مدلِّسًا لا ينافي حُسنَ حديثه ولا صحَّته؛ كما هو مقرَّرٌ في محلِّه.
ويحتمل أنَّ تحسين المصنِّف له؛ لكونه رُوي من طرقٍ بعضها ضعيفٌ، وبعضها منقطعٌ، فإذا انضمَّ بعضها إلى بعضٍ قوِيتْ فيكون حسنًا لغيره لا لذاته، وأنَّ تصحيح ابن الصَّلاح أخذه من قول البزَّار في روايته: إسنادها صالحٌ، والحاكمِ فيها: إنَّها صحيحة الإسناد ... ومن زعم وقفه على أبي ثعلبة فقد أبعد، ومن ثم قال الدارقطني: (الأشبه بالصواب: المرفوع، وهو الأشهر) (١).
وقال في حديث سهل بن سعد الساعديِّ:
(حديث حسن ...) واعترض على تحسينِه روايةَ ابن ماجه بأنَّ في سندها من قال أحمدُ فيه: إنَّه منكر الحديث ليس بثقة، وابنُ معين: ليس حديثه بشيء، والبخاريُّ وأبو زرعة: منكر الحديث، وأبو حاتمٍ: متروكٌ ضعيفٌ، وابنُ عدِيٍّ وغيرُه: وضَّاع، وابنُ حبَّان في "الضعفاء": كان ينفرد عن الثقات بالموضوعات، لا يحلُّ الاحتجاجُ بخبره.
ويُجاب بأنَّ ابن حبان ذكره في كتاب "الثقات" ولو سُلِّم أنَّه ضعيفٌ فهو لم ينفرد به، بل رواه آخرون غيره، فالتَّحسين إنما جاء من ذلك، وإن قيل: إنَّ هؤلاء كلَّهم ضُعفاءٌ، إذ غاية الأمر أنَّه حسنٌ لغيره لا لذاته، وكلاهما يحتجُّ به، بل بعض رواته وثَّقه كثيرون من الحفاظ، (وغيره) كالعقيليِّ، وابن عديٍّ، وابن أبي حاتم، والخطيب (بأسانيدَ حسنة) لغيرها لا لذاتها بالنَّظر لما قرَّرته) (٢).
المطلب الرابع: في الصناعة الفقهيَّة:
أوَّلًا: شرح الأربعين النوويَّة للحافظ المناويِّ الشَّافعيّ ﵀-:
للمصنِّف عنايةٌ بالصناعة الفقهيَّة تأصيلًا وتفريعًا، لا سيَّما بالمذهب الشافعيِّ الذي تفقَّه عليه.
لكن لم يكثر من التفريعات في شرحه؛ إذ الشارح يرى أنَّ شروح الكتب الحديثيَّة
_________
(١) الفتح المبين بشرح الأربعين (ص: ٤٩٦).
(٢) الفتح المبين بشرح الأربعين (ص: ٥١٢).
1 / 69