شرح الجامع الصحيح
شرح الجامع الصحيح
ژانرها
ما جاء في رد الأحداث والبدع من الأئمة وغيرهم.<01/86> قوله: «من عمل عملا ... الخ»: هذا الحديث معدود من أصول الإسلام، وقاعدة من قواعد الدين، وقال بعضهم: هذا الحديث يصلح أن يسمى نصف أدلة الشرع؛ لأن الدليل يتركب من مقدمتين، والمطلوب بالدليل إما إثبات حكم أو نفيه، وهذا الحديث كبرى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه، لأن منطوقه مقدمة كلية في كل دليل ناف لحكم، مثل أن يقال في الوضوء بماء نجس: ليس هذا من أمر الشرع، وكل ما كان كذلك فهو مردود، فهذا العمل مردود، فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث، وإنما يقع النزاع في الأولى ومفهومه أن من عمل عملا عليه أمر الشرع فهو صحيح، مثل أن يقال في الوضوء بالنية: هذا عليه أمر الشرع، وكل ما عليه أمر الشرع فهو صحيح، فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث، والأولى في النزاع، فلو اتفق أن يوجد حديث يكون مقدمة أولى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه لاستقل الحديثان بجميع أدلة الشرع، لكن هذا الثاني لا يوجد، فإذا هذا الحديث نصف أدلة الشرع، وقال النووي: هذا الحديث مما ينبغي تحفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به لذلك، وإنما ذكره المرتب في هذا الباب إشارة إلى رد الأحداث ممن كانت، حتى على الأئمة والأمراء.
قوله: «ليس عليه أمرنا»: أي: غير موافق لأمر الشرع، وهذا يشمل جميع البدع المحرمة، كأخذ المكوس والمكروهة كزخرفة المساجد، وتزويق المصاحف، دون الجائزة الراجعة إلى أصل شرعي كالاشتغال بعلم العربية المتوقف عليه فهم الكتاب والسنة، فإن هذا قد يصير واجبا في حق بعض الناس، وكذلك الأحوال المندوبة كاتخاذ الرباطات والمراصد للعدو، وكذلك ما يرجع إلى عادات الناس من أمور المطاعم والمشارب والملابس، فإنه يختلف باختلاف الأحوال والأمكنة، ولكل قوم عادتهم ما لم تفض إلى التشبه بأحوال المشركين، فإنا قد نهينا عن التشبه بهم، ومن تشبه بقوم فهو منهم.
صفحه ۹۷