والسبب في أن إعراب هذا الجمع بهذا الإعراب هو أنه كالمثنى في كثرة دوره في الكلام، فأجرى مجرى المثنى في خفة العلامة، وترك الإخلال بظهور الإعراب، فجعلت علامة الجمع المذكر السالم في الرفع واوًا، لأنها من أمهات الزوائد، ومدلول بها على الجمعية، مع الفعل: اسمًا في نحو قولهم: فعلوا، وحرفًا في نحو: أكلوني البراغيث، وضموا ما قبل الواو إتباعًا، وجعلوا الإعراب فيه بالانقلاب، لامتناع ظهور الحركات على الواو، المضموم ما قبلها فلجئ إلى الإعراب بقرار الواو في الرفع على صورتها في أول الوضع، فإذا دخل عامل الجر قلبوا الواو ياء، لمكان المناسبة، وكسروا ما قبل الياء، كما ضموا ما قبل الواو لئلا يلتبس الجمع بالمثنى في بعض الصور في حالة الإضافة، وحملوا النصب على الجر، كما في التثنية، ولأنك لو قلبت الواو ألفًا في النصب لأفضى ذلك إلى الالتباس بالمثنى المرفوع، ولحقت النون عوضًا عن الحركة والتنوين، ولذلك تحذف للإضافة، وفتحوها تخفيفًا. ولما أخذ في بيان ما يعرب بالواو رفعًا، وبالياء جرًا، ونصبًا قال:
وارفع بواو وبيا اجرر وانصب ... سالم جمع عامرٍ ومذنب
فأضاف الجمع إلى مثال ما يطرد فيه.
[١٦] // وذلك أن جمع المذكر السالم مطرد في كل اسم خالٍ من تاء التأنيث، لمذكر عاقل علمًا، كعامر وسعيد، أو صفة تقبل تاء التأنيث باطراد، إن قصد معناه، أو في معنى ما يقبلها، كضارب ومذنب، والأحسن والأفضل، فيقال: عامرون وسعيدون، وضاربون ومذنبون، والأحسنون والأفضلون، وكذلك ما أشبهها.
قوله:
................. وبه عشرونا ... وبابه ....................
(الخ). معناه: أنه قد ألحق بجمع المذكر السالم المطرد أسماء جموع، وجموع تكسير وجموع تصحيح لم تستوف الشروط.
فمن أسماء الجموع عشرون وبابه، وهو ثلاثون إلى تسعين.
ومنه (عليون) مما ليس له واحد من لفظه، و(كعالمين) مما واحده أعم في الدلالة منه.
1 / 25