شرح الجامع الصحيح
شرح الجامع الصحيح
ژانرها
قوله: «وإذا كره عبدي لقائي كرهت لقاءه»: ولا يكره لقاء الله إلا من ساء عمله، ومن كره لقاء الله كره الموت، لأنه أول اللقاء، ومن كره الموت فقد شابه اليهود وفي حرصهم على الحياة، وذلك بسوء أعمالهم،قال تعالى:{ولا يتمنونه أبدام بما قدمت ايديهم}[الجمعة:7] أي بما فعلوه من التكذيب والإصرار على العناد، قال قتادة: إن سوء العمل يكره الموت شديدا، ووجه ذلك أنه لم يقدم لما بعده، وإنما عمل لدنياه، فهو يحب البقاء فيها، وليس من ذلك ما يجده المؤمن من الوحشة والفزع عند حضور الأجل، فإن هذا أمر طبيعي جبلت عليه النفوس، فهو نظير كراهة الدواء والكي لمن علم أن في ذلك شفاء علته، والله أعلم. ثم رأيت للحديث تفسيرا غير هذا، وهو أن الشيخين زادا في حديث عبادة: "فقالت عائشة: إنا لنكره الموت، قال صلى الله عليه وسلم: ليس ذاك، ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته، فليس شيء أحب إليه مما أمامه، فأحب لقاء الله، وأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته، فليس شيء أكره إليه مما أمامه، فكره لقاء الله، وكره الله لقاءه"، وهذا التفسير أولى مما قبله، لأنه عن صاحب الشرع، وهو أعلم بمعنى كلام ربه تعالى، والله أعلم.
الباب الثالث عشر في القدر والحذر والتطير.
صفحه ۱۴۱