============================================================
رجال شرح الأنفاس الروحانية يقول لي: "لا تلتفت إلى هؤلاء الفقهاء المنكرين، ولا تسألهم إلا في مسائل الفقه فكلهم أرضيون ما فيهم سماوي، ثم عليك برسالة القشيري وحقائق السلمي ومنهاج العابدين؛ ففيها ما تطلبه، وخذ الطريق عن آربابه، مثل محمد بن واسع، وسفيان الثوري، ومالك بن دينار، والجنيد، وشقيق، وإبراهيم، والفضيل، وغيرهم".
فاستخرت الله في ذاك واستعنته، وعالجت منه ما قدر حتى فتح الله لي بما هو حظي وقال السراج الطوسي: إن الجنيد البغدادي مع كثرة علمه وتبحره وفهمه ومواظبته على الأوراد والعبادات وفضله على أهل زمانه بالعلم والدين، فكم من مرة طلب وأخذ وشهدوا عليه بالكفر والزندقة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وقال التادلي حينما ترجم له في كتاب المعزى: وهذا الإمام ممن اتفق على جلالته المتقدمون والمتأخرون وله كرامات وآيات أضربنا عنها اختصارا إذ الجبل لا يحتاج إلى مرساة.
المزين بفنون العلم، المتوشح بجلابيب التقوى والحلم، المنور بخالص الايقان، المؤيد العالم بمودع الكتاب، العامل بمحكم الخطاب، الموفق فيه للبيان والصواب.
كان كلامه بالنص مربوطا، وبيانه بالأدلة مبسوطا.
رزق من القبول وصواب القول ما لم يقع لغيره، بحيث كان إذا مر بشارع بغداد وقف الناس له صفوفا كالملوك: ولم ير في عصره من اجتمع له علم ومال غيره.
وكنت إذا رأيت علمه رجحته على ماله وعكسه، وناهيك بجعلهم من العقائد الدينية والأصول الاسلامية أن نعتقد أن طريقه وصحبه طريق مقوم.
وقال ابن عربي في الفتوحات: هو سيد هذه الطائفة.
وكان من الفقهاء المعتقدين الشافعية، تفقه على أبي ثور وكان يفتي بحضرته وهو ابن عشرين سنة، ولم تزل أعناق الفريقين له خاضعين، وعلى تبجيله مجتمعين في كل عصر وحين.
وقد نقل شيخ الشافعية في الروضة عنه: قبيل الصيام، فإن أخذ المحتاج من صدقة التطوع أفضل من أخذه من الزكاة.
أخذ التصوف عن خاله السري وحارث المحاسبي الذي قال: نعم، خذ من علمه
صفحه ۱۶