قد تخللت مسلك الروح مني ... وبذا سمي الخليل خليلا " بالقرآن " مصدر قرأ بمعنى جمع، لجمعه السور، أو ما في الكتب المنزلة و " العزيز " من عز يعز - بكسر العين - إذا لم يكن له نظير؛ أو بضمها إذا غلب، فهو الغالب المعجز لفصحاء العرب بما فيه من البلاغة " وبالسنن " أي ما سنه النبي، أي شرعه من الأحكام، فرضا أو نفلا، إذ هو المشرع صلى الله عليه وسلم " للمسترشدين " أي الطالبين الرشاد، وهو ضد الغي. " بجوامع الكلم " أي بالكلم الجوامع ، بمعنى أنه يجمع المعاني الكثيرة في اللفظ القليل " وسماحة الدين " أي سهولته، قال الله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) بخلاف الأمم السابقين، فإن بعضهم لم تكن تقبل توبته إلا بقتل النفس، كما قال الله تعالى عن قوم موسى: (فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم) . " صلوات الله " إلخ أتى بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم امتثالا لما في الكتاب العزيز " وعلى سائر " أي باقي أو جميع، الأول من السؤر بالهمزة، بمعنى البقية من الماء ونحوه. والثاني من سور المدينة المحيط بها، وفي مسند الإمام أحمد " أن عدد الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، والرسل منهم ثلاثمائة وخمسة عشر، وكل أسمائهم وذواتهم أعجمية، إلا محمدا، وهودا، وصالحا، وشعيبا، فأسماؤهم وذواتهم عربية،وأما إسماعيل فذاته عربية، واسمه أعجمي، ولا يجب الإيمان نفصيلا إلا بخمسة وعشرين من الأنبياء المرسلين، وهم المذكورون في سورة الأنعام في قوله تعالى: (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه) الأيات، كما جمعهم بعضهم في قوله:
حتم على كل ذي التكليف معرفة ... بأنبياء على التفصيل قد علموا
في " تلك حجتنا " منهم ثمانية ... من بعد عشر؛ويبقى سبعة وهم:
إدريس هود شعيب صالح. وكذا: ... ذو الكفل آدم بالمختار قد ختموا
وأولوا العزم منهم مجموعون في قول بعضهم:
محمد إبراهيم موسى كليمه ... فعيسى فنوح أولوا العزم فاعلم
وهم في الفضل على هذا الترتيب " وآل كل " أي كل واحد من النبيين. والمرسلين. أي أقاربه المؤمنين به. والمراد هنا كل مؤمن. لأنه الأنسب بمقام الدعاء " وسائر الصالحين " أي القائمين بحقوق الله وحقوق عباده. فدخل الصحابة وغيرهم ممن اتصف بذلك. " روينا " بصيغة المعلوم. أي نقلنا عن غيرنا. وجملة - أن رسول الله - إلخ مفعولة. " وأبي هريرة " تصغير " هرة " كناه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك حين رآه حاملا لها في كمه. " من طرق كثيرات " متعلق بروينا " بروايات متنوعات " أي مختلفة الألفاظ. " من حفظ " أي نقل. وإن لم يحفظ اللفظ، ولم يعرف المعنى، إذ به يحصل الانتفاع للمسلمين بخلاف حفظ ما لم ينقل إليهم، كذا نقل عن المصنف. " على أمتي " أي لأجلها، شفقة عليها، فعلى: بمعنى اللام؛ والأمة جمع ممن لهم جامع، من دين أو زمان أو مكان، والمراد هنا أمة الإجابة لا الدعوة. " من أمر دينها " أي مما يتعلق بأمر دينها أصولا وفروعا. " في زمرة " أي جماعة، و " العلماء " عطف عام، لتخصيص الفقهاء بالفروع الفقهية، و " شهيدا " أي شاهدا له بالكمال، و " الشهداء " جمع شهيد، أي قتيل المعركة، التي شهد الله وملائكته له بالجنة، ويجمع بين هذه الروايات بأن حفاظ الأربعين مختلفوا المراتب، فمنهم من يحشر في زمرة الشهداء، ومنهم من يحشر في زمرة العلماء، ومنهم من يبعث فقيها عالما، وإن لم يكن في الدنيا كذلك، ومنهم غير ذلك.
صفحه ۳