فقال وهو يداري استياءه: لا وقت للمزاح، ولا للخروج على الإجماع.
فهتفت المعلمة بحدة لأول مرة: يا دافع البلاء يا رب، لا يكفينا رجال الحكومة والبلطجية، حتى ينضم إليهم مندوب الطلبة والدستور! - الزعيم نفسه سيطوف بأنحاء القاهرة ليتفقد حال الإضراب بنفسه! - الزعيم سيشرفنا هنا؟ - بشخصه! - أهلا به وسهلا، سنفتح له الأبواب بالمجان! - موقفك غير مفهوم يا هانم! - هانم!
وأغرقت في الضحك. - موقفك غير مفهوم! - أقسم برأس أمي إن الإنجليز سيخرجون من مصر قبل أن تفهم أنت أي شيء.
فقال الشاب بنبرة لم تخل من تهديد: أخشى أن يتعرض الخارجون عن الإجماع لغضب الشعب! - نحن نخدم الشعب من قبل أن تولد لجنة الطلبة. - حتى النساء سيشتركن في مظاهرات الغد.
أجالت المعلمة عينيها بين النساء القابعات أمام البيوت وصاحت بهن: اهتفن معي .. يحيا الإضراب!
وهتف أكثر من صوت: يحيا الإضراب.
ثم ضج الدرب بالضحك، وإذا بالتابع يرجع على صوت الهتاف. ولما رأى الشاب ارتسمت الدهشة في أساريره، وتنبه الشاب إليه فبادله دهشة بدهشة، هرول كل منهم نحو صاحبه وتعانقا بحرارة، وقال الشاب: لا أصدق عيني ...
فقال التابع: ماذا جاء بك إلى هنا؟
وعند ذاك سألته المعلمة: تعرفه؟ - جار العمر، وزميل من أيام المدرسة.
فقالت ساخرة: بسلامته يطالبنا بالإضراب غدا احتجاجا على إلغاء الدستور!
صفحه نامشخص