درختی که در بروکلین رشد میکند
شجرة تنمو في بروكلين
ژانرها
وكانت الآنستان تنمور تعيشان على الشاي الذي تتناولانه عند تلميذاتهما، وكانت الدروس القليلة كل أسبوع وأجر كل درس منها ربع دولار فحسب، لا تجعل حياتهما حياة ميسرة .
ولا يبقى لهما إلا القليل بعد دفع أجرة البيت، ومعظم السيدات يقدمن لهما الشاي الخفيف والقراقيش المعالجة بالصودا، أجل كانت السيدات يعرفن أصول اللياقة ويقدمن لهما فنجانا من الشاي، ولكنهن لم يقصدن تقديم وجبة طعام ويدفعن ربع دولار أيضا، وهكذا أصبحت الآنسة تنمور تنتظر في اشتياق الساعة التي تعطيها لأسرة نولان، فهناك القهوة التي تبعث فيها النشاط، وفطيرة أو شطيرة البولونيا التي تقيم أودها.
وكانت كاتي بعد كل درس تلقن الطفلين ما تعلمته، فتجعلهما يزاولان المران نصف ساعة كل يوم، وبمضي الوقت تعلم ثلاثتهم العزف على البيانو.
وتصور جوني، حين سمع أن ماجي تنمور تعطي دروسا في الصوت، أنه يستطيع أن يبلغ مبلغ كاتي فيما دبرت، وعرض على الآنسة تنمور أن يصلح حبلا في إفريز مكسور بإحدى نوافذ بيتها، نظير درسين في الصوت تتلقاهما فرانسي.
وأخذ جوني، الذي لم ير في حياته حبل إفريز قط، مطرقة وكماشة، وأخرج إطار النافذة كله من غلافه، ونظر إلى الحبل المقطوع، وكان ذلك هو كل ما يستطيع أن يفعله، وحاول ولكنه لم يفعل شيئا، كان متحمسا من أعماقه ولكنه لا يتقن الصنعة، حاول أن يعيد النافذة إلى مكانها ليمنع مطر الشتاء البارد من النفاذ إلى الحجرة، وبينما راح يفكر في الحبل المقطوع، إذا به يكسر لوحا من الزجاج.
وفشلت المقايضة فشلا ذريعا، واضطرت الآنستان تنمور إلى أن تحضرا الزجاج ليصلح النافذة، كما اضطرت كاتي إلى أن تقوم بالغسل للآنستين مرتين دون أن تدفعا شيئا، لتعوض لهما ما كان من فعل جوني، وألغيت الدروس التي كانت ستتلقاها فرانسي في الصوت إلى غير رجعة.
18
وانتظرت فرانسي أيام الدراسة في شوق وشغف، وكان محتاجة إلى كل الأمور التي تصورت أنها تتصل بالمدرسة، إنها طفلة وحيدة تشتاق إلى صحبة الأطفال الآخرين، وتريد أن تشرب من نافورات المياه التي في فناء المدرسة، وكانت حلوق النافورات مقلوبة حتى ظنت أنها تدر ماء الصودا، وليس الماء العادي، وسمعت أمها وأباها يتكلمان عن حجرة المدرسة ، وأرادت أن ترى الخريطة التي تجذب إلى أسفل كالستارة، بل كان أكثر ما تريده هو «أدوات المدرسة» التي تشتمل على دفتر، ولوح كتابة، وصندوق الأقلام ذي الغطاء المنزلق الذي يمتلئ بأقلام الرصاص الجديدة، ومساحة الرصاص، ومبراة صغيرة من القصدير خاصة بالأقلام الرصاص، صنعت على شكل مدفع، «ونشافة» لقلم الحبر، ومسطرة صفراء من الخشب الناعم طولها ست بوصات.
والقانون يأمر بتطعيم الأطفال قبل دخول المدارس، وكم كان ذلك شيئا مخيفا! وحاولت هيئات الصحة أن تشرح للفقراء والأميين أن التطعيم، لم يكن سوى حقن المصل غير الضار من ميكروب الجدري، لتكسب الجسم مناعة ضد الميكروبات القاتلة، لكن الأهالي لم يصدقوا ذلك، وكل ما فهموه هو أن الجراثيم ستحقن في جسم الطفل السليم، ورفض بعض الأهالي الأجانب أن يسمحوا لأطفالهم بأن يطعموا، فلم يسمح لهم بدخول المدرسة، ثم عاقبهم القانون لأنهم لم يرسلوا أطفالهم إلى المدرسة، وسألوا: «أليس هذا بلدا حرا؟»، وراحوا يناقشون ذلك قائلين: أية حرية في ذلك إذا كان القانون يفرض عليك أن تعلم أطفالك، ثم هو يعرضهم للخطر بإدخالهم المدرسة؟
وحملت الأمهات الباكيات أطفالهن مولولات إلى مركز الصحة لتطعيمهم، وكان يبدو عليهن كأنما هن يحملن أطفالهن الأبرياء إلى المجزر، وصرخ الأطفال في جنون حين وقعت أنظارهم لأول مرة على الإبرة، وألقت الأمهات المنتظرات في الحجرة الأمامية أوشحتهن على رءوسهن، وأخذن يصرخن بصوت عال كأنما يولولن على ميت.
صفحه نامشخص