191

Sharh Al-Wasatiyyah - Yusuf Al-Ghafis

شرح الواسطية - يوسف الغفيص

ژانرها

معنى الاصطفاء في حديث: (إن الله اصطفى بني إسماعيل)
قال ﵀: [وقال رسول الله ﷺ: (إن الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم)].
فبنو هاشم بهذا الحديث قد اصطفاهم الله، ولا شك أن بني هاشم هم أفضل قريش، لكن هذا الاصطفاء له معنى آخر، فهو مثل قول النبي ﷺ: (إن الله اصطفى قريشًا) وليس معنى ذلك أن قريشًا أصبحت كلها أمة ربانية إلهية، بل قريش فيهم الأبرار وفيهم الكفار، فمن يقول: إن الله قد اصطفى بني هاشم.
نقول: اقرأ الجمل التي قبل، اصطفى بني هاشم من قريش، واصطفى قريشًا من كنانة، هل معناه: أن قريشًا أصبحت مصطفاة؟ بل قريش هي التي كانت تعبد اللات والعزى، وهي التي وضعت على الكعبة ثلاثمائة وستين نصبًا كما في حديث ابن مسعود، فالاصطفاء ليس معناه القداسة المطلقة لهذه الطائفة أو القبيلة أو المجموعة، وبعض أهل العلم يقول: إن الاصطفاء من قريش هو باعتبار المنتهى، أي: أن النبي في الأخير صار منها، فصار الرسول يقال: إنه هاشمي قرشي، هذا وجه الاصطفاء لقريش.
لكن حتى لو قلنا: إن قريشًا لها بعض الاختصاص في قدر الله، الاصطفاء في قدر الله ليس معناه الإطلاق؛ لأن قريشًا كان فيها الكفرة.
هنا تنبيه يتعلق بمسألة حقوق آل البيت أو مسألة الصحابة: أحيانًا بعض الناس ممن يكتب في هذا يكون متحمسًا للرد على الشيعة، فتراه يقصر في شأن آل البيت، ويكون عنده حماس في الدفاع عن أبي بكر وعمر لدرجة أنه قد يطعن في علي أو يطعن في مقام آل البيت أو في قدرهم مما لا داعي له، وبعض الناس يكون عنده ضعف في العقل، لا يحسن التوازن إلا بأن يصيب من هؤلاء شيئًا أو من هؤلاء شيئًا.
والصواب: أن هؤلاء أمة واحدة، وكانوا ﵃ -أعني: أبا بكر وعلي بن أبي طالب، أو آل البيت وغير آل البيت من الصحابة- كانوا في زمن النبوة وقبل أن توجد الفتن أمةً واحدة، وكانوا مجتمعين يصدق بعضهم بعضًا ويوالي بعضهم بعضًا.
إذًا: لا يجوز أن يقع في كلام بعض الناس ما هو من التقصير في شأن آل البيت، فكما قلنا: إن لهم قدرًا، وإن لهم اختصاصًا، وإن محبتهم من الإيمان بالله ورسوله، ومن تصديق الله ورسوله.

21 / 5