وهو يتنهد محترقا: كان الصدق غير لائق. - لماذا؟
فقال برجاء: فلنبق على ما بيننا من حب.
وذهبت، ليس من الممكن أن تتلقى نظراتها مرة أخرى قبل أن تصفح.
وقالت وردة: سوف تندم على قرارك. - كلا، لم أعد أطيق الحياة الكاذبة.
وفكرت في قلق، ثم تساءلت: كم أخشى أن أفشل في إسعادك! - لكنني سعيد بالفعل.
وأسلم نفسه للسعادة، ولم يسمح لأي فكرة معادية بأن تكدر صفاءه، وتوقع من بادئ الأمر معارضة من ناحية مصطفى، ولكنه شكمه بلا تردد، وقال له: إني سعيد فهل تكره ذلك؟ حتى شيء من الشعر يتحرك في أعماقي.
وحتى العمل انفتحت له نفسه بعض الشيء، وإن ظل على تحفظه في قبول القضايا. وفي أويقات الراحة بين العمل كان يجدد نشاطه بمحادثتها عن طريق التليفون، ثم يهرع إلى عشه ليجده في صورة باهرة، وتطالعه صاحبته بوجه يتألق بالسعادة. وكانا يفضلان الحياة في الحجرة الشرقية. وفي بعض الأحيان ينطلقان إلى أطراف القاهرة، إلى ملتقيات العشاق، أو يقومان برحلات ليلية إلى الفيوم، أو استراحة الطريق الصحراوي. ولما علمت بماضيه الشعري الذي بشر ببعث جديد عملت على إيقاظه بمحفوظاتها المترعة . وكانت تحفظ تمثيليات شوقي منذ عهد دراستها بالمعهد، كما حفظت الكثير من أشعار الغزل. وقال لها بإعجاب: ما أجمل حبك للشعر!
فحثته على تجديد شبابه الشعري، ولكنه قال بحذر: الشعر جميل، ولكن أجمل منه أن نعيشه!
وقالت له يوما: أنت لم تسألني عن ماضي!
فقال وهو يقبلها: عندما تحل بنا بركة النشوة يملؤنا اليقين، فلا نسأل عن شيء.
صفحه نامشخص