113

Secrets of Eloquence - Ed. Mahmoud Shaker

أسرار البلاغة - ت محمود شاكر

ناشر

مطبعة المدني بالقاهرة

محل انتشار

دار المدني بجدة

ژانرها

فصل في مواقع التمثيل وتأثيره واعلم أنّ مما اتفق العقلاءُ عليه، أن التمثيل إذا جاءَ في أعقاب المعاني، أو بَرَزَتْ هي باختصار في مَعرِضه، ونُقِلت عن صُوَرها الأصلية إلى صورته، كساها أُبَّهةً، وكَسَبها مَنْقَبةً، ورفع من أقدارها، وشَبَّ من نارها، وضاعف قُواها في تحريك النُّفوس لها، ودعا القُلوب إليها، واستثار لها من أقاصي الأفئدة صبابةً وكلَفًا، وقَسَر الطِّباع على أن تُعطيها محبّة وشَغَفًا، فإن كان مدحًا، كان أبْهَى وأفخم، وأنبلَ في النفوسَ وأعظم، وأهزَّ للعِطْف، وأسْرع للإلف، وأجلب للفَرح، وأغلب على المُمْتَدَح، وأوجب شفاعة للمادح، وأقضى له بغُرِّ المواهب المنائح، وأسْيَر على الألسن وأذكرَ، وأولى بأن تَعْلَقه القلوب وأجدر، وإن كان ذمًّا، كان مسُّهُ أوجعَ، ومِيسَمُه ألذع، ووقعُه أشده، وَحدُّه أحَدّ، وإن كان حِجابًا، كان بُرهانه أنور، وسلطانه أقهر، وبَيَانه أبْهر، وإن كان افتخارًا، كان شَأْوُه أمدّ، وشَرَفه أجَدّ، ولسانه أَلَدّ، وإن كان اعتذارًا، كان إلى القَبُول أقرب، وللقلوب أخْلَب، وللسَّخائم أسلّ، ولغَرْب الغَضَبْ أفلَّ، وفي عُقَد العُقود أَنْفَث، وعلى حُسن الرجوع أَبْعث،

1 / 115