شرح الأربعين النووية
شرح الأربعين النووية [من بداية شرح الحديث 29 إلى نهاية شرح الحديث 35]
ژانرها
كما في الحديث: «إنّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدَّم، ألا فضيِّقوا مجاريه بالجوع» (١)، فإذا سُدّ مجاريه لم يدخل فيه، فلم يكن سببٌ للعصيان، الذي هو سبب دخول النِّيران.
«والصدقة» أي: نفلها؛ لأنّ فرضها ذُكِر قبلُ، «تُطفِئُ» [أي:] (٢) تمحو، «الخطيئةَ» أي: الصغيرة المتعلِّقة بحق الله، أما الكبيرةُ فلا يمحوها إلا التوبة، وأما حقُّ الآدميّ فلا يمحوه إلا رضى صاحبه، «كما يطفئُ المَاءُ النَّارَ» إنَّ الحسنات يذهبن السيئات.
قال الطّوفيُّ: (وإنّما استعار لفظ الإطفاء لمقابلةٍ (٣)؛ لأنّ الخطيئةَ يترتب عليها العقابُ الذي هو أثر الغضب، والغضبُ يستعمل فيه الإطفاء، يقال: طفئَ غضبُ فلان، وانطفأ غضبه؛ لأنه في الشَّاهد (٤): ثوَران (٥) دم القلب عن غلبة الحرارة.
_________
(١) أصل الحديث -بدون قوله «فضيّقوا مجاريه ...» - في صحيح البخاريّ، كتاب الاعتكاف، باب هل يدرأ المعتكف عن نفسه (٢٠٣٩). وفي صحيح مسلم كتاب السلام، باب بيان أنه يستحب لمن رئي خاليًا بامرأة ... (٢١٧٤). كلاهما من حديث صفيّة ﵂. وورد في البخاريّ بلفظي: (من الإنسان) و(من ابن آدم) بينما في صحيح مسلمٍ اللفظ الأوَّل فقط.
وأما زيادة «فضيِّقوا مجاريه» فقد قال الشيخ الألباني ﵀: (قد ذكره -[أي: الحديث]- ابنُ تيمية في مكان آخر من رسالته في (الصيام) (ص ٧٥) بزيادة: (فضيّقوا مجاريه بالجوع والصوم)، ولا أصل لها في شيء من كتب السنة التي وقفت عليها، وإنما هي في "كتاب الإحياء " للغزالي فقط، كما نبّهت عليه في التعليق على الرسالة المذكورة). سلسلة الأحاديث الضعيفة (٣/ ٧٩).
(٢) ما بين معقوفتين زيادةٌ من (ب).
(٣) في المصدر قول الطوفي:: (وإنما استعار لفظ الإطفاء بمقابلته بقوله: "كما يطفئ الماء النار"). التعيين في شرح الأربعين (١/ ٢٢٢)، والمقابلة من المحسنات المعنوية في علم البديع عند البلاغيين، وهو: أن يؤتى بمعنيين أو أكثر، ثم يؤتى بمقابل ذلك على الترتيب. انظر: دروس البلاغة (١٠٧).
(٤) أي: في المشاهد بين الآدميّين.
(٥) في الأصل: (توارن) والمثبت من (ب) والذي في التعيين: (فوَران).
1 / 100