الروم وتفوقها على إيران شاهدا على قدرتها العسكرية ، وتفوقها النظامي ، بل يرون أن هزيمة إيران كانت بسبب الفوضى التي كان سائدة انذاك في جهاز الحكم الايراني.
إن هاتين الدولتين اللتين كانتا تتربعان على عرش السيادة والسياسة العالمية في مطلع ظهور الإسلام كانتا تعيشان حالة سيئة من الفوضى ، والهرج والمرج ، ومن البديهي أن مثل هذه الأوضاع كان من شأنها أن توجد حالة من التهيؤ الكبير والظمأ الشديد إلى دين صحيح يضع حدا ونهاية لتلك الحالة ، ويعيد تنظيم حياتهم.
ظاهرة الجدل العقيم في المجتمع الرومي :
المتعارف أن يعمد جماعة من البطالين والفسقة إلى طرح سلسلة من القضايا والمسائل الخاوية والنقاش حولها بهدف التوصل إلى أغراض فاسدة ، فيستهلكون بذلك أوقات الناس ، ويهدرون أعمارهم على منحر الجدل العقيم.
وهي حالة لها مصاديق كثيرة وشواهد عديدة في كثير من بلاد المشرق ، ولسنا بصدد التوسع فيه فعلا.
وقد كانت « الروم » تعاني يومئذ من مثل هذه الحالة اكثر من اي مكان آخر.
فقد كان ملوك الروم ورجال الحكم والسياسة تبعا لمذاهب دينية كنسية يعتقدون بأن المسيح ذو طبيعتين ومشيئتين ، ولكن طائفة اخرى من النصارى وهم « اليعقوبية » كانوا يقولون بانه : ذو طبيعة ومشيئة واحدة.
وقد وجهت هذه المسألة الباطلة نفسها ، والجدل الواهي حولها ضربة شديدة إلى وحدة الروم ومن ثم استقلالها ، واحدثت في صفوفها انشقاقا عميقا حيث كانت السلطات الحاكمة تضطر إلى الدفاع عن معتقداتها ، ولذلك كانت تضطهد معارضيها ، وتلاحقهم وهذا الاضطهاد والضغط الروحي سبب في لجوء البعض إلى الدولة الايرانية ، كما كان هؤلاء هم الذين تركوا المقاومة عند
صفحه ۹۹