عقيدة العرب حول حالة الإنسان بعد الموت :
وعن مصير الإنسان وحالته ما بعد الموت هذه المشكلة الفلسفية العويصة كانت رؤية العرب ونظرتهم تتلخص في ما يلي :
عند ما يموت الإنسان تخرج روحه من جسده على هيئة طائر شبيه بالبوم يسمى عندهم ب « الهامة والصدى » ثم يبقى هذا الطائر قريبا من جسد الميت ينوح نوحا مقرحا وموحشا ، وعند ما يوارى الميت يبقى هذا الطائر مقيما عند قبره إلى الابد!
وربما وقف على جدار منزل الميت أحيانا لتسقط أخبار عائلته والاطلاع على أحوالهم!!
قال شاعرهم في ذلك :
سلط الموت والمنون عليهم
فلهم في صدى المقابر هام
وإذا كان المرء قدمات بموتة غير طبيعية كما لو قتل مثلا فإن ذلك الحيوان ينادي باستمرار : « اسقوني ... اسقوني » اي اسقوني بسفك دم القاتل واراقته ؛ ولا يسكن عن هذا النواح والنداء الخاص الابعد الانتقام والثأر من قاتله.
قال احدهم في ذلك :
فيارب إن أهلك ولم تروهامتي
بليلي امت لا قبر أعطش من قبري (1)
من هنا بالضبط تتجلى الحقيقة للقارئ ويعلم جيدا كيف أن تاريخ العرب ما قبل الإسلام وتاريخهم ما بعد الإسلام ما هو الا تاريخان على طرفي نقيض :
فذلك تاريخ جاهلية ، ووثنية وإجرام ، وهذا تاريخ علم ووحدانية وانسانية وايمان ، وشتان ما بين وأد البنات ، وبين رعاية الايتام ، وبين السلب والنهب والاغارة وبين المواساة والايثار ، وبين عبادة الاوثان والاصنام الصماء العمياء
صفحه ۵۶