بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أحمدك حمدا يقل في انتشاره حمد كل حامد، ويضمحل باشتهاره جحد كل جاحد، ويفل بغراره حسد كل حاسد، ويحل باعتباره عقد كل كائد، وأشهد أن لا إله إلا الله، شهادة أعتد بها لدفع الشدائد، واسترد بها شارد النعم الأوابد، وأصلي على سيدنا محمد، الهادي إلى أمتن العقايد وأحسن القواعد، الداعي إلى أنجح المقاصد وأرجح الفوائد، وعلى آله الغر الأماجد، المقدمين على الأقارب والأباعد، المؤيدين في المصادر والموارد، صلاة تسمع كل غائب وشاهد، وتقمع كل شيطان مارد.
وبعد فإن رعاية الإيمان توجب قضاء حق الإخوان، والرغبة في الثواب تبعث على مقابلة السؤال بالجواب، ومن الأصحاب من عرفت الإيمان من شأنه واستبنت الصلاح على صفحات وجهه ونفحات لسانه، سألني أن أملي عليه مختصرا في الأحكام، متضمنا لرؤوس مسائل الحلال والحرام، يكون كالمفتي الذي يصدر عنه أو الكنز الذي ينفق منه.
فابتدأت مستعينا بالله ومتوكلا عليه، فليس القوة إلا به، ولا المرجع إلا إليه وهو مبني على أقسام أربعة (1):
صفحه ۵
القسم الأول في العبادات وهي عشرة كتب (2) نبدأ بالأهم منها فالأهم
صفحه ۷
كتاب الطهارة الطهارة: اسم للوضوء أو الغسل أو التيمم، على وجه له تأثير في استباحة الصلاة (3). وكل واحد منها ينقسم إلى: واجب وندب.
فالواجب من الوضوء: ما كان لصلاة واجبة، أو طواف واجب أو لمس كتابة القرآن إن وجب (4) والمندوب ما عداه.
والواجب من الغسل: ما كان لأحد الأمور الثلاثة (5)، أو لدخول المساجد أو لقراءة العزائم إن وجبا (6). وقد يجب: إذا بقي لطلوع الفجر من يوم يجب صومه (7). بقدر ما يغتسل الجنب. ولصوم المستحاضة إذا غمس دمها القطنة (8). والمندوب ما عداه.
والواجب من التيمم: ما كان لصلاة واجبة عند تضيق وقتها (9)، وللجنب في أحد المسجدين (10)، ليخرج به. والمندوب ما عداه (11).
وقد تجب الطهارة: بنذر وشبهة (12).
صفحه ۸
وهذا الكتاب يعتمد على أربعة أركان (13):
الركن الأول: في المياه فيه أطراف:
الأول: في الماء المطلق: وهو: كل ما يستحق إطلاق اسم الماء عليه، من غير إضافة وكله: طاهر، مزيل للحدث، والخبث (15). وباعتبار وقوع النجاسة فيه ينقسم إلى: جار، ومحقون (16)، وماء بئر.
(أما الجاري): فلا ينجس إلا باستيلاء النجاسة على أحد أوصافه (17). ويطهر بكثرة الماء الطاهر عليه - متدافعا (18) - حتى يزول تغيره. ويلحق بحكمه ماء الحمام، إذا كان له مادة (19). ولو مازجه طاهر فغيره، أو تغير من قبل نفسه (20)، لم يخرج عن كونه مطهرا، ما دام إطلاق اسم الماء باقيا عليه.
(وأما المحقون): فما كان منه دون الكر فإنه ينجس بملاقاة النجاسة. ويطهر بإلقاء كر عليه فما زاد، دفعة، ولا يطهر بإتمامه كرا (21)، على الأظهر. وما كان منه كرا فصاعدا (22) لا ينجس، إلا أن تغير النجاسة أحد أوصافه. ويطهر بإلقاء كر (23) عليه
صفحه ۹
فكر، حتى يزول التغير. ولا يطهر، بزواله من نفسه، ولا بتصفيق الرياح، ولا بوقوع أجسام طاهرة. فيه تزيل عنه التغير.
والكر: ألف ومائتا رطل بالعراقي (24)، على الأظهر. أو ما كان كل واحد من طوله وعرضه وعمقه ثلاثة أشبار ونصفا (25). ويستوي في هذا الحكم مياه الغدران والحياض والأواني، على الأظهر.
(وأما ماء البئر): فإنه ينجس بتغيره بالنجاسة إجماعا. وهل ينجس بالملاقاة؟ فيه تردد، والأظهر التنجيس (26).
وطريق تطهيره بنزح جميعه: إن وقع فيها مسكر، أو فقاع (27)، أو مني، أو أحد الدماء الثلاثة (28) على قول مشهور، أو مات فيها بعير أو ثور. وإن تعذر استيعاب مائها (29)، تراوح (30) عليها أربعة رجال، كل اثنين - دفعة - يوما إلى الليل.
وبنزح كر: إن مات فيها دابة أو حمار أو بقرة. وبنزح سبعين: إن مات فيها إنسان. وينزح خمسين: إن وقعت فيها عذرة يابسة فذابت - المروي أربعون أو خمسون -، أو كثير الدم كذبح الشاة - والمروي من ثلاثين إلى أربعين -... وبنزح أربعين: إن مات فيها ثعلب أو أرنب أو خنزير أو سنور أو كلب وشبهه (31) ولبول الرجل.. وبنزح عشرة:
للعذرة الجامدة وقليل الدم كدم الطير والرعاف اليسير - والمروي دلاء يسيرة -.. وبنزح سبع: لموت الطير والفأرة - إذا تفسخت (32) أو انتفخت - ولبول الصبي الذي لم يبلغ ولاغتسال الجنب (33) ولوقوع الكلب وخروجه حيا. وبنزح خمس: لذرق الدجاج
صفحه ۱۰
الجلال (34). وبنزح ثلاث: لموت الحية والفأرة (35) وبنزح دلو: لموت العصفور وشبهه (36) ولبول الصبي الذي لم يغتذ بالطعام. وفي ماء المطر وفيه البول وخرء الكلاب ثلاثون دلوا. والدلو التي ينزح بها ما جرت العادة باستعمالها (37).
فروع ثلاثة:
الأول: حكم صغير الحيوان في النزح حكم كبيره (38).
الثاني: اختلاف أجناس النجاسة موجب لتضاعف النزح، وفي تضاعفه مع التماثل تردد، أحوطه التضعيف (39)، إلا أن يكون بعضا من جملة لها مقدر، فلا يزيد حكم أبعاضها عن جملتها (40).
الثالث: إذا لم يقدر للنجاسة منزوح، نزح جميع مائها. فإن تعذر نزحها لم تطهر إلا بالتراوح. وإذا تغير أحد أوصاف مائها بالنجاسة، قيل: ينزح حتى يزول التغير، وقيل: ينزح جميع مائها. فإن تعذر لغزارته راوح عليها أربعة رجال، وهو الأولى (41).
ويستحب: أن يكون بين البئر والبالوعة (42) خمس أذرع، إذا كانت الأرض صلبة، أو كانت البئر فوق البالوعة (43) وإن لم يكن كذلك (44) فسبع. ولا يحكم بنجاسة البئر إلا أن يعلم وصول ماء البالوعة إليها. وإذا حكم بنجاسة الماء لم يجز استعماله في الطهارة مطلقا (45)، ولا في الأكل ولا في الشرب إلا عند الضرورة. ولو اشتبه الإناء النجس
صفحه ۱۱
بالطاهر (46) وجب الامتناع منهما. وإن لم يجد غير مائهما تيمم.
الثاني في المضاف: هو: كل ما اعتصر من جسم، أو مزج به مزجا، يسلبه إطلاق الاسم (47). وهو طاهر لكن لا يزيل حدثا إجماعا، ولا خبثا على الأظهر (48). ويجوز استعماله فيما عدا ذلك (49). ومتى لاقته النجاسة، نجس قليله وكثيره، ولم يجز استعماله في أكل ولا شرب. لو مزج طاهره بالمطلق، اعتبر في رفع الحدث به إطلاق الاسم عليه.
وتكره الطهارة (50)،: بماء أسخن بالشمس في الآنية، وبماء أسخن بالنار في غسل الأموات.
والماء المستعمل في غسل الأخباث نجس، سواء تغير بالنجاسة أو لم يتغير، عدا ماء الاستنجاء (51) فإنه طاهر ما لم يتغير بالنجاسة أو تلاقيه نجاسة من خارج. والمستعمل في الوضوء طاهر ومطهر (52). وما استعمل في رفع الحدث الأكبر (53) طاهر. وهل يرفع به الحدث ثانيا؟ فيه تردد، والأحوط المنع. (54) الثالث: في الأسئار (55) وهي: كلها طاهرة، عدا سؤر الكلب والخنزير والكافر . وفي سؤر المسوخ (56) تردد، والطهارة أظهر. ومن عدا الخوارج والغلاة (57)! من أصناف
صفحه ۱۲
المسلمين طاهر الجسد والسؤر.
ويكره: سؤر الجلال، (58). وسؤر ما أكل الجيف، إذا خلا موضع الملاقاة من عين النجاسة. والحايض التي لا تؤمن (59). وسؤر البغال والحمر والفأرة والحية. وما مات فيه الوزغ والعقرب.
وينجس الماء بموت الحيوان في النفس السائلة (60)، دون ما لا نفس له. وما لا يدرك بالطرف (61) من الدم لا ينجس الماء، وقيل: ينجسه، وهو الأحوط.
الركن الثاني: في الطهارة المائية وهي: وضوء وغسل، وفي الوضوء فصول: الأول: في الأحداث الموجبة للوضوء وهي ستة: خروج البول والغايط والريح، من الموضع المعتاد (62)، ولو خرج الغايط مما دون المعدة نقض في قول، والأشبه أنه لا ينقض.
ولو اتفق المخرج في غير الموضع المعتاد نقض، وكذا لو خرج الحدث من جرح ثم صار معتادا. والنوم الغالب على الحاستين (63). وفي معناه: كل ما أزال العقل من إغماء أو جنون أو سكر. والاستحاضة القليلة (64).
ولا ينقض الطهارة: مذي ولا وذي ولا ودي (65). ولا دم: ولو خرج من أحد السبيلين (66) عدا الدماء الثلاثة.. ولا قي ولا نخامة. ولا تقليم ظفر ولا حلق
صفحه ۱۳
شعر. ولامس ذكر ولا قبل ولا دبر ولا لمس امرأة ولا أكل ما مسته النار. ولا ما يخرج من السبيلين إلا أن يخالطه شئ من النواقض (67).
الثاني: في أحكام الخلوة (68): وهي ثلاثة الأول في كيفية التخلي. ويجب فيه ستر العورة. ويستحب ستر البدن. ويحرم استقبال القبلة واستدبارها، ويستوي في ذلك الصحاري والأبنية. ويجب الانحراف في موضع قد بني على ذلك (69).
الثاني: في الاستنجاء: ويجب: غسل موضع البول بالماء، ولا يجزي غيره مع القدرة (70)، وأقل ما يجزي مثلا ما على المخرج (71). وغسل مخرج الغايط بالماء حتى يزول العين والأثر، ولا اعتبار بالرائحة. وإذا تعدى المخرج لم يجز إلا الماء. وإذا لم يتعد كان مخيرا بين الماء والأحجار، والماء أفضل، والجمع أكمل، ولا يجزي أقل من ثلاثة أحجار (72).
ويجب إمرار كل حجر على موضع النجاسة. ويكفي معه إزالة العين دون الأثر (73).
وإذا لم ينق بالثلاثة، فلا بد من الزيادة حتى ينقى. ولو نقي بدونها أكملها وجوبا. ولا يكفي استعمال الحجر الواحد من ثلاث جهات. ولا يستعمل: الحجر المستعمل، ولا الأعيان النجسة، ولا العظم، ولا الروث، ولا المطعوم، ولا صيقل يزلق عن النجاسة (74)، ولو استعمل ذلك لم يطهر.
الثالث: في سنن الخلوة وهي: مندوبات ومكروهات. فالمندوبات: تغطية
صفحه ۱۴
الرأس، والتسمية، وتقديم الرجل اليسرى عند الدخول، والاستبراء (75)، والدعاء عند الاستنجاء، وعند الفراغ (76) وتقديم اليمنى عند الخروج والدعاء بعده.
والمكروهات: الجلوس في الشوارع، والمشارع (77)، وتحت الأشجار المثمرة، ومواطن النزال (78)، ومواضع اللعن (79). واستقبال الشمس والقمر بفرجه، أو الريح بالبول. والبول: في الأرض الصلبة، وفي ثقوب الحيوان، وفي الماء واقفا وجاريا.
والأكل والشرب والسواك. والاستنجاء باليمين، وباليسار وفيها خاتم عليه اسم الله سبحانه.. والكلام إلا بذكر الله تعالى، أو آية الكرسي، أو حاجة يضر فوتها (80).
الثالث في كيفية الوضوء: وفروضه خمسة:
الأول: النية: وهي إرادة تفعل بالقلب. وكيفيتها: أن ينوي الوجوب أو الندب، والقربة. وهل يجب نية رفع الحدث، أو استباحة شئ مما يشترط فيه الطهارة (81)؟ الأظهر إنه لا يجب. ولا تعتبر النية في طهارة الثياب، ولا غير ذلك مما يقصد به رفع الخبث (82)، ولو ضم إلى نية التقرب إرادة التبرد، أو غير ذلك، كانت طهارته مجزية. ووقت النية: عند غسل الكفين (83)، وتتضيق عند غسل الوجه، ويجب استدامة حكمها (84) إلى الفراغ.
صفحه ۱۵
تفريع: إذا اجتمعت أسباب مختلفة (85) توجب الوضوء كفى وضوء واحد بنية التقرب. ولا يفتقر إلى تعيين الحدث الذي يتطهر منه. وكذا لو كان عليه أغسال (86).
وقيل إذا نوى غسل الجنابة أجزأ عن غيره، ولو نوى غيره لم يجز عنه، وليس بشئ (87).
الفرض الثاني: غسل الوجه وهو: ما بين منابت الشعر في مقدم الرأس إلى طرف الذقن طولا، وما اشتملت عليه الإبهام والوسطى عرضا. وما خرج عن ذلك فليس من الوجه. ولا عبرة بالأنزع، ولا بالأغم، ولا بمن تجاوزت أصابعه العذار (88) أو قصرت عنه، بل يرجع كل منهم إلى مستوى الخلقة، فيغسل ما يغسله. ويجب أن يغسل من أعلى الوجه إلى الذقن، ولو غسل منكوسا لم يجز على الأظهر. ولا يجب غسل ما استرسل (89) من اللحية، ولا تخليلها (90) بل يغسل الظاهر. ولو نبت للمرأة لحية لم يجب تخليلها، وكفى إفاضة الماء (91) على ظاهرها.
الفرض الثالث: غسل اليدين: والواجب: غسل الذراعين، والمرفقين، والابتداء من المرفق. ولو غسل منكوسا لم يجز ويجب البدء باليمنى، ومن قطع بعض يده، غسل ما بقي من المرفق. فإن قطعت من المرفق سقط فرض غسلها. ولو كان له ذراعان دون المرفق أو أصابع زائدة أو لحم نابت، وجب غسل الجميع. ولو كان فوق المرفق، لم يجب غسله. ولو كان له يد زائدة وجب غسلها.
الفرض الرابع: مسح الرأس: والواجب منه: ما يسمى به ماسحا (92)
صفحه ۱۶
والمندوب: مقدار ثلاث أصابع عرضا (93) ويختص المسح بمقدم الرأس. ويجب أن يكون بنداوة الوضوء. ولا يجوز استئناف (94) ماء جديد له. ولو جف ما على يديه، أخذ من لحيته أو أشفار عينيه. فإن لم يبق نداوة، استأنف (95).
والأفضل مسح الرأس مقبلا، (96) ويكره مدبرا على الأشبه. ولو غسل موضع المسح لم يجز. ويجوز المسح على الشعر المختص بالمقدم وعلى البشرة. ولو جمع عليه شعرا من غيره (97) ومسح عليه لم يجز. وكذلك لو مسح على العمامة أو غيرها، مما يستر موضع المسح.
الفرض الخامس: مسح الرجلين: ويجب: مسح القدمين من رؤوس الأصابع إلى الكعبين، وهما قبتا القدمين (98) ويجوز منكوسا (99)، وليس بين الرجلين ترتيب (100)، وإذا قطع بعض موضع المسح، مسح على ما بقي، ولو قطع من الكعب، سقط المسح على القدم.
ويجب: المسح على بشرة القدم، ولا يجوز على حائل، من خف أو غيره، إلا للتقية أو الضرورة (101)، وإذا زال السبب أعاد الطهارة على قول (102)، وقيل: لا تجب إلا لحدث، والأول أحوط.
صفحه ۱۷
مسائل ثمان:
الأولى: الترتيب واجب في الوضوء، يبدأ غسل الوجه قبل اليمنى، واليسرى بعدها، ومسح الرأس ثالثا، والرجلين أخيرا. فلو خالف، أعاد الوضوء - عمدا كان أو نسيانا - إن كان قد جف الوضوء، وإن كان البلل باقيا، أعاد على ما يحصل معه الترتيب (106).
الثانية: الموالاة واجبة، وهي أن يغسل كل عضو قبل أن يجف ما تقدمه، وقيل:
بل هي المتابعة بين الأعضاء مع الاختيار، ومراعاة الجفاف مع الاضطرار (104).
الثالثة: الفرض في الغسلات (105) مرة واحدة، والثانية سنة، والثالثة بدعة، وليس في المسح تكرار (106).
الرابعة: يجزي في الغسل ما يسمى به غاسلا، وإن كان مثل الدهن. ومن كان في يده خاتم أو سير، فعليه إيصال الماء إلى ما تحته. وإن كان واسعا، استحب له تحريكه.
الخامسة: من كان على بعض أعضاء طهارته جبائر (107)، فإن أمكنه (108) نزعها أو تكرار الماء عليها حتى يصل إلى البشرة وجب، وإلا أجزأه المسح عليها، سواء كان ما تحتها طاهرا أو نجسا. وإذا زال العذر، استأنف الطهارة (109)، على تردد فيه.
صفحه ۱۸
السادسة: لا يجوز أن يتولى (110) وضوءه غيره مع الاختيار، ويجوز عند الاضطرار.
السابعة: لا يجوز للمحدث مس كتابة القرآن، ويجوز له أن يمس ما عدا الكتابة (111).
الثامنة: من به السلس (112)، قيل: يتوضأ لكل صلاة، وقيل: من به البطن، إذا تجدد حدثه في الصلاة، يتطهر ويبني (113).
وسنن الوضوء (114) هي: وضع الإناء على اليمين، والاغتراف بها، والتسمية، والدعاء وغسل اليدين قبل إدخالهم الإناء، من حدث النوم أو البول مرة، ومن الغائط مرتين، والمضمضة والاستنشاق، والدعاء عندهما، وعند غسل الوجه واليدين، وعند مسح الرأس والرجلين، وأن يبدأ الرجل بغسل ظاهر ذراعيه، وفي الثانية بباطنهما، والمرأة بالعكس، وأن يكون الوضوء بمد.
صفحه ۱۹
ويكره: أن يستعفي طهارته (115)، وأن يمسح بلل الوضوء عن أعضائه.
الرابع: في أحكام الوضوء من تيقن الحدث وشك في الطهارة، أو تيقنهما وشك في المتأخر (117) تطهر. وكذا لو تيقن ترك عضو، أتى به وبما بعده. وإن جف البلل استأنف. وإن شك في شئ من أفعال الطهارة - وهو على حاله (118)، أتى بما شك فيه، ثم بما بعده. ولو تيقن الطهارة، وشك في الحدث أو في شئ من أفعال الوضوء - بعد انصرافه (119). لم يعد. ومن ترك غسل موضع النجو (120) أو البول، وصلى، أعاد الصلاة (121). عامدا كان أو ناسيا أو جاهلا. ومن جدد وضوءه بنية الندب، ثم صلى، وذكر أنه أخل بعضو من إحدى الطهارتين: فإن اقتصرنا على نية القربة، فالطهارة، والصلاة صحيحتان... وإن أوجبنا نية الاستباحة، أعادهما (122). ولو صلى بكل واحدة منهما صلاة، أعاد الأولى بناء على الأول (123). ولو أحدث عقيب طهارة
صفحه ۲۰
منهما، ولم يعلمها بعينها، أعاد الصلاتين إن اختلفتا عددا (124)، وإلا فصلاة واحدة، ينوي بها ما في ذمته. وكذا لو صلى بطهارة ثم أحدث، وجدد طهارة ثم صلى أخرى، وذكر أنه أخل بواجب من إحدى الطهارتين (125). ولو صلى الخمس بخمس طهارات، وتيقن أنه أحدث عقيب إحدى الطهارات، أعاد ثلاث فرائض: ثلاثا والثنتين أربعا (126)، وقيل: يعيد خمسا، والأول أشبه.
وأما الغسل: ففيه: الواجب والمندوب.
فالواجب ستة أغسال: غسل الجنابة، والحيض، والاستحاضة التي تثقب الكرسف (127)، والنفاس، ومس الأموات من الناس، قبل تغسيلهم، وبعد بردهم، وغسل الأموات.
وبيان ذلك في خمسة فصول:
الفصل الأول: في الجنابة والنظر في: السبب، والحكم، والغسل.
أما سبب الجنابة: فأمران:
الإنزال: إذا علم أن الخارج مني، فإن حصل ما يشتبه به، وكان دافقا يقارنه الشهوة وفتور الجسد، وجب الغسل. ولو كان مريضا كفت الشهوة وفتور الجسد في وجوبه. ولو تجرد عن الشهوة والدفق (128) - مع اشتباهه - لم يجب. وإن وجد على ثوبه أو جسده منيا، وجب الغسل، إذا لم يشركه في الثوب غيره.
والجماع: فإن جامع امرأة في قبلها والتقى الختانان، وجب الغسل وإن كانت الموطوءة ميتة. وإن جامع في الدبر ولم ينزل، وجب الغسل على الأصح. ولو وطئ غلاما فأوقبه (129) ولم ينزل، قال المرتضى رحمه الله: يجب الغسل معولا على الإجماع
صفحه ۲۱
المركب (130)، ولم يثبت، ولا يجب الغسل بوطئ بهيمة إذا لم ينزل.
تفريع: الغسل: يجب على الكافر عند حصول سببه، لكن لا يصح منه في حال كفره (131). فإذا أسلم وجب عليه ويصح منه. ولو اغتسل ثم ارتد ثم عاد، لم يبطل غسله (132).
وأما الحكم: فيحرم عليه: قراءة كل واحدة من العزائم (133). وقراءة بعضها حتى البسملة، إذا نوى بها إحداها. ومس كتابة القرآن، أو شئ عليه اسم الله تعالى سبحانه.. والجلوس (134) في المساجد، ووضع شئ فيها (135)، والجواز في المسجد الحرام، أو مسجد النبي صلى الله عليه وآله خاصة، ولو أجنب فيهما لم يقطعهما إلا بالتيمم.
ويكره له: الأكل والشرب، و (تخفف) الكراهة بالمضمضة والاستنشاق، وقراءة ما زاد على سبع آيات من غير العزائم، وأشد من ذلك قراءة سبعين، وما زاد أغلظ كراهية، (136) ومس المصحف (137)، والنوم حتى يغتسل أو يتوضأ أو يتيمم. والخضاب.
وأما الغسل: فواجباته خمس: النية، واستدامة حكمها (138) إلى آخر الغسل.
وغسل البشرة بما يسمى غسلا، وتخليل ما لا يصل إليه الماء إلا به، والترتيب: يبدأ بالرأس، ثم بالجانب الأيمن، ثم الأيسر، ويسقط الترتيب بارتماسة واحدة.
صفحه ۲۲
وسنن الغسل: تقديم النية عند غسل اليدين (139)، وتتضيق عند غسل الرأس، وإمرار اليد على الجسد، وتخليل ما يصل إليه الماء استظهارا، والبول أمام الغسل، والاستبراء، وكيفيته: أن يمسح من المقعد إلى أصل القضيب ثلاثا، ومنه إلى رأس الحشفة ثلاثا، وينتره ثلاثا (140)، وغسل اليدين ثلاثا قبل إدخالهما الإناء، والمضمضة والاستنشاق، والغسل بصاع (141).
مسائل ثلاث:
الأولى: إذا رأى المغتسل بللا مشتبها بعد الغسل، فإن كان قد بال أو استبرأ (142) لم يعد، وإلا كان عليه الإعادة.
الثانية: إذا غسل بعض أعضائه ثم أحدث، قيل: يعيد الغسل من رأس، وقيل:
يقتصر على إتمام الغسل، وقيل: يتمه ويتوضأ للصلاة، وهو الأشبه.
الثالثة: لا يجوز أن يغسله غيره مع الإمكان، ويكره أن يستعين فيه (143).
الفصل الثاني: في الحيض وهو يشتمل على: بيانه، وما يتعلق به.
أما الأول فالحيض: الدم الذي له تعلق بانقضاء العدة (144). ولقليله حد. وفي الأغلب، يكون اسودا غليظا حارا يخرج بحرقة.
وقد يشتبه بدم العذرة (145)، فتعتبر بالقطنة، فإن خرجت مطوقة فهو العذرة. وكل ما تراه الصبية قبل بلوغها تسعا، فليس بحيض، وكذا قيل: فيما يخرج من الجانب الأيمن (146).
وأقل الحيض ثلاثة أيام، وأكثره عشرة، وكذا أقل الطهر (147) ولا حد لأكثره. وهل يشترط
صفحه ۲۳
التوالي في الثلاثة، أم يكفي كونها في جملة عشرة (148)؟ الأظهر الأول. وما تراه المرأة بعد يأسها لا يكون حيضا. وتيأس المرأة ببلوغ ستين، وقيل: في غير القرشية والنبطية ببلوغ خمسين سنة. وكل دم رأته المرأة دون الثلاثة (149) فليس بحيض، مبتدئة كانت أو ذات عادة. وما تراه من الثلاثة إلى العشرة، مما يمكن أن يكون حيضا فهو حيض، [سواء] تجانس أو اختلف (150). وتصير المرأة ذات عادة: بأن ترى الدم دفعة (151)، ثم ينقطع على أقل الطهر فصاعدا، ثم تراه ثانيا بمثل تلك العدة، ولا عبرة باختلاف لون الدم (152).
مسائل خمس:
الأولى: ذات العادة تترك الصلاة والصوم برؤية الدم إجماعا. وفي المبتدئة، تردد، الأظهر أنها تحتاط للعبادة (153) حتى تمضي لها ثلاثة أيام.
الثانية: لو رأت الدم ثلاثة أيام ثم انقطع، ورأت قبل العاشر، كان الكل حيضا.
ولو تجاوز العشرة، رجعت إلى التفضيل الذي نذكره (154) ولو تأخر بمقدار عشرة أيام ثم رأته، كان الأول حيضا منفردا، والثاني يمكن أن يكون حيضا مستأنفا (155).
الثالثة: إذا انقطع الدم لدون عشرة فعليها الاستبراء بالقطنة (156)، فإن خرجت نقية اغتسلت، وإن كانت متلطخة صبرت المبتدئة حتى تنقى أو تمضي لها عشرة أيام (157).
وذات العادة تغتسل بعد يوم أو يومين من عادتها (158). فإن استمر إلى العاشر وانقطع،
صفحه ۲۴
قضت ما فعلته من صوم. وإن تجاوز كان ما أتت به مجزيا.
الرابعة: إذا طهرت، جاز لزوجها وطؤها، قبل الغسل على كراهية.
الخامسة: إذا دخل وقت الصلاة فحاضت، وقد مضى مقدار الطهارة والصلاة، وجب عليها القضاء، وإن كان قبل ذاك لم يجب، وإن طهرت قبل آخر الوقت بمقدار الطهارة وأداء ركعة وجب عليها الأداء ومع الإخلال القضاء.
وأما ما يتعلق به: فثمانية أشياء:
الأول: يحرم عليها كل ما يشترط فيه الطهارة، كالصلاة والطواف ومس كتابة القرآن. ويكره حمل المصحف ولمس هامشه. ولو تطهرت (159) لم يرتفع حدثها.
الثاني: لا يصح منها الصوم.
الثالث: لا يجوز لها الجلوس في المسجد. ويكره الجواز فيه.
الرابع: لا يجوز لها قراءة شئ من العزائم (160). ويكره لها ما عدا ذلك. وتسجد لو تلت السجدة (161).، وكذا إن استمعت على الأظهر.
الخامس: يحرم على زوجها وطؤها حتى تطهر، ويجوز له الاستمتاع بما عدا القبل. فإن وطأها عامدا عالما، وجب عليه الكفارة ، وقيل: لا تجب، والأول أحوط. والكفارة في أوله دينار، وفي وسطه نصف دينار وفي آخره ربع دينار. ولو تكرر منه الوطء في وقت لا تختلف فيه الكفارة (162) لم تتكرر، وقيل: بل يتكرر، والأول أقوى. وإن اختلفت تكررت.
السادس: لا يصح طلاقها إذا كانت مدخولا بها، وزوجها حاضر معها.
السابع: إذا طهرت، وجب عليها الغسل. وكيفيته: مثل غسل الجنابة، لكن لا بد معه من الوضوء قبله أو بعده، وقضاء الصوم دون الصلاة.
الثامن: يستحب أن تتوضأ في وقت كل صلاة، وتجلس في مصلاها بمقدار زمان صلاتها، ذاكرة الله تعالى، ويكره لها الخضاب.
صفحه ۲۵