============================================================
رجال شرح الأنفاس الروحانية كنت خارجها فماذا حصلت حتى تتواجد؟ فقال: التوبة يا إمام.
وقال: لا أتشبع ما يرد علي من العالم فإني أصلت أصلا وهو أن الدار دار غم وبلاء وفتنه، والعالم كله شر، فحكمه أن يلقاني بكل ما أكره، فإن تلقاني بما أحب فهو فضل وإلا فالأصل الأول.
وقال له أبو عمرو الزجاجي: أريد الحج فأعطاه درهما فشده على مثزره فما زال في سعة رجع والدراهم معه فمديده وتناول الدرهم.
وجاءه رجل في وقت كدره فقال: ادع لي، فقال جمع الله همك ولا شتت سرك وقطعك عن كل قاطع يقطعك عنه، ووصل بك إلى كل واصل يوصلك إليه، وجعل غناك في قلبك وشغلك به عمن سواه، ورزقك أدبا يصلح لمجالسته، وأخرج من قلبك ما لا يرضى به، وأسكن في قلبك رضاه، وذلك عليه من أقرب الطرق إليه.
وقيل له عند النزع: قل (لا إله إلا الله) فقال: ما نسيته فأذكره.
وقال الإمام الرازي: فكل أحد يظن أن ما معه من العلوم والأعمال وسيلة إلى وجدان ملك الجنة والوصول إلى عتبة حضرة الحق تعالى، فإذا جاء وقت الموت بطلت تلك الأوهام وزالت تلك الأفكار وبقى المسكين على تراب الحرمان، وموضع الذلة والعجز انتهي ووقع له - أعني الجنيد- أنه قال: الأرض محتاجة للمطر، فلما مات قيل له ما فعل بك؟
قال: خيرا، لكنه عاتبني على كلمة قلتها فذكرها وقال: أتنبئني بأرض وتقول محتاجة للمطر وأنا العليم الخبير وما تنزله إلا بقدر معلوم) [الحجر:21].
توفي قدس الله روحه ببغداد يوم السبت، وكان نيروز الخليفة سنة سبع وسبعين اا ومائتين، وقيل: ثمان وسبعين، آخر ساعة من نهار الجمعة ببغدان وذفن يوم السبت بالشونيزية عند خاله وشيخه سري السقطي رضي الله عنهما، وقبره بها ظاهر يزوره الخاص والعام، وكان عند موته قد ختم القرآن الكريم، ثم بدأ من سورة البقرة فقرأ سبعين آية ثم ات: وأحرز من صلى عليه فكانوا نحو ستين الفا، ورؤى في النوم فقيل: ما فعل بك؟ قال: طاحت تلك الاشارات، وغابت تلك العبارات، وفنيت تلك العلوم، وبليت تلك الرسوم، وما نفعنا إلا ركعات كنا نركعها في السحر.
صفحه ۲۵