واعلم أنه يغلب على الناس في صناعة الإعراب أن يذكر المعرب فعلا ولا يبحث عن فاعله، أو مبتدأ ولا يتفحص عن خبره، أو ظرفا أو مجرورا ولا ينبه على متعلقه، أو جملة ولا يذكر ألها محل من الإعراب أم لا؟، أو موصولا ولا يبين صلته وعائده، وأن يقتصر في إعراب الاسم من نحو: (قام ذا)، أو (قام الذي) على أن يقول اسم إشارة أو اسم موصول فإن ذلك لا يقتضي إعرابا، والصواب أن يقال: فاعل وهو اسم إشارة، أو اسم موصول، فإن قلت: لا فائدة في قوله في" ذا" أنه: اسم إشارة ،بخلاف قوله في "الذي" :أنه اسم موصول، فإن فيه تنبيها على ما تفتقر إليه من الصلة والعائد ليطلبها المعرب، وليعلم أن جملة الصلة لا محل لها، قلت : بلى فيه فائدة، وهي التنبيه إلى أن ما يلحقه من " الكاف " حرف خطاب، لا اسم مضاف إليه، وإلى أن الاسم الذي بعده في نحو قولك:( جاءني هذا الرجل) ، نعت أو عطف بيان ،على الخلاف في المعرف ب " أل " الواقع بعد اسم الإشارة، وبعد" أيها" في نحو: (يا أيها الرجل)، ومما لا يبين عليه إعراب أن تقول: مضاف، فإن المضاف ليس له إعراب مستقر، كما للفاعل ونحوه ؛إنما إعرابه بحسب ما يدخل عليه، والصواب أن يقال: فاعل أو مفعول أو نحو ذلك، بخلاف المضاف إليه، فإن له إعرابا مستقرا، وهو الجر، فإذا قيل: مضاف إليه، علم أنه مجرور. وينبغي أن يجتنب المعرب أن يقول في حرف من كتاب الله: إنه زائد؛ لأنه يسبق إلى الأذهان أن الزائد هو الذي لا معنى له، وكلام الله - سبحانه وتعالى- منزه عن ذلك، وقد وقع هذا الوهم للإمام فخر الدين فقال: «المحققون على أن المهمل لا يقع في كلام الله - سبحانه - ،فأما ما في قوله تعالى: { فبما رحمة من الله } (¬1)
صفحه ۴۶