شهیرات زنان در جهان اسلامی
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
ژانرها
كان من عادة الرشيد أن يتقابل مع وزيره جعفر في هذه النقطة، مدينة الأنبار، عند عودته من بيت الله الحرام، وكان من عادة جعفر أن يولم فيها وليمة كبرى يدعو إليها مولاه الخليفة، ولكن حدث هذه المرة أن الرشيد لم يقبل دعوة وزيره وإنما فضل أن ينزل في قصره الخاص ليرتاح من وعثاء السفر، ففهم جعفر ما ينطوي عليه هذا الرفض ونظر إلى أفق المستقبل فرآه مظللا بسحابة سوداء، اقتربت ساعة الإدبار، إنها لتسرع نحوه وقد أصبح مستقبل ابنه الحسن مظلما، فإذا ألقاه الخليفة في غيابات السجون ماذا تكون حالة العباسة؟ ولم هذا الجد العاثر ونكد الطالع؟ أهذا جزاء صداقته وإخلاصه للخلافة منذ نعومة أظفاره، ألا يعلم الرشيد كل ذلك؟ ماذا فعل للناس حتى يستحق منهم مثل هذا الجزاء، وكأني به يقول لهم: صنعت معكم خيرا فكيف يكون جزائي شرا؟
هذا سؤال يجيب عليه الزمان، الزمان هو الذي يقول: إنهم خانوك لأنك أحسنت إليهم، ألم تسمع قول مشرع الإسلام: «اتق شر من أحسنت إليه»؟
أخذت الأفكار ترد مخيلته تباعا آخذة بعضها برقاب بعض، ولكنه كان لا يصدق أن الخليفة يعلم يوما ما بينه وبين العباسة؛ لأنه كان جد واثق منها ومن رجال معيته، كان يعلم أن منزلته قد قلت في نظر الرشيد، وكان يعزو ذلك إلى الوشايات التي يحيكها الأعداء حوله، وعندما نقل هذه الحالة إلى العباسة وجفاء الرشيد له ارتعشت؛ لأنها كانت تعلم أخاها وأدركت بفطنتها وبعد نظرها أن إدبار جعفر منشؤه علم الخليفة بما بينهما، أراد جعفر أن يقنعها ويسكن جأشها إلا أنه عبثا حاول تخفيف ما تغلف حول روحها من المشاعر المؤلمة، إنها كانت ترتعد تحت عبء رؤيا مفجعة قد انقبض صدرها أمام مشهد مؤلم أصبحت تتوقع حدوثه الساعة قبل الساعة.
كان الرشيد في تلك الآونة قد سار من الأنبار إلى بغداد في السفن وجعل قبل أن يصل العاصمة يشرب تارة ويلهو أخرى وعنده أبو ذكار يغنيه، فلما أقبل المساء دعا مسرورا الخادم، وكان مبغضا لجعفر فقال له: اذهب فجئني برأس جعفر.
بعد أن أتم جملته هذه ملأ قدح الشراب وأخذ يسمع أبا ذكار الذي أنطقته الطبيعة في تلك الساعة الفجيعة بهذا البيت:
فلا تبعد فكل فتى سيأتي
عليه الموت يطرق أو يغادي
وبينما كان الرشيد يستنشد أبا ذكار باقي الأبيات.
كان مسرور في طريقه إلى قصر البرامكة، وعندما وصل هناك دخل على جعفر في غرفته بغير إذن وقال له: الخليفة يطلبك.
وبينما كان جعفر غارقا في لجج من أفكاره عاوده مسرور بقوله: إن الخليفة قد طلبك. - لقد سررتني بمجيئك وسوأتني بدخولك علي بغير إذن. - الذي جئت له أجل، أجب أمير المؤمنين إلى ما يريد بك. فقام جعفر مع رجال حاشيته ورافق مسرورا إلى قصر الخلافة، وهناك ظل رجاله على الباب ودخل معه مسرور إلى الحديقة وعطفا إلى غرفة خاصة على الطريق وهنا قال له مسرور: إن الخليفة يطلب رأسك.
صفحه نامشخص