الثالثة، حين كان يجب أن تكون الخامسة على الأقل ... ومتى تأتي الرابعة؟ ورضيعها يبكي ... - أين الجنرال؟ أين الجنرال؟
وتأوهت «نينيا فيدينا» من الألم وهي ترفع الحجر وتدحرجه على الجير الحي كيما تذروه مسحوقا، ويداها مغطاتان بالشقوق العميقة، تنفتح أكثر مع كل حركة تقوم بها، وأطراف أصابعها متسلخة، كلها قروح، دامية الأظافر. وحين كانت تتوقف ضارعة بالرحمة لطفلها وليس لآلامها هي، كانوا يضربونها.
أين الجنرال، أين الجنرال؟
لم تكن مصغية لصوت المدعي العام؛ فقد كان نواح طفلها، الذي يخفت مع مر اللحظات، يملأ كل أسماعها.
وفي الخامسة إلا ثلثا تركوها ممددة على الأرض وقد أغمي عليها، كان ثمة لعاب مخاطي يسيل من شفتيها، بينما لبن أشد بياضا من الجير نفسه يسيل من ثدييها اللذين كانا يسلطان بسياط شبه خفية. ومن آن لآخر كانت ثمة دمعات مسترقة تطفر من عينيها المنتفختين.
وبعد ذلك، حين كان يطل أول خيط من الفجر، أعادوها إلى زنزانتها. وهناك، استيقظت فوجدت طفلها بين يديها، يحتضر، باردا، دونما حياة، كأنه دمية من قش. وانتعش الرضيع شيئا ما حين أحس بنفسه في حجر أمه ، ولم يضع وقتا للهجوم على ثدي أمه في نهم، بيد أنه حين وضع فمه عليه وأحس بطعم الجير الحريف، ترك ثديها وأخذ في الصراخ، ولم يفلح كل ما فعلته بعد ذلك في إغرائه بالعودة إلى الثدي.
وصرخت وأخذت تقرع الباب والطفل بين ذراعيها، كان جسده آخذا في البرودة، لا يمكن أن يتركوا طفلا بريئا يموت هكذا. وبدأت ثانية تقرع الباب وتصرخ. - «آه، إن ابني يموت! آه، إن ابني يموت! آه، حياتي، صغيري، حياتي! تعالوا بحق الله! افتحوا بحق الله، افتحوا الباب! إن ابني يموت! يا للعذراء المقدسة، يا للقديس أنطونيو المبارك، يا يسوع القديسة كاترين!»
وفي الخارج، كانت الاحتفالات تمضي قدما. كان اليوم الثاني كاليوم الأول، بشاشة السينما كالمشنقة، والناس يتجولون حول الحديقة كالعبيد حول عجلة رفع المياه.
الفصل السابع عشر
أحابيل الغرام
صفحه نامشخص