============================================================
المرصد الثاني في تعريف مطلق العلم اللذين أشير بهذين القولين إليهما بعد رعاية شروط التناقض فيهما، وإطلاق النقيض على أطراف القضايا سواء كانت تلك الأطراف بمعنى السلب، أو بمعنى العدول مجاز على التاويل، لا يقال: فعلى هذا جميع التصورات علم مع أن بعضها غير مطابق، لأنا تقول: لا يوصف التصور بعدم المطابقة اصلا، فإنا إذا رأينا من بعيد شبحا هو حجر مثلا، وحصل منه في أذهاننا صورة إنسان فتلك الصورة صورة للإنسان، وعلم تصوري به والخطا إنما هو في حكم العقل بأن هذه الصورة للشبح المرثي، فالتصورات بها اخبار، والأخبار بعد العلم بها اوصاف، وتعرض للاعتبارات الثلاثة في حواشي مختصر الأصول استيفاء للاعتبارات: (قوله مجاز على التاويل) اي التأويل في مفهوم النقيضين بان يراد بهما المتباعدان غاية التباعد سواء كانا متمانعين اولا، او التاويل بأن الحكم على الأطراف بالنقيض باعتبار الحكم المقارن لتصوراتها، وهو أن هذه الصورة لذلك الشي، والأولى أوجه وإلى الثاني ذهب الفاضل الأبهري.
قوله: (فعلى هذا) أي إذا لم يكن للمفهومات التصورية نقيض يكون جميع التصورات، اي ما يوجب الصور علوما مع أن بعض الصور غير مطابق، كما إذا تصورنا شيعا بوجه لا يكون ذلك الوجه، وجها له.
قوله: (فإنا إذا رايدا إلخ) إن كان إدراك الحواس داخلا في العلم فهو مثال وإلا فنظير.
قوله: (إنما هو في حكم العقل) وهذا الحكم صار ملكة للنفس لاعتيادها بإدراك الأشياء على ما هي عليه، واعلم أن ما ذكرناه حل لعبارة الشرح، واما تفصيل الكلام في التعريف والإيرادات عليه والأجوبة عنها فمذكور في حواشينا على الحواشي الخيالية فإن شثت فارجع إليه .
المشتملة عليه موجبة سالبة المحمول فتنافي القضيتين كذبا ظاهر وإن اخذ بمعنى العدول كما هو الظاهر، يتبغي آن يقيد بوجود الموضوع، وإلا فالوجبتان المذ كورتان قد ترتفعان عند عدم الموضوع، ولو اقتصر على ذكر التنافي في الصدق لكان اظهر كما في حواشي العضد فتأمل.
قوله: (فانا إذا رأينا من بعيد شبحا) قيل: يرد عليه أنه فرق بين العلم بالوجه والعلم بالشيء من ذلك الوجه، فالمتصور في المثال المذكور هو الشبح والصورة الذهنية آلة لملاحظته، ولا يخفى عليك رجوعه إلى ما ذكره الشارح فإته إذا حصل في الذهن من حجر صورة إنسا، فالصورة الإنسانية مرآة لملاحظة الأفراد الإنسانية في نفس الأمر ولا خطأ فيه، وإنما الخطا في حكم الذهن بأن تلك الصورة آلة لملاحظة ذلك الشبح المرئي فإن هذا الحكم، والحكم بأن الحاصل في الذهن صورة إنسان كاللازمين لهذا التصور، ولهذا قيل: إن النزاع في استلزام التصور للتصديق محول على غيرهما، وإن المطابقة ايضا من صفات الحكم والموصوف بها ها هنا هو الحكم الأخير، وإن كان الأول ظاهر الاندفاع بأن الحكم المذكور قد صار ملكة للنفس، لا أن يكون من استلزام التصور للتصديق، واعلم أن التصور كما لا يتصف حقيقة بعدم المطابقة، ولا
صفحه ۸۸