب في السبعة؛ لأن الكلمة لا يخلو من أن يوجد في حروفها الأصلية حرف علة أو ملحق حرف علة أو لا يوجد شيء منهما الثالث "الصحيح" والثاني وهو ما يوجد فيها ملحق حرف علة إن كان كونه ملحقا لها باعتبار التكرر فهو "المضاعف" وإن كان باعتبار الانفراد سواء كان في الفاء أو العين أو اللام فهو "المهموز" وإنما قلنا: إن حرف التضعيف والهمزة ملحق حرف علة لأنهما قد يقلبان حرف علة في مثل تقضي البازي أصله تقضض فقلبت الضاد الثانية ياء، وفي مثل إيمان أصله إءمان بهمزتين قلبت الثانية ياء والأول وهو ما يوجد فيها حرف علة لا يخلو من أن يكون ذلك الحرف واحدا أو أكثر، فإن كان واحد فإن كان في الفاء فهو "المثال"، وإن كان في العين فهو "الأجوف"، وإن كان في اللام فهو "الناقص"، وإن كان أكثر من واحد فهو "اللفيف" المفروق إن كان في الفاء واللام، والمقرون إن كان في العين واللام، ولم يعتبر المصنف بما كان فاؤه وعينه حرف علة نحو ويل ويوم، وما كان فاؤه وعينه ولامه حرف علة مثل واو وياء في اسمي حرفين، كما اعتبرهما الزنجاني وغيره حتى جعلوا أقسام المعتلات سبعة لا خمسة لعدم بناء الفعل، منهما فمقصود المصنف بيان أو زان المشتقات ويؤيده عطف قوله: "واشتقاق تسعة أشياء" على قوله: سبعة أبواب ومعناه إلى معرفة اشتقاق تسعة أشياء "من كل مصدر" فإن قلت: يرد عليه المصادر التي لا يشتق منها شيء كويل وويح قلت: المراد من اشتقاق تسعة أشياء اشتقاقها منه إن وجدت، ويحتمل أن يكون بناء على الغالب وإنما انحصر الاشتقاق في التسعة؛ لأن ما يشتق من المصدر إما أن يكون فعلا أو اسما فإن كان فعلا فلا يخلو من أن يكون إخباريا أو إنشائيا، فإن كان إخباريا فإن لم يتعاقب في أوله الزوائد الأربع وهي حروف أتين فهو "الماضي" وإن تعاقب فهو "المستقبل" وإن كان إنشائيا فإن دل على طلب الفعل فهو "الأمر" وإن دل على ترك الفعل فهو "النهي" وإن كان اسما فإن دل على ذات من قام به الفعل فهو "اسم الفاعل" وإن دل على ذات من وقع عليه الفعل فهو "اسم المفعول" وإن دل على ما وقع فيه الفعل فإن كان مكانه فهو "اسم المكان" وإن كان زمانا فهو "اسم الزمان" وإن دل على ما وقع الفعل بسببه فهو "اسم الآلة" ولم يذكر النفي والجحد لمشابهة النفي صورة والجحد معنى للنهي فإن قلت: الصفة المشبهة وأفعل التفضيل من المشتقات، ولم يذكرهما المصنف قلت: هما داخلان في اسم الفاعل، فإن قلت: التصغير مشتق من المصدر بزيادة الياء مثل نصر ونصير قلت، لا نسلم أنه مشتق منه وزيادة الياء من قبيل الزيادة لإفادة المعنى لا الاشتقاق كما صر حوابه، ويدل عليه عدم اختصاصه بالمشتقات، بل يجري أيضا في الجوامد رجل ورجيل، فإن قلت: هذا الكلام يدل على أن اسم الفاعل والمفعول مشتقات من المصدر وكذا الزمان والمكان والآلة وكذا الأمر والنهي وقد صرح فيما سيأتي أنها مشتقات من المضارع، أجيب بأنها مشتقات من المصدر بالتوسط لأنها مشتقات من الفعل وهو مشتق من المصدر فتكون هي مشتقة من المصدر كما هو مذهب السيرافي، والفاء في قوله "فكسرته" جواب للشرط المحذوف تقديره إذا احتاج الصراف في معرفة الأوزان إلى سبعة أبواب فكسرت هذا الكتاب "على سبعة" بيان "أبواب" مذكورة إجمالا أي طويته مستعار من كسر الطائر جناحيه إذا ضمهما للوقوع وانقض "الباب الأول" من تلك الأبواب السبعة "في" بيان بناء "الصحيح" قدمه على سائر الأبواب إما لسهولة حفظه عند المبتدي والتعليم من الأسهل إلى الأصعب، وإما لكونه مقيسا عليه للمعتلات، وإما لكونه مفهومه عدميا ومفهوم ما سواه وجوديا وكون العدمي قدما على الوجودي لأصالته، وبعضهم قدم المعتلات على الصحيح نظرا إلى أن مفهومه عدمي ومفهومها وجودي والوجودي لشرفه مقدم
1 / 6
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا على العدم ولكل وجهة هو موليها، ولعدم الفرق بين الصحيح والسالم عند المصنف عرف الصحيح بقوله: "الصحيح هو الذي ليس في مقابلة الفاء والعين واللام حرف علة ولا تضعيف ولا همزة" وإنما اعتبر ألا يكون فيه تضعيف ولا همزة لترتيب بعض أحكام حرف العلة عليهما من الحذف والقلب كما سيأتي، وبعضهم جعل هذا التعريف للسالم وعرف الصحيح بما ليس في مقابلة الفاء والعين واللام حرف علة، فيكون بينهما عموم وخصوص مطلقا فكل سالم صحيح من غير عكس والتعريف المذكور يصدق على ما لا يوجد فيه حرف علة أصلا "نحو ضرب" وعلة ما يوجد فيه، لكن ليس في مقابلة الفاء والعين واللام نحو حوقل وعشير، فإن الواو والياء بهما ليسا في مقابلة شيء منهما، وإنما قال: "واختص الفاء والعين واللام للوزن" ولم يقل واختص فعل ليمكن جعله وزنا للمتحركات المختلفة "حتى يكون فيه" أي الوزن "من حروف الشفة" وهو الفاء "والوسط" وهو اللام "والحلق" وهو العين "شيء" أي حرف فإن قلت: هذا الدليل منقوض بمثل عمل لوجود حروف المخارج الثلاثة المعتبرة فيه. قلت: نعم لكن لما كان المركب من تلك الحروف وهو فعل شاملا لجميع أفراد الفعل من القولي والفعلي مع الفائدة المذكورة اختصت للوزن، وإنما اختار الثلاثي للوزن دون الرباعي والخماسي؛ لأنه لو كان رباعيا أو خماسيا يكون وزن الثلاثي بحذف حرف أو حرفين ولو كان ثلاثيا يكون وزن الرباعي والخماسي بزيادة حرف أو حرفين، والزيادة أسهل من الحذف عندهم، قوله: "فقولنا" مبتدأ، وقوله: "الضرب" مقول القول باعتبار لفظه لا باعتبار معناه ولهذا لم يجب كونه جملة، وقوله: "مصدر" خبره وقوله: "يتولد منه" أي من ذلك المصدر بطريق الاشتقاق "الأشياء التسعة" المذكورة صفة مصدر "وهو" أي المصدر معلوما كان أو مجهولا "أصل" للفعل معلومات كان أو مجهولا فالمصدر المعلوم أصل للفعل المعلوم، والمصدر المجهول أصل للفعل المجهول "في الاشتقاق" لا في العمل "عند" أصحابنا "البصريين" لا عند الكوفيين "لأن مفهومه" أي مفهوم المصدر "واحد" وهو الحدث فقط "ومفهوم الفعل متعدد" لا واحد "لدلالته على الحدث و" على "الزمان" ماضيا كان أو مضارعا "و" لا شبهة أن "الواحد قبل
1 / 7
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا المتعدد" وأصل له فكذا ما يدل على الواحد قبل ما يدل على المتعدد وأصل له، ولما توجه أن يقال إن الدليل المذكور لا يدل على كون المصدر أصلا لغير الأفعال من الأشياء التسعة لعدم دلالته على الزمان أجاب بقوله: "وإذا كان أصلا للأفعال يكون أصلا لمتعلقاتها" أي من غير نظر إلى جريان الدليل المذكور فيها بل بمجرد كونها متعلقات الأفعال فحاصل معنى كلامه أنه إذا كانت الأفعال أصلا لمتعلقاتها عندهم ودل الدليل على أن المصدر أصل للأفعال ثبت أن المصدر أصل لمتعلقاتها بالواسطة هذا هو الحق، ومن الشارحين من اعترض بأنه لا يلزم من كون المصدر أصلا للأفعال من حيث التعدد المذكور كون المصدر أصلا لمتعلقات الأفعال؛ لأن التعدد المذكور ليس بموجود في بعضها كاسم الفاعل فإنه لا يدل على الزمان وأجاب عنه بعض آخر بقوله نعم إن التعدد المذكور ليس بثابت إلا أن التعدد ثابت فيه باعتبار آخر؛ لأنه يدل على الحدث والذات وكل ذلك ظلمات بعضها فوق بعض "أو لأنه" أي المصدر "اسم والاسم مستغن عن الفعل" أي في الإفادة ينتج أن المصدر مستغن عن الفعل ثم تجعلها صغرى لقولنا فكل مستغن عن الفعل فهو أصل له فنقول المصدر مستغن عن الفعل وكل مستغن عن الفعل فهو أصل له ينتج أن المصدر أصل له، وهو المطلوب فإن قلت مجرد إثبات استغناء المصدر عن الفعل لا يكفي في أصالة المصدر لجواز الاستغناء من الطرفين، بل لا بد من إثبات احتياج الفعل إلى المصدر ليتم المطلوب. قلت: احتياج الفعل إلى الاسم في الإفادة معلوم معهود ولهذا لم يذكر، ولقائل أن يقول: إن أصالة المصدر في الإفادة لا تدل على أصالته في الاشتقاق؛ لأن الاشتقاق ليس هو الإفادة ولا لازما لها فتأمل اعلم أن هذا الدليل لو تم لدل على أصالة المصدر بطريق الالتزام وكذا الدليل الأول، وأما الدليل الثالث فمبني على التحقيق ولهذا فصله عما قبله فقال: "وأيضا" ولم يقل أو لأنه "إنما يقال له مصدر" أي إنما سمي المصدر مصدرا "لأن هذه الأشياء التسعة" المذكورة "تصدر عنه" لأن معنى المصدر لغة موض يصدر عنه الإبل. فإن قلت: هذا القول بيان لتسمية المصدر مصدرا لصدور الأشياء التسعة عنه، وذا لا يمكن إلا بعد ثبوت كون المصدر أصلا فيلزم المصادرة قلت: معنى الاستدلال به أنهم جعلوا سبب تسمية المصدر مصدر لصدور الأشياء التسعة عنه، فلو لم يكن المصدر أصلا عنهم لما جعلوا سبب التسمية ذلك هذا وكل ما ذكره المصنف من الاستدلالات كلام ظاهري، والتحقيق ما ذكره الفاضل الرضي حيث قال: قال البصريون كل فرع يصاغ عن أصل ينبغي أن يكون فيه ما في الأصل وزيادة هي الغرض من الصوغ كالباب من الساج والخاتم من الفضة، وهذا حال الفعل فيه معنى المصدر مع زيادة أحد الأزمنة التي هي الغرض من وضع الفعل؛ لأنه كان يحصل من نحو قولك لزيد ضرب مقصود نسبة الضرب إلى زيد لكنهم طلبوا بيان زمان الفعل على وجه آخر فوضعوا الفعل الدال بجوهر حروفه على المصدر وبوزنه على الزمان ولما ذكر أن المصدر أصل في الاشتقاق عند البصريين وجب عليه أمران بيان ماهية الاشتقاق والاستدلال على أصالة المصدر فيه والأصل أن يقدم التعريف على الاستدلال لكنه قدم الاستدلال لئلا يقع الفصل بين الدعوى ودليلها مع أن معنى الاشتقاق معلوم بوجه ما. ثم لما فرغ من الاستدلال بادر إلى بيان ماهية الاشتقاق قبل ذكر متمسكات للكوفيين ليتضح المقصود لكنه قدم تعريف مطلق اشتقاق على
1 / 8
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا تعريف الاشتقاق المتنازع فيه لفائدة نذكرها إن شاء الله تعالى، فقال: "الاشتقاق هو أن تجد بين اللفظين" أي المتغايرين وذلك التغاير قد يكون بزيادة حرف كزيادة الألف في مثل الضارب فإنه مشتق من الضرب، وقد يكون بزيادة الحركة كزيادة فتحة الراء في ضرب فإنه مشتق من الضرب، وقد يكون بنقص حرف كنقص الواو من قل فإنه مشتق من القول كذا قيل "تناسبا في اللفظ" وهو يتناول التناسب في نفس حروف اللفظ نحو ضرب وضارب، والتناسب في مخرج حروف اللفظ نحو نعق ونهق "والمعنى" فإن قلت هذا التعريف غير مستقيم؛ لأن الاشتقاق وصف اللفظ والوجدان المذكور وصف المخاطب فلا يكون وصف المخاطب فلا يكون أحدهما هو الآخر، قلت: معنى كلامه الاشتقاق التناسب الموجود بين اللفظين في اللفظ والمعنى لكنه تسامح فقدم الوجدان عليه تنبيها على أن ذلك التناسب من الموجودات في نفس الأمر لا من الاعتبارات المحضة ونظيره ما قيل في تعريف الوحدة إنها تعقل عدم الانقسام تنبيها على أنها من المعاني العقلية لا من الأمور العينية، فالتناسب بين اللفظين جنس شامل للتناسب في اللفظ والمعنى سعا والتناسب في اللفظ فقط والتناسب في المعنى فقط، وقوله في اللفظ والمعنى فصل يخرج التناسب في اللفظ فقط كما في ضرب بمعنى الدق وضرب بمعنى الذهاب، فإن فعل أحدهما لا يكونن مشتقا من الآخر والتناسب في المعنى فقط كما في القعود
1 / 9
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا والجلوس فإن فعل أحدهما لا يكون مشتقا من الآخر "وهو" أي الاشتقاق المطلق المعرف "ثلاثة أنواع" عند أصحاب هذا الفن إما بالاستقراء أو بالحصر العقلي؛ لأنه إما بالتقديم والتأخير، وإما بالتبديل، وإما بغيرهما. الثالث "اشتقاق صغير وهو أن يكون بينهما" أي بين اللفظين "تناسب في الحروف والترتيب" أي في ترتيب تلك الحروف فإن قلت المطلق إنما يتحصل نوعا بانضمام قيد زائد وها هنا ليس كذلك لأن معنى مطلق الاشتقاق كما حققته تناسب اللفظين في اللفظ والمعنى جميعا ومعنى هذا النوع منه على ما ذكرته تناسب اللفظين في اللفظ فقط؛ لأن التناسب في الحروف والترتيب تناسب لفظي فلا يكون تحصيل النوع بانضمام قيد، بل بانتقاص قيد وهو في المعنى وهو غير جائز بالاتفاق قلت قيد في المعنى محذوف مقدر في هذا التعريف وفي تعريفي النوعين الآخرين أيضا بناء على فهم المبتدي مع أنه لا يتعلق به غرض تحصيل نوع، فإن قلت: فعلى هذا لم يبق بين المطلق وبين النوع منه فرق وهو غير جائز أيضا، قلت: معنى المطلق تناسب اللفظين مطلقا أعم من أن يكون التناسب في الحروف والترتيب جميعا وأن يكون في الحروف فقط أو أن يكون في مخرج الحروف، وكل من هذا التناسب الثلاثة تناسب خاص فافتر قائم إن تحقق ذلك المطلق في ضمن الخاص الأول صار نوعا من الاشتقاق المطلق يسمى صغيرا لكونه معلوما بأدنى تأمل بسبب اشتراكهما في الحروف وترتيبها "نحو" اشتقاق "ضرب من الضرب" وإن تحقق في ضمن الثاني صار نوعا آخر منه يسمى كبيرا لكونه معلوما بتأمل قوي لعدم اشتراكهما في الترتيب، وإن تحقق في الثاني صار نوعا ثالثا منه يسمى أكبر لكونه معلوما بتأمل أقوى لعدم اشتراكهما في نفس الحروف. اعلم أنهم عرفوا الاشتقاق الصغير بالقطاع فرع من أصل يدور في تصاريفه مع ترتيب الحروف وزيادة المعنى "و" الأول وهو ما يكون بالتقديم والتأخير اشتقاق "كبير وهو أن يكون بينهما في اللفظ والمعنى" حق العبارة أن يكون في الحروف "دون الترتيب" كما يعرفه الذوق السليم من سياق الكلام لكنه تسامح بناء على ظهور المراد "نحو" اشتقاق "جبذ" بتقديم الباء "من الجذب" بتأخيره وفي تعريف هذا النوع وفي النوع الأخير أيضا ما في تعريف النوع المتقدم من السؤال والجواب تدبر. قيل الكبير أن يكون بين كلمتين تناسب في اللفظ والمعنى فهو أعم من أن يكون اسمين أو فعلين أو أحدهما اسما والآخر فعلا أو مجرد دين أو مزيدين أو أحدهما مجردا والآخر مزيدا وأن يزيد معنى المشتق أولا وأن يترتب الحروف أولا "و" الثاني وهو ما يكون بالتبديل اشتقاق "أكبر وهو أن يكون بينهما تناسب في المخرج" دون نفس حروف اللفظ "نحو" اشتقاق "نعق من النهق" بإبدال العين من الهاء "والمراد من الاشتقاق" المتنازع فيه بين الفريقين "المذكور" في قولنا: وهو أصل في الاشتقاق "ها هنا اشتقاق صغير" قيل: وأما غيره فيجوز أن يجعل كل منها أصلا بالاتفاق، فإن قلت: فما الفائدة حينئذ في تعريف مطلق الاشتقاق ثم تقسيمه إلى ثلاثة أنواع، قلت: الفائدة زيادة اتضاح المراد عند المبتدي وتميزه فضل تميز إذ معرفة حقيقة النوع إنما هي بمعرفة جنسه وفصله، ويمكن أن يقال المراد من الاشتقاق المطلق المذكور المعرف اشتقاق صغير على معنى أن الغرض من تعريف الاشتقاق المطلق معرفة الاشتقاق الصغير على حذف المضاف في الموضعين
1 / 10
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا لكن الأول أوفق. ولما فرغ من استدلالات البصريين على أصالة المصدر وبيان ماهية الاشتقاق شرع في استدلالات الكوفيين على أصالة الفعل فيه بطريق المعارضة، لكن لما كان في أدلتهم ضعف لم يقل استدل بل قال "قال الكوفيون ينبغي" أي يجب "أن يكون الفعل أصلا" في الاشتقاق "لأن إعلاله" وهو تغيير حرف العلة للتخفيف، وهو قد يكون بالقلب كما في قال، وقد يكون بالحذف كما في قلت، وقد يكون بالإسكان كما في يقول، "مدار" أي سبب يثبت الأثر بثبوته وينتفي بانتفائه، وهو مصدر ميمي من دار يدور أصله مدور بفتح الواو فأعل بالنقل والقلب "لإعلال المصدر وجودا وعدما" وما يكون إعلاله مدار الإعلال شيء كذلك يكون أصلا له ينتج أن الفعل أصل أما الكبرى فظاهرة، وأما الصغرى فقد أثبتها المصنف بتمثيل مثالي مثالي ومثالي أجوف بقوله "أما وجودا ففي" مثل "يعد" أصله يوعد بوزن يضرب فحذفت الواو ولوقوعها بين ياء وكسرة أصلية "عدة" مصدر بوزن هبة أصله وعدة فأعل بشرطين أحدهما أن يعل فعله، والثاني أن يكون على وزن فعلة بكسر الفاء وسكون العين وإذا كان إعلال فعله شرطا لإعلاله كان مدارا له وكيفية إعلاله أنه نقلت حركة الواو إلى ما بعدها ثم حذفت ساكنة اتباعا للفعل واستثقالا للكسرة على الواو، أو حذفت متحركة وحرك ما بعدها بجنس حركاتها ولزم تاء التأنيث كالعوض منها، فلو انتفى أحد الشرطين لا يجوز حذفها، فلا تحذف من نحو الولدة؛ لأنه اسم فانتفى الشرط الأول، ولا من نحو الوعدة والوعد بفتح الواو فيهما لانتفاء الشرط الثاني "و" مثل "قام" أصله قوم فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار قام "قياما" أصله قواما فقصد بقلب الواو وتبعا لفعله لا لوجود موجب الإعلال، لكن لما كان ما قبلها مكسورا قلبت ياء لا ألفا فيكون المصدر تابعا لفعله في مطلق الإعلال "وأما عدما ففي" مثل "يوجل" معناه وبابه يخاف يعني لم يعل الواو فيه لعدم موجب الإعلال، أما بالحذف فلعدم وقوعها بين ياء وكسرة، وأما بالقلب ألفا أو بنقل الحركة فلسكونها، وأما بالقلب ياء فلعدم انكسار ما قبلها "وجلا" مصدر بوزن وعد لم يعل اتباعا لفعله كما يعل عدة لذلك "و" في مثل "قاوم" يعني لم يعل قاوم إما لوجود مانع الإعلال؛ لأنه لو حذفت الواو وإما ابتداء أو بعد قبلها ألفا التبس بقام، وإما لعدم موجبه؛ لأنها لا يمكن قبلها ياء لعدم انكسار ما قبلها "قواما" مصدر لم يعل اتباعا لفعله وهو قاوم مع أن هذا اللفظ يعل إذا وقع مصدر القام اتباعا له فيقال قياما كما مر "ومداريته" أي مدارية إعلال الفعل وجودا وعدما لإعلال المصدر "تدل على أصالته" أي الفعل لكون المدار متبوعا، وأنت تعلم أن الأصالة في الإعلال لا تدل على الأصالة في الاشتقاق وأيضا إن قوله ففي بعد عدة ويوجيل وجلا يدل على أن المضارع أصل المصدر مشتق منه بالذات، وقوله: وفي قام قياما وقاوم قواما يدل على أن الماضي أصل والمصدر مشتق منه بالذات فاضطربت مقالتهم، وأيضا إن هذا الاستدلال من قبيل إثبات القاعدة بالأمثلة وهو غير جائز نعم تثبت القاعدة بها إذا كان بالاستقراء التام وها هنا ممنوع، وأيضا أن مثل عدة لا يكون إعلاله بمجرد اتباع الفعل، بل بشرطين حتى لا يعل الوعدة والوعد بفتح الواو فيهما مع أن فعلهما وهو يعد كما حققته، وأيضا إن رمى فعل يعل بقلب الياء ألفا ورميا مصدر لا يعل، وأن اعشو شب فعل لا يعل واعشيشا بالمصدر يعديعل بقلب الواو ياء فانتفت دلالة مدارية إعلال الفعل لإعلال المصدر وجودا وعدما "وأيضا" ينبغي أن يكون الفعل أصل لأنه "يؤكد الفعل به" أي بالمصدر "نحو ضربت ضربا" فضربا يؤكد ضربت تأكيدا اسميا لا صناعيا؛ لأنه لم يعهد في العربية أن المصدر تأكيد لفظي أو معنى وأيضا التأكيد الصناعي من التوابع وهي معرفة بأنها الكلمات التي لا يمسها الإعرب إلا على سبيل التبع لغيرها، وإعراب المصدر ليس على سبيل التبع للغير؛ لأنه من المفاعيل وإعرابها أصلي لا تبعي، وأيضا الواقع في محل المعرب الجملة الفعلية لا الفعل المؤكد بالمصدر وحده، وكل ذلك ظاهر ولما لم يكن ضربا في ضربت ضربا من التوكيد الصناعية كان في تأكيد الفعل نوع خفاء بالنسبة إلى بعض الأذهان فشبهوا بالتأكيد اللفظي الصناعي توضيحا فقالوا:
1 / 11
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا "وهو بمنزلة ضربت ضربت" أي في مجرد كون الثاني تأكيد اللأول "والمؤكد" بفتح الكاف "أصل" لكون معناه مقصود بالذات في الكلام "دون المؤكد" بكسر الكاف لكون معناه مقصودا لأجل المؤكد فيكون الفعل أصلا هذا الذي قررناه ما أراده الكوفيون، لكن المصنف غفل عن مرادهم حيث قال في الجواب، بل في الإعراب وتبعه الشراح فحملوا التأكيد على اللفظي فلن يفيد بعضهم بعضا إلا غرورا "وأيضا يقال له مصدر لكونه مصدورا به عن الفعل" فيكون الفعل مصدرا والمصدر مفعولا فيكون الفعل أصلا "كما قالوا مشرب عذب" أي ماء طيب لذيذ "ومركب فاره" أي جيد السير لا تعب راكبه "أي مشروب" عذب "ومركوب" فاره وأيضا قالوا المصدر مفعل بمعنى المصدور نحو قعدت مقعد أي قعودا، والمصدر بمعنى الفاعل أي صادر عن الفعل كالعدل بمعنى العادل وجوابه المنع، وأيضا استدلوا عليها بعمل الفعل في المصدر نحو لعدت قعودا؛ لأن العامل قبل المعمول وهو مغالطة؛ لأن العامل قبل المعمول بمعنى أن الأصل في وقت العمل أن يتقدم لفظ العامل على لفظ المعمول والنزاع في أن وضعه غير مقدم على وضع الفعل فأين أحد التقدمين من الآخر، وإذ قال علمت مذهبي الفريقين في الأصالة في الاشتقاق فاعلم أن الحد التام للمصدر عند البصريين هو اسم الحدث الذي يشتق منه الفعل وعند الكوفيين اسم الحدث الذي يستق من الفعل "قلنا في جوابهم" عن أدلتهم بأسرها أما عن الأول فهو أن "إعلال المصدر" أي عند إعلال الفعل هذا القول إلى قوله سال الميزاب مقول قلنا فيليتقابل الجمعان "للمشاكلة" وهي الموافقة أي ليكون المصدر موافقا ومطردا لفعله في الحذف والإعلال "لا للمدارية" حتى تدل على الأصالة "كحذف الواو في تعد" بنقطتين من فوق وباقي صيغ المضارع التي لا يقع الواو فيها بين ياء وكسرة موافقة ليعد أي لئلا يختلف بناء المضارع بل يجري على وتيرة واحدة وإن لم يوجد موجب الحذف "و" كحذف "الهمزة في يكرم" بنقطتين من تحت وباقي صيغ المضارع سوى أكرم وسائر متصرفاتها من الفاعل والمفعول وغيرهما وإن لم يوجد فيها علة الحذف وهي اجتماع المزتين موافقة لأكرم أي ليطرد الباب. اعلم أن حاصل هذا الجواب منع مدارية إعلال الفعل لإعلال المصدر وجودا فكأنه قال: إنا لا نسلم أن إعلال الفعل للمدارية لم لا يجوز أن يكون للمشاكلة كحذف الواو في تعد فلا يتوجه أن يقال: إن قوله إعلال المصدر للمشاكلة للمدارية دعوى بلا دليل ولما كان مدار الاستدلال على المدارية وجودا وعدما معا اكتفى بمنع الأول ولم يتعرض لمنع الشق الثاني وقد منعناه أيضا فتذكر "و" أما عن الثاني فهو أن "المؤكدية" بفتح الكاف "لا تدل على الأصالة في الاشتقاق" والكلام فيه "بل" تدل على الأصالة "في الإعراب كما في جاءني زيد زيد" يعني كما أن زيد الأول مؤكد وأصل في الإعراب بالنسبة إلى زيد الثاني لا في الاشتقاق؛ لأنه من الجوامد كذلك الفعل في مثل ضربت ضربا أصل بالنسة إلى المصدر في الإعراب لا في الاشتقاق وأنت تعلم أن هذا الجواب إنما يصح أن لو حمل التأكيد على اللفظي الصناعي وقد عرفت فساده مما قررناه سابقا من الأدلة الدالة على أن مراد الكوفيين من التأكيد هو الاسمي لا الصناعي، فلا يلزم من كون اللفظ الأول أصلا بالنسبة إلى الثاني في الإعراب كونه كذلك في الأول، وأيضا إنا لا نجد في ضربت إعرابا أصليا يتبعه إعراب ضربا هذا. ونحن نستعين بالله ونقول باستعانة الله الجواب الصحيح أن يقال المؤكدية بالمعنى الذي أرادوه لا تدل على الأصالة في الاشتقاق، بل في عرض
1 / 12
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا المتكلم في نظم الكلام فهو أمر قد يتبدل عن تبدل الأغراض، كما إذا قلت: زيد قائم لا قاعدا كان قائم مؤكدا وأصلا ولا قاعد مؤكدا وفرعا، فإذا عكست وقلت: زيد لا قاعد بل قائم، صار الأصل فرعا والفرع أصلا، وأمثال ذلك كثيرة والأصالة في الاشتقاق أمر لا يتبدل، وكل ذلك ظاهر بصواب التأمل وأيضا نقول ضربا في ضربت ضربا لا يؤكد الفعل بل المصدر الذي في ضمن الفعل، قال الفاضل الرضى وهو يعني ضربا في ضربت ضربا في الحقيقة تأكيدا للمصدر المضمون لكنهم سموها تأكيدا للفعل توسعا، فقولك: ضربت بمعنى أحدثت ضربا فلما ذكرت بعده ضربا صار بمنزلة قولك: أحدثت ضربا ضربا فظهر أنه تأكيد للمصدر المضمون وحده لا للأخبار والزمان اللذين تضمنهما الفعل. ا. هـ. وإذا لم يكن الفعل مؤكدا بالمصدر في الحقيقة لم يكن له أصالة بالنسبة إلى المصدر أصلا فضلا عن الأصالة في الاشتقاق "و" أما عن الثالث فهو أن "قولهم مشرب عذب ومركب فاره من باب جرى النهر وسال الميزاب" أي من باب المجاز الذي هو كر المحل وإرادة الحال لا من قبيل ذكر المصدر وإرادة المفعول كما ذكرتم، يعني أن مشربا ومركبا اسما مكان يراد بهما ما حل في ذلك المكان فيراد من مشرب ماء حل فيه ومن مركب فرس حل فيه فمعنى مشرب عذب ماء عذب ومعنى مركب فاره فرس فاره، كما أن النهر موضع يراد به ما حل فيه وهو الماء، فيكون معنى جرى النهر جرى الماء فيه. فحاصل الجواب أنا لا نسلم أن مشربا ومركبا مصدران بمعنى مشروب ومركوب حتى يكون لفظ المصدر بمعنى المصدور، وأيضا لم لا يجوز أن يكونا من قبيل ذكر المحل وإرادة الحال كما في جرى النهر وسال الميزاب باعتبار كونهما اسمي مكان. وأقول المشرب يكون مصدرا ميميا واسم مكان فكلا المعنيين سائغ، لكن ما قاله الكوفيون شائع، وأما المركب فهو لا يكون إلا مصدر بمعنى المفعول حتى كان كأنه اسم لما يركب فلا يكون من باب جرى النهر. والأولى في الجواب أن يقال لا يلزم من كون المشرب والمركب بمعنى المشروب والمركوب كون لفظ المصدر بمعنى المصدور بمجرد كونه موازنا لهما وهو ظاهر بل لا يلزم كونهما بمعنى المفعول في هذين الاستعمال؛ لجواز أن يقال هو ماء سهل المشرب بمعنى الشرب مع أن لا نسلم ذلك في هذين الاستعمالين، وأيضا يجوز أن يكون من باب جرى النهر. ولما ذكر المصنف أن الصراف يحتاج في معرفة الأوزان إلى معرفة اشتقاق تسعة أشياء من كل مصدر وجب عليه أمران بيان أصالة المصدر في الاشتقاق وبيان صيغ المصادر وأقسامها فلما فرغ من الأول شرع في الثاني فقال:
1 / 13
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا "ومصدر الثلاثي" أي المجرد "كثير" أي سماعي لا ضبط له وأما مصدر غير الثلاثي المجرد فله ضبط وقياس سنبينه إن شاء الله تعالى، وقوله: "وعند سيبويه يرتقي" ذلك المصدر "إلى اثنين وثلاثين بابا" أي وزنا مستثنى في المعنى من قوله كثير فكأنه قال: ومصدر الثلاثي المجرد سماعي لا ضبطه ولا ترتقي أوزانه إلى عدد معين عند جميع الصرفيين إلا عند سيبويه فإن ما ذكره نوع من الضبط قيل إن المصادر الثلاثية عند سيبويه أربعة وثلاثون بابا المذكورة وبغاية وكراهية، لكن تركهما المصنف لقلتهما ووجه الضبط أن المصدر عنيه إما ساكن أو متحرك والساكن إما أن لا يزاد فيه شيء أو يزاد تاء التأنيث أو ألف التأنيث أو الألف والنون المشبهتان بهما، وعلى التقادير الأربعة إما مفتوح الفاء أو مكسوره أو مضمومه فما حصل من ضرب الأربعة في الثلاثة الذي هو اثني عشر مذكور على الترتيب المذكور "نحو قتل" من باب الأول "وفسق" من باب الأول "وشغل" من باب الثالث "ورحمة" من باب الرابع "ونشدة" من باب الأول يقال نشد "الضالة أي طلبها "وكدرة من باب الرابع الكدرة ضد الصفو "ودعوى" من باب الأول "وذكرى" من باب الأول وهو ضد النسيان "وبشرى" من باب الأول وهي البشارة "وليان" من باب الثاني مصدر لوى يلوى أصله لويان قلبت الواو ياء وأدغم لاجتماعهما وسبق حداهما بالسكون يقال لوى الحبل أي فتله "وحرمان" مصدر بمعنى منع "وغفران" وهما من باب الثاني وأردف بقوله "وتروان" في باب ذلك الأول بفتحات مصدر نزا بمعنى وثب؛ لأن المصدر المتحرك العين زيد في آخره ألف ونون لم يجئ إلا هذا البناء فذكره هنا للمناسبة مع ليان هذا إذا كان العين ساكنا "و" أما إذا كان متحركات فهو إما مفتوح ولا يزاد فيه شيء فهو إما مفتوح الفاء نحو "طلب" من باب الأول "و" إما مكسورة نحو "صغر" من باب الخامس "و" أما مضمومه نحو "هدى" من باب الثاني "و" إما مكسوره ولا يزاد فيه شيء ولم يجئ منه غير مفتوح الفاء نحو "خنق" من باب الأول، والمصنف قدمه على صغر وهدى لقلة وقوعهما، وإما مضموم ولا يزاد فيه شيء ولم يجئ منه شيء هذا إذا كان العين متحركات ولم يزد فيه شيء "و" أما إذا كان متحركا وزيد فيه شيء، فالعين فيه حينئذ ما مفتوح ويزاد فيه التاء ولم يجئ منه أيضا غير مفتوح الفاء نحو "غلبة" من باب الثاني "و" إما مكسور ويزاد فيه التاء ولم يجئ منه غير مفتوح الفاء نحو "سرقة" من باب الثاني "و" إما مفتوح يزاد فيه الألف هو إما مفتوح الفاء نحو "ذهاب" من باب الثالث "و" إما مكسورة نحو "صراف" من باب الثاني "و" إما مضمومه نحو "سؤال" من باب الثالث "و" إما مفتوح ويزاد فيه الألف والتاء وهو أيضا إما مفتوح الفاء نحو "زهادة" من باب الرابع وهو الزهد وهو ضد الرغبة "و" إما مكسوره نحو "دراية" من باب الثاني ولم يجئ مضمومه.
1 / 14
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا "و" إما مضموم ويزاد فيه الواو أو هو أيضا إما مضموم نحو "دخول" من باب الأول "و" إما مفتوح الفاء نحو "قبول" من باب الرابع أخره لقلته، ولم يجئ منه مكسوره "و" إما مكسوره ويزاد فيه الياء، ولم يجئ منه غير مفتوح الفاء نحو وجيف من باب الثاني مصدر وجف بمعنى اضطرب "و" إما مضموم يزاد فيه الواو والتاء، ولم يجئ منه غير مضموم الفاء نحو "صهوبة" من باب الخامس وهي الحمرة في شعر الرأس "و" إما مفتوح ويزاد فيه الميم، ولم يجئ منه أيضا غير مفتوح الميم نحو "مدخل" من باب الأول "و" إما مكسور ويزاد فيه الميم، ولم يجئ منه أيضا غير مفتوح الميم نحو "مرجع" من باب الثاني "و" إما مكسور ويزاد فيه الميم والتاء، ولم يجئ منه غير مفتوح الميم نحو "مسعاة" من باب الثالث من السعي أصله مسعية قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. قال في مختار الصحاح: المسعاة واحدة المساعي في الكرم والجود "و" إما مكسور ويزاد فيه الميم والتاء، ولم يجئ منه غير مفتوح الميم نحو "محمدة" من باب الرابع "ويجيء المصدر" من الثلاثي المجرد "على وزن اسم الفاعل و" على وزن اسم "المفعول" أي يتحد وزنه ووزنها وإن كان مصدرا حقيقة "نحو قمت قائما" فقائما مصدر بمعنى قيام وإن كان وزنه وزن اسم الفاعل لا أنه فاعل حقيقة يراد به معنى المصدر كما يذكر المصدر ويراد به الفاعل نحو رجل عدل أي عادل، "ونحو قوله تعالى: ﴿بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ﴾ " فالمفتون مصدر بمعنى الفتنة على تقدير عدم زيادة التاء، وإن كان وزنه وزن المفعول لا أنه مفعول حقيقة يراد به معنى المصدر، كما يذكر ويراد به المفعول نحو قوله تعالى: ﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ﴾ أي مخلوقه هذا عند غير سيبويه، وأما هو فلم يجوز مجيء المصدر بوزن المفعول، قال في مختار الصحاح: المفتون الفتنة وهو مصدر كالمعقول والمخلوق، وقال: المعقول مصدر عقل، وقال سيبويه: هو صفة وقال: إن المصدر لا يأتي على وزن مفعول ألبتة. ا. هـ. ومنهم من ظن وبعض الظن إثم أن معنى قوله: ويجيء المصدر على وزن اسم الفاعل والمفعول أن الفاعل والمفعول يذكران ويراد بهما المصدر كما يذكر ويراد به الفاعل والمفعول كما في رجل عدل أي عادل وهذا خلق الله أي مخلوقه، وأنت خبير بأن هذا المعنى لا يفهم من عبارة الكتاب وأنه لا يناسب المقام مع أن المثال المذكور خلاف ما ثبت في اللغة على ظنهم ويثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت
1 / 15
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا "ويجيء" المصدر "للمبالغة" في الفعل والكثرة فيه على وزن التفعال بفتح الأول وسكون الثاني "نحو التهذار" مبالغة الهذر وهو الهذيان "والتلعاب" أي اللعب الكثير، وكذا الترداد والتجوال بمعنى الرد والجولان، وكذا التعداد والتذكار والتكرار، وأما التبيان والتلقاء بكسر التاء فيهما فشاذان من هذا الوزن كما صرحوا به "و" على وزن فعيلي بكسرتين وتشديد العين "نحو الحثيثي" بكسرتين أي الحث الكثير من الجانبين "والدليلي" مبالغة الدليل، وكذا الرميا تقول كان بينهم رميا أي الترامي الكثير من الجانبين، "والخليفي" قال عمرو رضي الله تعالى عنه زمن خلافته: لولا الخليفي لأذنت أي لولا كثرة الاشتغال بأمر الخلافة والذهول بسببها عن تفقد أوقات الأذان لأذنت، قيل: سئل الزمخشري أهو قياس أم سماعي؟ فقال: هذا الباب كثير الاستعمال فينبغي أن يكون قياسيا، قال سيبويه: أوزان المبالغة لا تجيء إلا من ثلاثي، وأما جمهور الصرفيين فقد جوزوا ذلك مطلقا قيل إن ذكر المصدر للمبالغة استطراد؛ لأن المراد بيان مصدر يشتق منه فعل مشتمل على معناه وزيادة كما يدل عليه السباق والسياق وهو ليس كذلك؛ لأنه ليس في فعله دلالة على هذا التكثير والمبالغة فافهم "ومصدر غير الثلاثي" المجرد "يجيء على سنن" أي طريق "واحد" يعني يجيء قياسا فلكل باب قياس على حدة فتقول مثلا: كل ما كان ماضيه على فعلل فمصدره على فعللة، وكل ما كان ماضه على فعل فأفعال، وكل ما كان ماضيه على فعل فتفعيل، وكل ما كان ماضيه على فاعله فمفاعلة وفعال، وكل ما كان ماضيه افتعل فافتعال وكل ما كان ماضيه فعل فافعلال، وكل ما كان ماضيه تفعل فتفعل، وكل ما كان ماضيه تفاعل فتفاعل، وكل ما كان ماضيه استفعل فاستفعال، وكل ما كان ماضيه افعوعل فافعيعال، وكل ما كان ماضيه أفعول فأفعوال، وكل ما كان ماضيه افعنلل فافعنلال، وكل ما كان ماضيه افعنلي فافعنلاء، وكل ما كان ماضيه تفعلل فتفعلل، وكل ما كان ماضيه افعلل فافعلال وفيه قياس واحد لجميع الرباعي والمزيد، لكن لا يليق بيانه بهذا المختصر "إلا في كلم" فإنه لا يجيء مصدره قياسا وهو تكليما بل بجيء "كلاما" بكسر الكاف وتشديد اللام "و" كذا "في قاتل قتالا وقيتالا" والقياس المشهور المقاتلة والمفهوم من عبارة الرضي أنهما قياسان أيضا حيث قال: وأما فعال في مصدر فاعل كقتال فهو مخفف القياس إذ أصله قيتالا "و" كذا "في تحمل تحمالا" بكسرتين وتشديد الميم والقياس تحملا "و" كذا "في زلزل زلزالا" بفتح الأول والقياس بكسره إلا أنهم جوزوا الفتح لثقل المضاعف. ولما بين أن المصدر أصل في الاشتقاق وأن المصدر قسمان سماعي وقياسي، وبين السماعي والقياسي منه شرع في المقصود فقال "الأفعال التي تشتق من المصدر" كما هو المذهب.
1 / 16
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا "خمسة وثلاثون بابا" باتفاق منهم بالاستقراء "ستة منها للثلاثي المجرد" والمراد عن الثلاثي المجرد ما كان ماضيه على ثلاثة أحرف أصول ووجا تقديمه على ما عداه ظاهر، ووجه الضبط فيها أنهم فتحوا أول الماضي للخفة ولامتناع الابتداء بالساكن ولا يشكل بالمجهول ولا بفعل مكسور الأول كشهد كعروض الضم والكسر فيهما ولأن الضم في المجهول للفرق واعتبر في العين ثلاث حركات؛ إذ لو كان ساكنا يلزم التقاء الساكنين عند اتصال الضمير المرفوع مثل ضربت ولم يعتبروا حركة اللام لكونها محل التغيير فكانت للماضي ثلاثة أبنية والتزموا سكون الفاء في المضارع فرارا من توالي الحركات الأربع كما سيأتي في فصله، واعتبروا في عينه أيضا ثلاث حركات؛ لأنه لو كان ساكنا يلزم التقاء الساكنين عند دخول الجوازم عليه مثل لم يضرب فضربوا الثلاثة في الثلاثة فحصل تسعة ثلاثة منها بفتح الأول مع الحركات الثلاث في الثاني وثلاثة بكسر الأول مع الحركات الثلاث في الثاني، لكن لم يعتبروا الكسر مع الضم؛ لأن الكسر مع الضم ثقيل فبقي اثنان وثلاثة بضم الأول مع الحركات الثلاث في الثاني، لكنهم لم يعتبروا الضم مع الكسر وكذا مع الفتح؛ لأن الضم معهما ثقيل فبقي واحد وهو الضم مع الضم فبقي من التسعة الستة، فإن قلت: الكسر مع الكسر وكذا الضم مع الضم ثقيل أيضا، قلت: ما كان الكسر مع الكسر من جنس واحد وكذا الضم مع الضم لم يكن ثقيلا؛ إذ الثقل في اختلافها فتدبر "نحو ضرب يضرب" على وزن فعل يفعل بفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر، وهو الباب الثاني لكن قدمه في الذكر لزيادة الاختلاف بين الفتح والكسر؛ لأن الأول علي والثاني سفلي والضم متوسط، وإنما استحق التقديم بزيادة اختلاف حركتها؛ لأنها تدل على زيادة اختلاف معناهما فيصير عريقا في كونه من الدعائم "وقتل يقتل" على وزن فعل يفعل بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر وهو الباب الأول "وعلم يعلم" على وزن فعل يفعل بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر وهو الباب الرابع، "و" لكن قدمه على "فتح يفتح" على وزن فعل يفعل بفتح العين فيهما وهو الباب الثالث لدخوله في الدعائم "وكرم يكرم" على وزن فعل يفعل بضم العين فيهما وهو الباب الخامس "وحسب يحسب" على وزن فعل يفعل بكسر العين فيهما وهو الباب السادس "وسمى الثلاثة الأول" وهو الباب الثاني والأول والرابع دعائم "الأبواب" أي أصولها وهي جمع دعامة بالكسر، وهي عمود البيت "لاختلاف حركاتهن في عين الماضي والمستقبل" فإن قلت: لِمَ اشترط اختلاف حركة الماضي حركة المضارع في دعائم الأبواب؟ قلت: لأن معنى الماضي لما كان مخالفا لمعنى المستقبل اقتضى ذلك أن يكون لفظ الماضي مخالفا للفظ المستقبل؛ ليطابق اللفظ المعنى على ما هو الأصل في كلامهم "وكثرتهن" أي في الاستعمال فبهذين الشرطين معا يدخل الباب في الدعائم لا بواحد منهما
1 / 17
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا "وفتح يفتح لا يدخل في الدعائم" وكذا سائر ما يجيء من الباب الثالث "لانعدام اختلاف الحركات في الماضي والمستقبل والعدم" كثرة الاستعمال لانعدام "مجيئه بغير حرف الحلق" أما في عينه أو في لامه فيصير مقيد، أو المقيد أقل وجودا من المطلق فانتفى الشرطان معا وعدم دخوله في الدعائم، وإن كان معلوما بالالتزام عما قبلها من الشرطين لكنه صرح به تقريرا وتوضيحا وليترتب عليه قوله، وأما ركن يركن إلخ وحروف الحلق الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء وإنما فتحوا عين المضارع إذا كان عينه أو لامه حرفا من الحروف؛ لأنها ثقيلة فأعطوها وما قبلها الفتحة للخفة لامتناع السكون في عين المضارع كما مروا، إنما قلنا إذا كان عينه أو لامه؛ لأنه إذا وقع حرف منها فاء نحو أمر يأمر لم يلزم الفتح في مضارعه لسكون حرف اللحق فيه، والساكن لا يجب فتح ما بعده لضعفه بالسكوت، ولا يشكل بمثل يدخل؛ لأن المراد أن شرط الفتح أن يوجد في العين واللام حرف منها لا أن كل ما فيه حرف يكون مفتوحا. فإن قلت: إن الألف من حروف الحلق أيضا باتفاق منهم فلِمَ لَمْ يعدوه ها هنا؟ قلت: الألف لا تخلو إما أن يقع عينا أو لاما وأيا ما كان لا يمكن فتح العين لأجله، أما إن وقع عينا فللزوم سكونه وأما إن وقع لاما فلأنه إما واو أو ياء في الأصل إذا الألف الأصلي لا يقع في لام الفعل بالاستقراء وإذا كان واوا أو ياء فقلبهما ألف يتوقف على فتح ما قبلها وهو العين فثبت أن فتح العين موجود قبل وجود الألف فلم يكن الفتح لأجل الألف وإلا يلزم الدور وهو المطلوب ثم إن هذا الفتح في العين لما وجد من غير شرط وهو وجود حرف الحلق كان شاذا، ولهذا حكموا بأن أبى يأبى شاذ كذا حققوه. ولما توجه أن يقال إن عدم مجيء الباب الثالث بغير مجيء الباب الثالث بغير حرف الحلق مشكل بركن يركن وأبى يأبى؛ لأنهما من هذا الباب وليس فيهما حرف الحلق أجاب عنهما بقوله: "وأما ركن يركن وأبى يأبى فمن اللغات المتداخلة والشواذ" يعني أن المثال الأول من المتداخل، والمثال الثاني من الشواذ ففي الكلام لف ونشر مرتب، وقد عرفت آنفا معنى كونه شاذا، ومعنى تداخل اللغتين فيه أن ركن يركن أي مال يميل كنصر ينصر لغة، وركن يركن كعلم يعلم فيه لغة أيضا فأخذ الماضي من الأول والمضارع من الثاني، والمراد بالشاذ في استعمالهم ما يكون بخلاف القياس من غير نظر إلى قلة وجوده وكثرته كالقود. والنادر ما قل وجوده وإن لم يكن بخلاف القياس، وما قيل من أن أبى بمعنى امتنع وهو فرع منع وفيه حرف حلق فحمل عليه فضعيف؛ لأن وجود حرف الحلق في لفظ معنى الكلمة لا يوجب ثقل تلك الكلمة على اللسان حتى يضطر إلى أن يحمل على فرعه ويفتح لأجله ما بعده. ولما توجه الإشكال المذكور أيضا بالأمثلة التي ذكرها أجاب بقوله: "وأما بقى يبقى وفنى يفنى وقلى يقلى فلغات طيء" يعني أن بقي يبقى وفني يفنى من باب علم يعلم فعين ماضيهما مكسورة، وقلى يقلي من باب ضرب يضرب فعين مضارعه مكسورة لكن قبيلة طيء "قد فروا من الكسرة" أي من كسرة عين الماضي في الأول والثاني ومن كسرة عين المضارع في الثالث
1 / 18
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا "إلى الفتحة" طلبا للخفة، وكذا فروا من كل كسرة قبل ياء مفتوحة فتحة بناء إلى الفتحة، ثم قلبوا الياء ألفا فقالوا في بني على صيغة المجهول بنى، قال في مختار الصحاح: بقي الشيء بالكسرة بقاء، وكذا بقي الرجل زمانا طويلا أي عاش، وطيء يقول: بقى وبقت مكان بقي وبقيت وكذا أخواتها من المعتل، وقال: فني الشيء بالكسر فناء، وقال: القلى البغض تقول قلاة يقليه وقلاء بالفتح والمد ويقلاه لغة طيء. ا. هـ. إذا عرفت ما تلوناه عليك فاعلم أن بعض الشارحين قالوا: إن بقى يبقي وفنى يفني وقلى يقلي بكسر العين في المضارع في الكل أما طيء فروا إلخ، وبعضهم قالوا بكسر العين في الماضي في الكل، أما طيء فروا إلخ، وكل ذلك غلط نشأ من عدم الاهتداء في علم اللغة الحمد لله الذي هدانا لهذا اعلم أنه استصعب على الشارحين ارتباط قوله قد فروا إلخ بما قبله من حيث المعنى، والأمر هين لأنه استئناف لبيان لغة طيء فيقع جوابا للسؤال، فكأن قائلا يقول: ما فعلوا فيها؟ فقال: قد فروا إلخ، "ونحو كرم يكرم لا يدخل في الدعائم؛ لأنه لا يجيء إلا من الطبائع" جمع طبيعة وهي القوة الموجودة في الشيء التي لا شعور لها بما يصدر عنها ويكون الصادر منها أثرا واحدا واقعا على نهج واحد "والنعوت" جمع نعت وهي الصفة أي لا يجيء فعل يفعل بضم العين فيهما إلا من الأفعال الصادرة عن الطبائع من غير شعور واختيار الدالة على صفاتها اللازمة لها كالحسن، فإن المراد بالحسن الحسن الطبيعي وهو كون الأعضاء متناسبة على ما ينبغي أن يكون لا ما يمكن اكتسابه بالزينة من صفاء اللون ولين الملمس، فلا يكثر استعمالها لكونها مقيدة ولا يختلف حركاتها في الماضي والمضارع أيضا؛ لأن هذا البناء لما خالف بقية الأبنية لكونه خلقة وطبيعة صادرة على نهج واحد من غير اختيار خولف في الحركة أيضا بأن يكونا مضمومين إيذانا بعدم اختلاف معناه في نفسه، كما جعلوا الضم علامة لبناء المجهول، ولما كان وضع هذا البناء لمثل هذه الأفعال لا يقتضي متعلقا ومفعولا فيكون لازما أبدا فقوله: لا يجيء إلا من الطبائع دليل على انتفاء كثرة الاستعمال أصالة، وعلى عدم اختلاف الحركة إشارة فافهم "وحسب يحسب لا يدخل" أيضا "في الدعائم" لقلته في الاستعمال ولعدم اختلاف حركتهما "وقد جاء فعل يفعل" بضم العين في الماضي وفتحها في الغابر، يعني إذا كان العين مضموما في الماضي يجب أن يكون مضموما في المضارع أيضا قياسا، لكن قد جاء "على لغة من قال كدت تكاد" لاف ذلك وهو ضم العين في الماضي وكسرها في الغابر؛ لأن أصل كدت كودت بضم الواو فنقلت ضمتها إلى ما قبلها بعد سلب حركته؛ لتدل على أن البناء من مضموم العين وأصل تكاد تكود بفتح الواو فأعل بالنقل والقلب فأجاب بقوله: "وهي" أي هذه اللغة "شاذة" أي خارجة عن القياس "كفضل" بالكسر "يفضل" بالضم أي كما يكون هذا شاذا يعني إن كان العين مكسورا في الماضي وجب أن يكون إما مفتوحا أو مكسور في المضارع قياسا، لكن جاء هذا بخلافه فيكون شاذا وبعض المحققين قالوا: إن فضل يفضل من تداخل اللغتين وذلك لأن العرب تقول فضل بالفتح والكسر ومضارع الفتح بالضم ومضارع الكسر بالفتح فإذا سمع بعد ذلك فضل يفضل علم أنه من التداخل، وبعض الشارحين حكموا بمخالفة القولين وأقول: لا مخالفة بينهما لأن تداخل اللغتين ليس بقياس؛ إذ القياس عدم التداخل فيكون شاذا لا محالة قال في مختار الصحاح: الفضلة والفضالة ما فضل من الشيء وفضل منه شيء من باب نصر وفيه لغة ثانية من باب فهم وفيه لغة ثالثة مركبة منهما فضل بالكسر يفضل بالضم وهو شاذ لا نظير له. ا. هـ. فعلى هذا لا يتوجه أن يقال إن الفضل من الأفعال الطبيعية كالكرم فلم جاز فيه غير الضم في الماضي والمضارع؛ لأنه من الفضلة لا من الفضل "ودمت تدوم" أي وكما يكون هذا شاذ لأن أصله
1 / 19
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا دومت تدوم بكسر الواو في الأول وضمها في الثاني فأعل الأول بنقل حركة الواو إلى ما قبلها بعد سلب حركته ثم حذفها لالتقاء الساكنين والثاني بنقل حركة الواو إلى ما قبلها "واثنا عشر بابا" منها "لمنشعبة الثلاثي" أي لمزيد الثلاثي بالمجرد والمنشعبة الأبنية المتفرعة من أصل بزيادة حرف أو أكثر ليس من جنس الحروف الأصلية أو بتكرير حرف منهما أو بهن معا لقصد زيادة معنى من التعدية والتكثير وغيرهما، مثل: أخرج وفرح زيد في الأول همزة للتعدية وتكرر العين في الثاني للتكثير، وهو ثلاثة أقسام؛ الأول: ما يزاد فيه حرف واحد، وهو ثلاثة أبواب الأول باب الأفعال "نحو أكرم إكراما" الهمزة زائدة وكسرت في مصدره فرقا بينه وبين الجمع على أفعال نحو إعمال وأعمال، ولم ينعكس لثقل الجمع وبناؤه للتعدية غالبا نحو أجلسته وأكرمته، وللصيرورة نحو أجرب الرجل أي صار ذا جرب وللوجدان نحو أبخلته وأحمدته، أي وجدته بخيلا ومحمودا وللسلب والإزالة نحو أشكيته، أي أزلت عنه الشكاية وللتعريض نحو باع الجارية، أي عرضها للبيع وللحينونة نحو أحصد الزرع أي حان وقت حصادهن وقد يكون بمعنى فعل نحو أقلت البيع فعلته "و" الثاني باب التفعيل "نحو قطع تقطيعا" كررت العين الثاني وهو الزائد عند الجمهور والأول عند الخليل؛ لأن الساكن كالمعدوم فالتصرف فيه أولى وكلاهما شائع عند سيبويه وهذا البناء للتكثير غالبا، وهو إما في الفعل نحو جولت وطوفت وفي الفاعل نحو موت الإبل، وفي المفعول نحو غلقت الأبواب وقطعت الثوب فإن فقد ذلك لم يجز استعمال فلذلك كان موت الشاة لشاة واحدة خطأ؛ لأن هذا الفعل لا يستقيم تكثيره بالنسبة إلى الشاة؛ إذ لا يمكن تكثير الواحد، وليس ثمة مفعول ليكون التكثير له وعدم إمكان تكثير الفعل ظاهر كذا قيل، وللتعدية نحو فرحته، وللسلب نحو جلدت البعير، أي أزلت جلده "و" الثالث: باب المفاعلة نحو "قاتل مقاتلة" الألف زائدة، وهذا البناء للمشاركة بين أمرين في أصل الفعل الذي هو مصدر فعله الثلاثي كالقتل فينسب ذلك الفعل إلى أحد الأمرين متعلقا بالآخر صريحا ويجيء عكس ذلك ضمنا، وهو نسبته إلى الأمر الآخر متعلقا بالأول، مثلا إذا قلت: قاتل زيد عمرا فإنه يدل صريحا على نسبة القتل إلى زيد متعلق بعمرو، وضمنا على نسبته إلى عمرو متعلق بزيد، وقد يجيء للتكثير نحو ضاعفت بمعنى ضعفت وبمعنى فعل أي لنسبة الفعل إلى الفاعل لا غير كقولك سافرت بمعنى نسبة السفر إلى المسافر وعافاك الله بمعنى نسبة العفو إلى الله "و" القسم الثاني ما زيد فيه حرفان وهو خمسة أبواب الأول باب التفعل "نحو تفضل تفضلا" أصله فضل فزيدت التاء في أوله وكررت العين وبناؤه لمطاوعة فعل بالتشديد نحو كسرته فتكسر ولهذا يصير لازما لمطاوعة تقتضي اللزوم ومعنى كون الفعل مطاوعا كونه دالا على معنى حصل عن تعلق فعل آخر متعد، كقولك باعدته فتباعد فقولك تباعد عبارة عن معنى حصل عن تعلق فعل متعدو وهو باعدته، أي هذا الذي قام به تباعد، وقد يتلفظ بالمطاوع وإن لم يكن معه مطاوع، كقولك: انكسر الإناء، وقد يجيء للتكلف ومعناه أن الفاعل تكلف ذلك الفعل ليحصل باستعماله كتشجع زيد؛ إذ معناه استعمل الشجاعة وكلف نفسه إياها لتحصل، وقد يجيء للعمل أي ليدل على أن أصل الفعل حصل مرة بعد مرة نحو تجرع أي شرب جرعة بعد جرعة، وقد يجيء للطلب نحو تكبر أي طلب أن يكون كبيرا، وللاتخاذ أي يجعل الفعل المفعول أصل الفعل نحو توسدت التراب، أي اتخذته وسادة وللتجنب أي ليدل على أن الفعل جانب أصل الفعل نحو تأثم أي جانب الإثم "و" الثاني باب التفاعل "نحو تضارب تضاربا" أصله ضرب فزيد في أوله تاء وبين العين والفاء ألف وبناؤه لمشاركة أمرين أو أكثر والفرق بين فاعل وتفاعل من حيث اللفظ أن وضع فاعل لنسبة الفعل إلى الفاعل متعلقا بغيره، مع أن الغير مثل ذلك ووضع تفاعل نسبة الفعل إلى أمرين مشتركين في ذلك الفعل من غير قصد إلى تعلقه بغيره، ففي الأول يرفع بالفعل ما ينسب الفعل إليه صريحا وينصب المتعلق، وفي الثاني يرفعان معا بطريق العطف مثل قاتل زيد عمر أو تضارب زيد وعمرو، لهذا جاء الأول زائدا على الثاني بمفعول أبدا، ومن حيث المعنى أن بادئ الفعل في فاعل معلوم دون تفاعل ولذلك يقال
1 / 20
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا ضارب زيدا عمرا أم ضارب عمرو زيدا بطريق الانكار، ولا يقال ذلك في تضارب، وقد يجيء لإظهار ما ليس فيه نحو تجاهل زيد في كذا أي أظهر الجهل من نفسه وليس عليه في الحقيقة، بل هو عالم له وكذلك تمارض زيد ولمطاوعة فاعل نحو باعدته فتباعد، وبمعنى فعل نحو توانيت، أي ونيت من الونى وهو الضعف "و" الثالث باب الانفعال نحو "انصراف" أصله صرف فزيد في أوله ألف ونون وبناؤه لمطاوعة فعل نحو قطعته فانقطع فيصير لازما، وقد جاء لمطاوعة أفعل قليلا نحو أزعجته، أي أبعدته فانزعج، وهذا البناء مختص بالعلاج والتأثير يعني لا ينبني إلا من بفعال الجوارح المعلومة بالحس كالضرب والكسر فلا يقال علمته فانعلم، وقال في شرح المفصل: عدمته فانعدم ليس بجيد وذلك أنهم لما خصوه للمطاوعة خصوه بالعلاج حتى يكون معنى المطاوعة جليا واضحا "و" الرابع باب الافتعال نحو "احتقر" احتقار؛ أي صغر أصله حقر فزيدت في أوله همزة وبين الفاء والعين تاء وبناؤه للمطاوعة، وقد عرفت معناها، وقد يجيء للاتخاذ نحو اشتوى؛ أي أخذ الشواء لنفسه، وقد يجيء بمعنى التفاعل نحو اجتوروا واختصموا بمعنى تجاوروا وتخاصموا، والخامس باب الافعلال لكن أخر مثاله عن أمثلة السداسي ليجاور ما يناسبه في التكرار فسنبينه ثمة "و" القسم الثالث ما زيد فيه ثلاثة أحرف، وهو أربعة أبواب الأول الاستفعال نحو "استخرج" استخراجا أصله خرج فزيدت في أوله همزة وسين وتاء وبناؤه للطلب ومعناه طلب مصدر الفعل الثلاث الذي ينشعب وهو منه، وذلك قد يكون تخفيفا نحو استكتبته؛ أي طلبت الكتابة منه، وقد يكون تقديرا نحو استخرجت الوتد من الحائط فليس هنا طلب صريح، بل المعنى لم أزل أتلطف وأنحيل حتى خرج، وقد يجيء للتحول نحو استحجر الطين؛ أي تحول إلى الحجر، وقد يجيء بمعنى فعل بالتخفيف نحو استقر بالمكان؛ أي قربه قال أبو سعيد: ومثل هذا يحفظ ولا يقاس عليه "و" الثاني باب الافعيعال نحو "اخشوشن" اخشيشانا أصله خشن من الخشونة، وهي ضد اللين فزيدت في أوله ألف وبين العين واللام واو وشين وبناؤه للبالغة يقال: اخشوشن الشيء اشتد خشونته "اخشوشن الرجل" تعود لبس الخشن وهو لازم أبدا "و" الثالث باب الافعوال نحو "اجلوذ" اجلواذا يقال: اجلوذبهم السير اجلواذا؛ أي دام مع السرعة، وهو من سير الإبل أصله جلذ فزيدت في أوله همزة وبين العين واللام واوان وبناؤه للمبالغة قال: في شرح الهادي إن افعول للمبالغة كافعوعل نحوا خروط بهم السير؛ أي امتد واجلوذبهم السير؛ أي دام مع السرعة واعلوط؛ أي لزم قال الجوهري: وإنما لم تنقلب الواو ياء في مصدر هذا الباب كما انقلبت في اعشوشب اعشيشابا؛ لأنها مشددة "و" الرابع باب الافعيلال نحو "احمار" احميرارا أصله حمر فزيدت في أوله همزة وبين العين واللام ألف وكررت اللام والزائد هو الثاني "واحمار" احمرارا هذا هو الموعد بالبيان أصله حمر زيدت في أوله همزة وكررت اللام والزائد هو الثاني أيضا وهما مختصان بالألوان والعيوب وبناؤه للمبالغة، لكن الأول أبلغ من الثاني قال في مختار الصحاح: تقول شهب الشيء بالكسر شهبا؛ أي صار ذا بياض غالب على السواد ولو قصدت المبالغة قلت: أشهب اشهبابا وإذا قصدت زيادتها قلت: اشهاب اشهيبابا "أصلهما احمار واحمرر" بفك الادغام فيهما "فأدغمتا للجنسية" لأن الجنسية تقتضي الإدغام والتقاء الساكنين في الأول على حده وهو جائز "ويدل عليه" أي على كون الإدغام للجنسية عدم إعلال "ارعوى" يقال ارعوى عن القبيح أي كف "وهو ناقص" أي والحال أن ارعوى ناقص "من باب افعل" كاحمر
1 / 21