Secrets of Eloquence - Ed. Mahmoud Shaker
أسرار البلاغة - ت محمود شاكر
ناشر
مطبعة المدني بالقاهرة
محل انتشار
دار المدني بجدة
ژانرها
والنور على الهُدَى والبيان في قولك أبديتُ نورًا ساطعًا وكإجراء اليد نفسها على من يعزُّ مكانه كقولك أتنازعني في يدٍ بها أبطِشُ، وعين بها أبصرُ تريد إنسانًا له حُكْم اليد وفعلها، وغناؤها ودَفْعُها، وخاصّةُ العين وفائدتُها، وعزّة موقعها، ولطف موضعها لأنّ معك في هذا كله ذاتًا يُنَصُّ عليها، تَرَى مكانَها في النفس، إذَا لم تجد ذكرها في اللفظ، وليس لك شيءٌ من ذلك في بيت لبيد، بل ليس أكثر من أن تُخَيّل إلى نفسك أن الشَّمال في تصريف الغَداة على حكم طبيعتها، كالمدبّر المصرِّفِ لما زمامُه بيده، ومَقادتُهُ في كفّه، وذلك كلُّه لا يتعدَّى التخيُّلُ والوَهْم والتقدير في النفس، من غير أن يكون هناك شيء يُحَسُّ، وذاتٌ تتحصَّل، ولا سبيل لك أن تقول: كَنَى باليد عن كذا، وأراد باليد هذا الشيء، أو جَعَل الشيءَ الفُلاَنيَّ يدًا كما تقول: كَنَى بالأسد عن زيد، وعَنَى به زَيدًا، وجعل زيدًا أسدًا، وإنما غايتُك التي لا مُطَّلعَ وراءها أن تقول: أراد أن يُثبت للشمال في الغداة تصرُّفًا كتصرُّف الإنسان في الشيء يقلّبهُ، فاستعار لها اليد حتى يبالغ في تحقيق الشبَهِ، وحُكْمُ الزمام في استعاراته للغداة حكم اليد في استعارتها للشمال، إذ ليس هناك مشارٌ إليه يكون الزمامُ كنايةً عنه، ولكنه وفَّى المبالغةَ شَرْطها من الطرفين، فجعل على الغداة زمامًا، ليكون أتمَّ في إثباتها مصرَّفةً، كاجعل للشمال يدًا، ليكون أبلغ في تصييرها مُصَرِّفة،
1 / 46