Series of Lanterns of Guidance

Muhammad Hassan d. Unknown
90

Series of Lanterns of Guidance

سلسلة مصابيح الهدى

ژانرها

ذهاب عثمان ﵁ لمفاوضة قريش عام الحديبية وفي العام السادس للهجرة خرج النبي ﷺ وأصحابه للعمرة، وسمعت قريش الخبر، فاستعدت قريش لقتال النبي ﵊ وقالت: إنه لن يدخلها علينا عنوة، ووصل الخبر إلى رسول الله ﷺ، واستقر النبي ﷺ مع أصحابه عند الحديبية على مشارف مكة، وقد ساق الهدي بين يديه؛ ليخبر قريشًا أنه ما جاء محاربًا ولا مقاتلًا ولا غازيًا، وإنما جاء زائرًا ومعظمًا لبيت الله جل وعلا، ولكن قريشًا أبت، وبعثت قريش رسلها؛ لتحول بين النبي ﷺ وبين مكة، ولتحذر الرسول ﷺ بأس قريش، وعاد الرسل؛ ليحذروا قريشًا بأس محمد وأصحابه، فهذا عروة بن مسعود الثقفي آخر هؤلاء الرسل، يرى مكانة النبي ﷺ بين أصحابه، فيرجع إلى قريش قائلًا: يا معشر قريش! إني جئت كسرى في ملكه، وجئت قيصر في ملكه، وجئت النجاشي في ملكه، والله! ما رأيت ملكًا يعظمه قومه مثل ما رأيت أصحاب محمد يعظمون محمدًا! وما رأيت ملكًا يحبه قومه مثل ما رأيت أصحاب محمد يحبون محمدًا، ووالله! إنهم لن يسلموه أبدًا، فروا رأيكم!! ويرى النبي ﷺ أن يرسل رسولًا من عنده؛ ليقنع قريشًا وأشرافها بأنه ما جاء محاربًا ولا غازيًا ولا مقاتلًا، وإنما جاء معظمًا للبيت وزائرًا، وها هو الهدي قد ساقه بين يديه، فمن يختار لهذه المهمة؟ انتدب لهذه المهمة صحابيًا جليلًا يقال له خراش بن أمية الخزاعي، وذهب خراشًا لهذه المهمة الخطيرة، ولم تكد قريش ترى خراشًا ﵁ حتى عقرت ناقته وكادت قريش أن تقتله لولا أن الأحابيش خلصت خراشًا من الموت، وعاد خراش إلى النبي ﷺ؛ ليقص عليه ما حدث، فاختار النبي ﷺ عمر بن الخطاب لهذه المهمة الكبيرة الخطيرة، فقال عمر ﵁: (يا رسول الله! إنك تعلم أنه ليس بمكة أحد يمنعني، ولقد علمت قريش عداوتي وبغضي لها، ولكني سأدلك على رجل أعز مني في قريش) . أتدرون من هو هذا الرجل الذي يصلح وحده للقيام بهذه المهمة الكبيرة؟! إنه عثمان بن عفان ﵁، فاستدعى النبي ﷺ عثمان ﵁، وكلفه بهذه المهمة، ولم يتردد عثمان لحظة، ولم يتلعثم برهة، وإنما انطلق على الفور لمهمة النبي ﷺ، وهو لا يفكر أيرجع حيًا أم يموت شهيدًا بمكة! لكنه الامتثال لأمر رسول الله ﷺ، فرضي الله عن عثمان وأرضاه. وانطلق عثمان إلى أشراف قريش، فبلغهم رسالة رسول الله ﷺ بأن النبي ما جاء غازيًا ولا محاربًا ولا مقاتلًا، وإنما جاء لزيارة البيت ولتعظيمه، وسمع أشراف قريش من عثمان، ونظر عثمان إلى البيت، فلما رآه أشراف قريش ينظر إلى البيت قالوا له: إن أردت أن تطوف بالبيت فطف ولا مانع، أتدرون ماذا قال عثمان؟! نظر إليهم وقال: (والله! ما كنت لأطوف به حتى يطوف به رسول الله!) إنها التربية. فاحتبسته قريش، وشاع الخبر بأن عثمان قد قتل، وهنا قام الصحابة ﵃؛ ليبايعوا النبي ﷺ بيعة الموت، وهي أعظم بيعة عرفها التاريخ كله! إنها البيعة التي سميت ببيعة الرضوان، والتي سجل القرآن ذكرها إلى يوم القيامة، فقال ربنا جل وعلا عن هؤلاء الأطهار الأبرار: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ [الفتح:١٨]، بل ويثني الله جل وعلا على هؤلاء بقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الفتح:١٠]، فقام الصحابة ليمدوا أيديهم ويبايعوا رسول الله ﷺ على الموت، بعدما بلغهم خبر مقتل عثمان، أتدرون ماذا فعل النبي وماذا قال؟! رفع النبي ﷺ يده وقال: (هذه يد عثمان، وضرب بها على يده الأخرى)، يقول أنس: فكانت يد رسول الله ﷺ لـ عثمان خير من أيديهم لأنفسهم. والحديث رواه الإمام الترمذي بسند حسن، وله شاهد في صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمر ﵁. هكذا أيها الأحباب! كانت يد النبي ﷺ مكان يد عثمان ﵁ وأرضاه.

8 / 8