============================================================
11 شرح الأنفاس الروحانية رأى له كتابا حكي فيه أن الإنسان إذا أراد الحج ولم يمكنه أفرد من داره بينا نظيفا من النجاسات، ولا يدخله أحد، وإذا حضر الحج طاف حوله، وفعل ما يفعله الحاج بمكة، ثم يجمع ثلائين يتبتا، ويعمل أجود طعام يمكنه، ويطعمهم في ذلك البيت ويكسوهم، ويعطي كل واحد سبعة دراهم، فيكون كمن حج، فأمر الوزير بقراءة ذلك قدام القاضي أبي عمرو فقال القاضي للحلاج: من أين لك هذا؟ قال: من كتاب الإخلاص للحسن البصري، ولم يعلم الحلاج ما دسوه عليه، فقال القاضي له: كذبت يا حلال الدم، قد سمعناه بمكة ولي فيه هذا، فطلب الوزير خط القاضيى بقوله حلال الدم، فدافعه القاضي فلم يندفع، وألزمه فكتب باباحة دمه، وكتب بعده من حضر المجلس من العليماء، فقال الحلاج: ما يحل لكم دمي، وديني الإسلام، ومذهبي النة، ولي فيها كتب موجودة، فالله الله في دمي، وأرسل الوزير الفتاوى بذلك إلى المقتدر، فأذن له بقتله، فضرب ألف سوط، ثم قطعت يده ثم رجله، ثم قتل، وأحرق، ونصب رأسه ببغداد.
قال الفاضل العمري: ولعمري آنها مظلمة مظلمة، وقضية ظالمة، ارتكبها الوزير هوى نفسه، وأظهر آنها حماية للشريعة المؤيدة.
وفي شرح الجوهرة للقاني: فمن تكلم في أثمة الدين، وهداة المسلمين من الرؤساء المجتهدين، لا يلتفت إليه ولا يعول في شييء عليه، ومقت الله والسقوط من عينيه منجذب إليه، كما أنه لا التفات لمن رمي الجنيد وأصحابه من جملة الصوفية بالزندقة عند الخليفة جعفر المقتدر، حتى أمر بضرب أعناقهم فأمسكوا إلا الجنيد، فإنه تستر بالققه، وكان يفتي على مذهب شيخه أبي ثور، وبسط لهم النطع، فتقدم من آخرهم أبر الحسن النوري، فقال له الجلاد: لم تقدمت ؟ فقال: لأوثر أصحابي بحياة ساعة، فبهت السياف، وأنهى الخبر إلى الخليفة، فردهم إلى القاضي، فسأل النوري عن مسائل فقهية فأجابه، ثم قال: وبعد.. فإن لله تعالى عبادا إذا قاموا قاموا بالله، وإذا نطقوا نطقوا بالله.. إلى آخر كلامه، فبكى القاضي وأرسل يقول للخليفة: إن كان هؤلاء زتاديق فما على وجه الأرض مسلم، فخلى سبيلهم، ثم قتل من الصوفية الحسين الحلاج في سنة تسع وثلاثمائة بما لم يتأمله من أمر بقتله انتهى.
وقال أيضا: وروي أنه لما قدم لتقطع يداه قطعت اليد اليمنى أولا، فضحك، ثم قطعت اليسرى فضحك ضحكا بليغا، فخاف أن يصفر وجهه من نزف الدم، فكب بوجهه على الدم السائل، ولطخ وجه بدمه. ثم رفع رأمسه إلى السماء، وقال: يا مولاي، إني غريث في عبادك، وذكرك أغرب مني، والغريب يألف الغريب.
وقال أيضا: وفي مشكاة الأنوار للإمام الغزالي فصل طويل في حاله يعتذر فيه عما صدر عنه مثل قوله: (أنا الحق.. وما في الجبة إلا الله)، وحملها على محامل حسنة، وقال: هذا من شدة الوجد مثل قول القائل: (أنا
صفحه ۱۲۵