وجوب الأخذ عن الرسل
وأما وجوب الوقوف على ما جاء به الرسول ﷺ؛ فلأن رسل الله صادقون فيما يخبرون به عنه ﷾، وهم مصدقون أي: مصدقون فيما يخبرون به عنه، ﷾ فلو أخبروا عنه بالكذب؛ لما أقرهم ولبين كذبهم، كما قال جل وعلا: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة:٤٤-٤٦] .
فالله جل وعلا مطلع على ما تخبر به الرسل عالم به، وهم صلوات الله وسلامه عليهم صادقون فيما يخبرون، فإذا كان الأمر كذلك -وهذا ما يعتقده العبد المؤمن الصادق في كلام الله وفي كلام رسله صلوات الله وسلامه عليهم- وجب على المؤمن أن يقف على ما جاء عن الله في كتابه وما جاء عن رسله صلوات الله وسلامه عليهم، لا سيما خاتمهم محمد ﷺ، فهو أعلم الخلق بربه وأكملهم معرفة به ﷾، وهذه حجة قوية لصحة هذه القاعدة وسلامتها، وأشار الله ﷾ إليها في قوله: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات:١٨٠-١٨٢] .
فهذه الآية بينت كمال ما وصف الله ﷾ به نفسه، وأنه جل وعلا مستحق لكل كمال وأنه منزه -جل وعلا- عن كل نقص، وفيها الشهادة لصحة طريقة الأنبياء والمرسلين، حيث سلم عليهم فقال: ﴿وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصافات:١٨١]، وفيه بيان خطأ كل طريق يخالف طريق المرسلين حيث قال: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون﴾ [الصافات:١٨٠]؛ لأنهم لا يصلون إلى وصفه كما ينبغي وإلى تعريف الخلق به إلا عن طريق الرسل ﴿وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات:١٨١-١٨٢] وهذا -كما مر معنا في الواسطية- فيه إثبات كمال الأسماء وكمال الأفعال وكمال الصفات له جل وعلا، فهذه الآية من أجمع الآيات الدالة على صحة هذه القاعدة التي ذكرها الشيخ ﵀ في ابتداء حكايته وذكره لمنهج السلف في باب الأسماء والصفات.
7 / 3