Sharh al-Aqeedah al-Waasitiyyah by al-Ghunayman
شرح العقيدة الواسطية للغنيمان
ژانرها
معنى قوله: (لعلي أبلغ الأسباب)
الأسباب المقصود بها هنا: الأشياء التي يتوصل بها إلى المطلوب، فهنا جعل السبب البناء العالي المرتفع، فليس عندهم صواريخ ورافعات، إنما عندهم البناء، والبناء ما يعدو الأرض، ولا يمكن أن يعدو طور قدرة الإنسان المحدودة فهو تمويه زائد، تمويه لا ينطلي إلا على السفهاء أشباه البهائم والأنعام، الذين هم أتباع كل ناعق، وإلا فكل من عنده عقل يدرك غطرسته وكذبه وتزويره، وكونه يبني بناء يصل به إلى السماء مستحيل، ولكن إذا كان الإنسان له رئاسة وله قهر وسلطة، فإنه يُصدَّق بالشيء الذي يكون مستحيلًا، فلهذا اتبعوه على ذلك وصدقوه بهذا التصديق الظاهري فقط، أما بالقلوب والعقول فلا يمكن أن يصدقوه.
وكلمة أسباب تطلق على الحبال، كقوله جل وعلا: ﴿مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ﴾ [الحج:١٥] المقصود بالسبب هنا الحبل؛ لأنه يقول: ﴿ثُمَّ لِيَقْطَعْ﴾ [الحج:١٥] يعني: يضع حبلًا في السقف ثم يضعه في رقبته، ثم ليعجل بموته، يعني: من كان يظن أن الله لا ينصر رسوله، وكان هذا يغيظه، فليعجل بهلاك نفسه بأن يضع سببًا يعني: حبلًا في سقف بيته، ثم ليضعه في رقبته، ثم ليزهق بذلك نفسه، فإن نصر الرسول لابد أن يأتي، فالحبل يسمى سببًا.
ومنه السبب الذي يخرج به الماء وهو الدلو.
ومنه أيضًا الباب كما في هذه الآية: ﴿يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ﴾ [غافر:٣٦-٣٧] المقصود بأسباب السماوات أبواب السماء، وهذا -كما قلنا- تمويه وكذب، وإلا فإنه لم يصل إلى أبواب السماء، ولم يعد قدره.
4 / 7