وقال السيد بنيامين محاولا الهرب من هذه الحالة من الخسوف الكامل: «ولكنك تتفرجين وحدك الآن.»
وكأنما كان قد قال: «افتح يا سمسم!» فقد استدارت السيدة بنجامبون جانبا كالجبل وأمسكت به في قبضتها. وصاحت: «بحق العذراء، ها أنا أرفعك لترى!» وحملته بين ذراعيها كطفل وجذبته إلى الباب.
وبصق الأراجوز بصاقا أخضر وأرجوانيا وبرتقاليا ومن كل لون. وبينما كان يرفس صدر زوجته وبطنها، كان ثمة أربعة رجال مخمورين يعبرون الطرف الأقصى من الميدان حاملين جثة الأبله على نقالة. ورسمت السيدة بنجامبون علامة الصليب. لهذا كانت المراحيض العمومية تبكي على الميت، والرياح تعصف كأنها صوت النسور بين أشجار الحديقة ذات اللون الشاحب الترابي.
وهتف الأراجوز حين عادت قدماه تلمسان الأرض: كان على القسيس الذي عقد زواجنا أن يقول لي إنه يعطيني ممرضة وليس خادمة، عليه اللعنة!
وتركته نصفه الحلو يتكلم؛ وليست عبارة «نصفه الحلو» بالعبارة المناسبة هنا؛ فهي كالبطيخة إذا كان هو نصف البرتقالة التي تبحث عن نصفها الآخر.
وتركته يتكلم، بدافع صادر من جزء منه عن عدم فهمها كلمة مما يقول حين يخلع أسنانه الاصطناعية، وفي الجزء الآخر عن احترامها له.
وبعد مضي ربع ساعة، كانت السيدة بنجامبون تغط في نومها كأنما أجهزتها التنفسية تكافح من أجل الحياة داخل برميل اللحم هذا، بينما كان زوجها لا يزال يلعن اليوم الذي تزوج فيه منها وعيناه تقدحان شررا.
بيد أن ذلك الحادث غير العادي عاد بالخير على مسرح العرائس الذي يقيم أوده؛ ذلك أن العرائس قد اتخذت من تلك المأساة موضوعا لها، وكانت تذرف الدموع قطرة قطرة من عيونها الورقية، بفضل شبكة من أنابيب صغيرة تغذيها محقنة وحوض ماء. ولم تكن العرائس حتى ذلك الوقت قد عرفت سوى الضحكات، وكانت إن بكت تفعل ذلك بتقطيب باسم خال من البلاغة التي تضفيها الدموع التي تنساب الآن على خدودها وتسيل على خشبة المسرح التي كانت في السابق محل الكثير من الهزليات الضاحكة.
وكان السيد بنيامين يعتقد أن العنصر التراجيدي في تلك الدراما سيجعل الأطفال يبكون، ولذلك كانت دهشته عظيمة حين رآهم يضحكون من أعماق قلوبهم أكثر من أي وقت مضى، مقهقهين ترتسم علامات السعادة على وجوههم. كان منظر الدموع يثير ضحك الأطفال. وكان منظر الضربات يثير ضحكهم كذلك.
وخرج السيد بنيامين باستنتاج من ذلك: هذا غير منطقي. غير منطقي بالمرة!
صفحه نامشخص